المستوى: السنة الثالثة اعدادي
المادة :اللغة العربية ( القيم الوطنية والإنسانية )
عنوان الدرس : الأغنية الأبدية
النص القرائي
كان الليل وكان بلد الهنود يلتف بظلام شديد حالك، ورغم ذلك كانت مجموعة من الرجال تتقدم عبر الدرب الممتد على طول خليج (الثعابين) مختبئين تحت الأحراج الكثيفة، كانو يتقدمون بخطوة الذئب ويتجنبون وطء الأغصان الصغيرة ، دون أن يهمسوا بكلمة، كان “الداكوتاش” قد اندفعوا لساحة الحرب وها نحن نرى المحاربين يسرعون لمفاجاة العدو قبيل حلول الصباح، كانو يسيرون ويركضون في صمت وكانت تتقدمهم قوة استطلاع فيما ظلت المؤخرة إحدى الفريقات لتحميهم من أية مفاجأة، وانحدر الدرب عن المرعى، ليقودهم نحو أيكة صغيرة ((لنسترح)) قال لهم الزعيم رافعا صوته لأول مرة وأضاف: (( المكان معزول يمكننا أن نشعل نارا)) وعلى الفور جمع المحاربون كومة من الأعشاب والأخشاب المتساقطة، وسرعان ما التمعت النيران فجلسوا حولها في استرخاء أخذ البعض يصلح حذائه المقطوع، فيما رجع بعضهم الى الأقواس والسهام بينما أخد آخرون يعدون وجبة للأكل وأثناء انتظارهم العشاء، أخذ البعض يحكون حكايات معارك ومغامرات عجيبة حدثت منذ زمن بعيد جدا، كانوا يتحدثون عن طلسم ذي قوة خارقة، كان قد حافظ على حياة العديد من المحاربين. وكانو يحكون كيف أن جعبة سحرية كانت تحول سهام الأعداء إلى سلاح يرتد الى قلب من أطلقوها، وكانت النار تصغي – في صمت – لتلك الحكايات وهي تطلق دخانها حتى أطراف الأوراق الخضراء ولكن، في اللحظة التي قام بها عجوز أشيب ليؤدي الصلاة الرسمية، أخذت النار ترتفع وتصطك وهي تلقي بالشرر في كل الاتجاهات. وفي اللحظة نفسها، حدثت ظاهرة أشد غرابة فقد ارتفع غناء من بين الأشجار المجاورة ارتفع الصوت واتسع إلى أن ملأ الأيكة كلها بترنيمه، ثم رق وامتد ناعما ليختلط بتنهيدات الريح فهمس الزعيم: ((اطفئوا النار)) وابتعد في الظلام وبدا القمر وكأنه يستجيب لأوامر سرية، فخرج عندذ من بين السحب، فأضاء انعكاس ضوئه الشاحب جذوع أشجار البتولا الفضية وتقدم المحاربون – في حذر – بين الأعشاب الرطبة، وهم يراقبون حذرين ظلال الأشجار المحنية التي كانت تتأرجح مع الريح. كان الغناء مستمرا أبدا، وكان يتزايد وضوحها كلما اقتربوا من شجرة دردار أعلى من كل الاشجار الأخرى، في الحد الأقصى من الغابة الصغيرة عندئذ تحلق المحاربون في دائرة واسعة حول الشجرة الغامضة. وأخذوا يتقدمون ببطء خطوة خطوة، وأخذت دائرتهم تضيق والغناء يتصاعد، إلى أن بلغ ذروة النغمة العالية، فانطفأ بالسرعة التي بدأ بها و بدأ المحاربون – الذين تجمعوا، الآن، تحت شجرة الدردار الجليلة يفحصونها من أعلى لأسفل، وهم يفتشون جذعها الذي أتلفته تقلبات الجو وجذورها المتشابكة. عندئذ وداخل تجويف بين الجذور، اكتشفوا كومة صغيرة من عظام هيكل عظمي كساه البياض. كانت بقايا محارب مجهول، وبجوار الجمجمة كان يرقد قوسه المحطم، وعن بعد قليل، كانت بعض السهام مبعثرة. فقال لهم الزعيم محطما الصمت المسترخي بالمكان، “ماسمعناه لتونا ورأيناه يشير إلى أن هذا المكان هو آخر مكان ارتاح فيه بطل ضحى بحياته من أجل الاخرين”. ثم واصل كلامه : إن الموت نفسه لايمكن أن يخرس صوت بطل كهذا. إن غناءه يستمرء بلا كللء إلى أن تسمعه آذان الأحيإ في نهاية الأمر ويلتقطوا رسالته وهو ما حدث للتو. يقع على عاتقنا أن نكون لسان حال هذه الأغنية والرسالة التي ترددها عن أكثر الواجبات الإنسانية قداسة: واجب التضحية بالنفس فداء للآخرين. علينا أن نصون هذه الترنيمة في ذاكرتنا، وأن نركع لأوامرها، إلى أن يحين اليوم الذي نصل فيه إلى “بلد الظل”. عندئذ لن تموت أغنيتنا – هي الأخرى – مثل هذه الترنيمة، وسيظل صداها أبديا. من أساطير الهنود الحمر، ترجمة راوية صادق، مجلة الكرمل |
عتبة القراءة
ملاحظة مؤشرات النص
مصدر النص
مقتبس من أساطير الهنود الحمر.
