عنوان الدرس : العولمة: المفهوم، الآليات والفاعلون
المادة : دروس الجغرافيا – الدورة الأولى – الاجتماعيات
الشعب: اداب وعلوم انسانية
المسالك: اداب وعلوم انسانية
تمهيد إشكالي
العولمة مرحلة من مراحل تطور الرأسمالية، تهدف إلى إزالة الحواجز والقيود الجمركية، مما يسمح للمؤسسات التجارية والصناعية بترويج بضائعها بكامل الحرية في الأسواق العالمية، والعولمة ظاهرة شاملة متعددة الأبعاد تطول مختلف مجالات الحياة المعاصرة، تتحكم فيها عدة آليات اقتصادية وتقنية، يقودها عدد من الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمؤسساتيين.
- فما هي العولمة؟
- وما هي الآليات الموظفة في تدبير المجال العالمي؟
- ومن هم الفاعلون في ذلك؟
- وما هي إيجابياتها وسلبياتها؟
مفهوم العولمة وأبعدها
مفهوم العولمة
العولمة ترجمة للمصطلح الإنجليزي Globalisation، وتحليل الكلمة بالمعنى اللغوي تعني تعميم الشيء وإكسابه الصبغة العالمية، وتوسيع دائرته ليشمل العالم ككل، والعولمة اصطلاحا تعني عملية اقتصادية في المقام الأول، ثم سياسية واجتماعية وثقافية، وهي امتداد لفكرة النظام العالمي الجديد بعد انهيار المعسكر الشرقي وانفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم، وتراجع انفراد الدول بممارسة سيادتها على شعوبها وبلدانها، لكن صندوق النقد الدولي عرفها بأنها: التعاون المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحثمه حجم التعامل بالسلع والخدمات، إضافة إلى رؤوس الأموال والانتشار المتسارع للتقنية بالعالم.
أبعاد العولمة
يتخذ مفهوم العولمة عدة أبعاد:
- البعد الاقتصادي: سيادة النظام الرأسمالي، واندماج الأسواق والبورصات، وتزايد تيارات الرساميل على المستوى العالمي، وهيمنة التكتلات الاقتصادية العالمية.
- البعد الثقافي والفلسفي: سيادة ثقافة العالم المتقدم، وإشاعة الثقافة الرأسمالية، وبالتالي تلاشي الخصوصيات الحضارية المحلية، ناهيك عن عولمة القيم وإمكانية إنشاء حكومة عالمية.
- البعد التاريخي: مرحلة متقدمة من مراحل تطور الرأسمالية خاصة بعد نهاية القطبية الثنائية والاتجاه نحو إنشاء منظومة عالمية.
- البعد التكنولوجي: خلق منظومة تكنولوجية كبرى في مجال النقل والإنتاج والمواصلات وانصهار العالم فيها.
- البعد الجغرافي: تزايد الروابط بين الاقتصاد العالمي والاقتصاديات المحلية، وتكوين اقتصاد أرخبيلي.
آليات العولمة
الآليات الاقتصادية
تتمثل في تحرير المبادلات التجارية الدولية، وذلك بإزالة الحواجز الجمركية، والتخلي عن السياسة الحمائية (فتح الحدود أمام تدفق السلع والخدمات الأجنبية)، ووخوصصة القطاعات الإنتاجية، وتفعيل المبادرة الحرة، ومنح حرية تملك وسائل الإنتاج من طرف الشركات والأفراد الأجانب، وتحرير سعر الفائدة في سوق النقد وجعله خاضعا لقانون العرض والطلب.
الآليات التقنية
حدوث تقدم تقني كبير في وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية، وبالتالي اختصار المسافات الجغرافية، واتساع رقعة المبادلات، وتسهيل التواصل بين سكان المعمور، وكذا حدوث ثورة تكنولوجية هائلة في وسائل الاتصال خاصة الأقمار الاصطناعية، والإنترنت، والفاكس …، وفي مجال الإعلام حدثت ثورة هائلة في وسائل الإعلام بظهور الصحافة المرئية والصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية، مما ساعد على سرعة نقل الأخبار، وظهور التجارة الالكترونية، ومجتمع الإعلام.
القوى الفاعلة في العولمة
الفاعل الاقتصادي
من أبرز الفاعلين الاقتصاديين نجد:
- الشركات متعددة الجنسيات: وذلك بالاتحاد فيما بينها لفرض قوانين مالية واقتصادية تخدم مصالحها في مجالات السوق، تداول العملات، الاستثمارات، ترويج السلع …
- المدن العالمية: حيث تعتبر أكثر اندماجا في السوق العالمية، وتحتضن مراكز الشركات متعددة الجنسيات، والبورصات العالمية، ومن أهمها: بورصة طوكيو، بورصة لندن، بورصة نيويورك … .
- المستثمرون: وذلك بالبحث عن استثمارات سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي في جميع ومختلف مناطق العالم.
الفاعل المؤسساتي
من أهم الفاعلين المؤسساتيين نجد:
- القوى الاقتصادية العظمى: وضمنها الدول الثمانية الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، كندا وروسيا)، ومنتدى دافوس (تجمع اقتصادي عالمي يعقد سنويا في مدينة دافوس السويسرية).
- صندوق النقد الدولي: مؤسسة مالية دولية تابعة لهيئة الأمم المتحدة، تقوم بمراقبة السياسات الاقتصادية والمالية في مختلف دول العالم.
- المنظمة العالمية للتجارة: منظمة دولية حلت محل الكات (الاتفاقية العامة حول التعريفة الجمركية والتجارة)، واستهدفت تحرير التجارة العالمية، والعمل على اندماج البلدان الأعضاء في الاقتصاد العالمي.
- البنك الدولي: بنك تابع لهيئة الأمم المتحدة، يمول المشاريع الاقتصادية، ويمنح قروضا للبلدان النامية مقابل تطبيقها برامج الإصلاح الاقتصادي وفق مبادئ الليبرالية.
الفاعل الاجتماعي
المنظمات غير الحكومية المناهضة للعولمة الاقتصادية وفي طليعتها “المنتدى الاجتماعي العالمي”، و”حركة أطاك” …
التمييز بين إيجابيات ومخاطر العولمة
إيجابيات العولمة
توفر العولمة بالنسبة للدول المتخلفة إمكانيات للتنمية والتطور، لكن في إطار أنظمة سياسية ديمقراطية تمكن شعوبها من التأهل للاستفادة من تطور وسائل الاتصال والمواصلات، وإزالة الحواجز الجمركية لتشجيع المنافسة، وتطوير القطاعات الاقتصادية، وتحقيق التنمية المستدامة.
مخاطر العولمة
تهدد العولمة اقتصاديات الدول النامية لأن تحرير التجارة الدولية من القيود الجمركية سيقضي على الصناعات الوطنية بالعالم الثالث لعدم قدرتها على منافسة الشركات الكبرى في العالم، مما يكرس التبعية الاقتصادية، واستفحال الفوارق الاجتماعية، والقضاء على الهوية الثقافية والقيم الأخلاقية المحلية بالمجتمعات النامية.
خاتمة
انطلاقا مما سبق نستطيع القول أن العولمة تتيح فرص كبيرة لتنمية اقتصاديات البلدان المتقدمة، لكنها وبالمقابل تفقد البلدان النامية التحكم في أوضاعها الاقتصادية وتكرس من تبعيتها للدول الرأسمالية مما يفسر ظهور حركات مناهضة لها.