المستوى: الأولى باكالوريا آداب وعلوم انسانية
المادة : الدرس اللغوي – اللغة العربية
عنوان الدرس : الإنشاء الطلبي وغير الطلبي
مفهوم الإنشاء
الانشاء لغة: هو آلايجاد. وفي الاصطلاح: ما لا يحتمل صدقاً ولا كذباً، كالامر والنهي والاستفهام والتمني والنداء وغيرها، فإنك إذا قلت: (اللّهم ارحمني) لا يصح أن يقال لك: صادق أو كاذب، نعم يصح ذلك بالنسبة الى الخبر الضمني المستفاد من الكلام، وهو انك طالب للمغفرة.
الأسلوب الإنشائيّ ينقسم إلى قسمين هما:
- الجملة الطَّلبيّة أيّ التي يطلبُ فيها المتكلم من المخاطب تنفيذ أو عدم تنفيذ أمرٍ ما، كقولك: لا تقلْ غير الحقّ.
- الجملة غير الطلبيّة أيّ التي لا يطلب فيها المتكلم شيئاً من المخاطب كقولك: خذ بنصيحة ذوي الرأي والتجربة.
الإنشاء الطلبي
الانشاء الطلبي هو الذي يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب ـ حسب اعتقاد المتكلم ـ وهو المبحوث عنه في علم المعاني لما فيه من اللطائف البلاغيّة، وانواعه خمسة: الأمر والنهي والاستفهام والتمني والنداء.
الأمر
هو أنْ يطلب المتكلم الفعل من المُخاطب على وجه الإلزام والتَّكليف، ويكون أمراً حقيقياًً إذا صدر من صاحب منزلةٍ عليا إلى صاحب منزلةٍ أقلّ. للأمر صيغٌ أربعةٌ هي:
- بفعل الامر نحو: (اقم الصلاة لدلوك الشمس).
- أو بالمضارع المجزوم بلام الأمر نحو: (وليتق الله ربه)، ومثله الجملة نحو: (يعيد الصلاة).
- أو باسم فعل الامر نحو: (عليكم أنفسكم).
- أو بالمصدر النائب عن فعل الأمر: نحو: (ذهاباً الى بيت الله).
النهي
هو أنْ يطلب المتكلم من المخاطب الكفّ عن فعل أمرٍ ما على وجه الإلزام والتَّكليف من الأكبر إلى الأصغر، وهو امّا:
- بصيغة المضارع المدخول عليها اللا، كقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل..).
- أو بالجملة الدالة على ذلك، كقولك: (حرام أن تفعل كذا).
الاستفهام
هو طلب الفهم، فيما يكون المستفهم عنه مجهولاً لدى المتكلّم، وقد يكون لغير ذلك كما سيأتي، ويقع الاستفهام بهذه الادوات:
- الهمزة كقوله تعالى: (أراغب أنت عن آلهتي).
- هل، كقوله تعالى: (فهل أنتم منتهون).
- ما، كقوله تعالى: (أماذا كنتم تعملون).
- من، كقوله تعالى: (من فعل هذا بآلهتنا).
- أيّان، كقوله تعالى: (يسئلون أيان يوم الدين).
- أين، كقوله تعالى: (أين شركاؤكم..).
- كيف، كقوله تعالى: (كيف تكفرون بالله..).
- انّى، كقوله تعالى: (اني يحيى هذه الله بعد موتها).
- كم، كقوله تعالى: (كم لبثتم في الارض عدد سنين).
- أيّ، كقوله تعالى: (أيّ الفريقين خير مقاماً).
التمني
هو طلب المحبوب الذي لا يرجى حصوله، لاستحالته عقلاً أو شرعاً أو عادة، كقولك: (ليت الشباب لنا يعود) و(ليت السواك كان واجباً) وقوله تعالى: (يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون).
والفرق بين التمنّي والترجّي أن التمنّي يأتي فيما لا يرجى حصوله، ممكناً كان أم ممتنعاً، والترجّي فيما يرجى حصوله.
ويستعمل للترجّي غالباً (عسى) و(لعلّ). قال الله تعالى: (فعسى الله أن يأتي بالفتح)، وقال سبحانه: (لعلّ الله يُحدث بعد ذلك أمراً).