مجال النص
النص ينتمي إلى مجال القيم الإنسانية.
العنوان (الأغنية الأبدية)
- تركيبيا: مركب وصفي يتكون من صفة (الأبدية) وموصوف (الأغنية).
- دلاليا: الأغنية إبداع إنساني يعبر من خلاله الإنسان عن أفراحه أو أحزانه، والأبدية توحي بالخلود والاستمرار مما يضفي عليها صفة الأسطورية بالنسبة للمخلوقات لأن الخالق وحده الدائم.
- معجميا: ينتمي العنوان إلى المجال الإنساني باعتبار الأغنية ميزة إنسانية يعبر من خلالها عن أفراحه أو أحزانه.
بداية النص ونهايته
- بداية النص: فيها مؤشرات دالة على سردية النص (المكان – الزمان – الشخصيات)، بالإضافة إلى مؤشرات أسطورية تتجلى في بعض الأمكنة الخيالية (خليج الثعابين – بلد الظل …)، وتتحدث عن استعداد الهنود الحمر للحرب.
- نهاية النص: تشير إلى الأغنية التي وردت في العنوان وتحدد مصدرها.
نوعية النص
نص حكائي أسطوري ذو بعد وطني / إنساني.
بناء فرضية القراءة
انطلاقا من المؤشرات السابقة يمكن أن نفترض أن موضوع النص يتناول أسطورة الهنود الحمر في حربهم على الغزاة ورمزية التضحية من أجل حريتهم.
القراءة التوجيهية
الايضاح اللغوي
- حالك: شديد السواد.
- الأحراج: المكان الكثيف الشجر.
- الأيكة: الشجرة العظيمة ذات أغصان كثيفة وملتفة حول بعضها.
- كلل: تعب وعياء.
المضمون العام للنص
حكاية المحارب الهندي الذي ضحى بنفسه لأجل وطنه، وترك قصته عبرة لكل محارب عاشق للحرية ورافض للمحتل.
القراءة التحليلية للنص
المستوى الدالي
معجم الحقل الأسطوري
خليج الثعابين – الداكاتوش – زمن بعيد جدا – جعبة سحرية – الصلاة الرسمية – طلسم – قوة خارقة – ظاهرة أشد غرابة – أوامر سرية – بلد الظل …
معجم الحقل الحربي
ساحة الحرب – المحاربين – العدو – قوى استطلاع – الأقواس – معارك – سهام – سلاح – قوس – محارب – التضحية – فداء …
دلالة المعجم
إذا استحضرنا أن الهنود الحمر يسعون إلى جعل حروبهم وتضحياتهم أسطورة أبدية فإن المعجم الأسطوري يعزز المعجم الحربي ليضفي عليه صفة الأبدية.
المستوى الدلالي
مضامين النص
- استعداد الهنود الحمر لمواجهة العدو ومفاجأته.
- استراحة المحاربين وشغل وقتهم بأمور عدة أهمها سرد بطولاتهم الأسطورية.
- انبعاث صوت غريب بين الأشجار وبحث المحاربين عن مصدره.
- اكتشاف مصدر الصوت وسر تلك الأغنية الأبدية.
أسلوب النص
وظف الكاتب أسلوبا سرديا، يقدم أحداثا ووقائع في قالب أسطوري يعتمد الرمزية والخيال، وفي النص مؤشرات دالة على ذلك.
الرموز ودلالاتها في النص
- الأغنية :تستعمل للفرح والحزن وترمز للحرية والتضحية.
- خليج الثعابين: اسم مكان لكنه رمز للدلالة على السم والخطورة، والقتل من أجل الحياة.
- بلد الظل: يرمز للراحة والاستقرار والطمأنينة التي ينشدها الهنود بعد نيل الحرية.
- المحارب المجهول: رمز لكل إنسان مضح ومناضل ليضع كل منا نفسه مكانه ويقتدي به.
- طلسم: يرمز إلى الغموض والسحر والسر الخفي.
المستوى التداولي
مقصدية النص
تهدف أسطورة هذا النص السردي إلى ترسيخ قيم الشجاع والتضحية والتحدي من أجل الحرية والكرامة. .
قيم النص
- قيمة وطنية: قيمة التضحية في سبيل حرية الوطن.
- قيمة إنسانية: مواقف إنسانية في قيم الشجاعة والبطولة والإصرار والتحدي.
- قيمة فنية: بناء النص وفق مقومات الحكاية الأسطورية.
القراءة التركيبية
يقدم النص أسطورة الهنود الحمر في حربهم على المعتدين والغزاة، واستعدادهم الفطري من أجل حماية أنفسهم وإخوانهم وأماكن استقرارهم، غير آبهين بقوة العدو والمفاجآت المفترضة في ساحة الحرب، وبذلك أعطوا نموذجا في الشجاعة والتحدي والإصرار والبطولة.