وللتمنّي أدوات أخرى تستعمل فيه مجازاً، مثل:
- (هل): قال تعالى: (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا؟ ).
- (لو): قال تعالى: (فلو أن لنا كرَّةً فنكون من المؤمنين).
- (لعلّ) كقول الشاعر: أسرب القطا هل من يعير جناحه *** لعلّـــي إلى من قد هويت أطير
وقد ينعكس فيؤتى بـ (ليت) مكان (لعل)، قال تعالى: (يا ليتني اتّخذتُ مع الرسول سبيلاً) للتندّم.
النداء
هو الطَّلب من الآخر القدوم والإقبال باستخدام حروف النِّداء، التي تحلُّ محلّ الفعل بمعنى أدعو أو أنادي، وحروف النِّداء تختلف باختلاف مكان المُنادى. وحروف النداء:
- الهمزة، قال الشاعر: (أسكّان نعمان الاراك تيقّنوا…).
- يا، قال تعالى: (ياأيّها النبي اتّق الله…)(74).
- أي، قال الشاعر: (أيها السائل عنهم وعني…).
- أ، كقوله: (أسيد القوم أنّي لست متّكلاً…).
- أي، كقوله: (أي ربّ قوّ المسلمين فإنهم…).
- أيا، كقوله: (أيا من لست أنساه…).
- هيا، كقوله: (… ويقول من فرح: هيا ربّا).
- وا، كقوله: (فوا عجباً كم يدّعي الفضلَ ناقص…).
الانشاء غير الطلبي
الانشاء غير الطلبي ما لايستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب، وهو على أقسام:
- المدح والذم، ويكونان بـ (نعم) و(حبذا) و(ساء) و(بئس) و(لاحبذا)، نحو: (نعم الرجل زيد) و(وبئست المرأة هند).
- العقود، سواء كانت بلفظ الماضي، نحو: (بعت) و(وهبت) أم بغيره، نحو: (امرأتي طالق) و(عبدي حرّ).
- القَسَم، سواء كان بالواو أو بغيرها، نحو: (والله) و(لعمرك).
- التعجّب، ويأتي قياساً بصيغة (ما أفعله) و(أفعل به) نحو): (ما أحسن عليّاً) و(أكرم بالحسين) وسماعاً بغيرهما، نحو: (كيف تكفرون بالله).
- الرجاء، ويأتي بـ (عسى) و(حرى) و(اخلولق) نحو: (فعسى الله أن يأتي بالفتح).
وضع الخبر موضع الإنشاء
يوضع الخبر موضع الإنشاء لاغراض:
- التفأل، كقوله: (عافاك ربّك من بليتّك التي…) وكقوله: (وفّقك الله) و(أصلحك الله).
- الإحتراز عن إتيان الشيء بصورة الأمر، تأدباً ونحوه، كقوله: (ينظر سيّدي إلى مقالي..).
- التنبيه على سهولة الأمر لتوفّر شروطه، كقوله: (تأخذون بنواصي القوم وتنزلونهم من صياصيهم…).
- المبالغة في الطلب تأكيداً، كقوله: (لا تضربون وجوه الناس بالعمد..) لم يقل: (لا تضربوا) مبالغة في النهي حتّى كأنّهم امتثلوا النهي فأخبر عن امتثالهم.
- إظهار الرغبة في الشيء، كقوله: (شفّعني الله محمداً وآله).
وضع الانشاء موضع الخبر
وقد ينعكس الامر فيوضع الإنشاء موضع الخبر لأغراض:
- اظهار العناية بالشيء والإهتمام به، كقوله تعالى: (قل أمر ربّي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجد…)(77) والأصل: وإقامة وجوهكم.. لكنه لعظيم خطر الصلاة اُوتي في صورة الانشاء.
- التأدب بالنسبة إلى عظيم لئلا يساويه غيره في سوق الكلام، كقوله تعالى: (قال انّي اُشهد الله واشهدوا أنّي بريء ممّا تُشركون…)(78) لم يقل: واشهدكم.. لئلا يتشابه الإستشهادان.