Ads Ads Ads Ads

ملف: الثورة العلمية والتكنولوجية – دروس التاريخ – الدورة الثانية – الثانية باك اداب وعلوم انسانية

عنوان الدرس : ملف: الثورة العلمية والتكنولوجية

المادة : دروس التاريخ – الدورة الثانية – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

عرفت أواخر القرن 19م وبداية القرن 20م ثورة علمية ساهمت في قيام ثورة تكنولوجية شملت مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والفكرية.

  • فما هي مظاهر الثورة العلمية والتكنولوجية في القرن 20م؟
  • وما هي نتائج الثـورة العلمية والتكنولوجية في القرن 20م؟

مظاهر الـثورة العلمية والتكنولوجية في القرن 20م

تطور مجال الرياضيات وأهميته

قامت الرياضيات كعلم نظري منذ عهد اليونان، وكانت تمثل المعرفة اليقينية، كما ظلت الهندسة على الشكل الذي وضعه “إقليدس” إلى حدود منتصف القرن19م، حيث قامت عدة أبحاث توصلت إلى بناء نظرية هندسية جديدة، فظهرت الهندسة اللاإقليدية، حيث أصبح بناء الفكر الرياضي يرتكز على فرضيات دون اعتبار لصدقها أو عدمه، وبذلك تأسست الرياضيات المعاصرة التي ساهمت في تطور علوم أخرى.

مظاهر التطور النوعي لعلم الفيزياء

كانت الفيزياء تعتمد على قوانين حتمية منذ تأسيس القانون المعروف بالجاذبية الكونية لصاحبه نيوتن، الذي يعتبر الكون عبارة عن آلة كبرى تخضع أجزاؤها لقوانين حتمية، واجهت انتقادات من طرف أينشتاين صاحب نظرية النسبية، ومن طرف بلانك صاحب نظرية الكوانطا، حيث توصل الأول أن إلى سرعة الضوء ثابتة (300 ألف كلم/ثانية)، وهي أقصى سرعة، واستخلص أن الزمان والمكان ليسا مطلقين، لأنهما تابعين للسرعة، عكس ما جاء به نيوتن (الزمان أو المكان مطلق وعام)، وظهرت نظرية الكوانطا سنة 1900م التي أبرزت أن الطاقة التي تصدرها الأجسام أو تمتصها، تظهر على شكل مقادير منفصلة تسمى كوانطا.

القفزات الهائلة لعلم البيولوجيا (علم الحياة) خلال القرن 20م

أكتشف عالم النباتات النمساوي “منديل” قوانين الوراثة سنة 1865م التي تعني انتقال صفات من الزوجين إلى نسليهما، وسماها عالم النبات الدنماركي “يوهانس” بالجينات، مما دفع علماء القرن19م إلى دراسة التركيب الداخلي لأنسجة الجينات، فظهرت البيولوجيا الخلوية، التي تعتبر الخلية هي الوحدة الأساسية للكائن الحي، وأكتشف العلماء في أواسط القرن20م بفضل اختراع المجهر الإليكتروني ما يسمى بالحمض النووي ، وهو جزيء موجود داخل الصبغي، ثم اكتشفت بنية الحمض النووي ودوره في تركيب البروتين المسؤول عن تشكيل الصفات الوراثية.

مظاهر التطور النوعي في مجال النقل

نظرا لأهميتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فقد شهدت وسائل النقل المختلفة (القطارات، السيارات، الشاحنات، الطائرات، السفن …) تطورا مهما طيلة فترة القرن 20م، في شكلها، وسرعتها، وحمولاتها.

مظاهر التطور النوعي في مجال الاتصال

يؤكد المختصون على أن الاتصال والتواصل بين الناس مر بثلاث مراحل أساسية: المرحلة البدائية: حيث كان المجتمع لا يعرف الكتابة، وساد التواصل بالكلام، ثم مرحلة التواصل بالكلام والكتابة، مع اختراع مطبعة غوتنبرغ ابتداء من 1453م، ثم المرحلة الالكترونية حيث تحولت المجتمعات العالمية إلى ما يشبه قرية صغيرة بسبب الابتكارات المتعددة في مجال الاتصال من الهاتف، التلفاز، الفاكس، الأقمار الاصطناعية والانترنيت …

مظاهر التطور النوعي في مجال الصحة

يشهد قطاع الصحة تطورا مذهلا انطلق خلال القرن20م، ومن أهم مظاهر ذلك التخصيب الاصطناعي، ففي مجال الولادة تقدم مساعدات طبية دقيقة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل العقم، كما أصبحت الجراحة بالليزر تعرف انتشارا كبيرا وتعوض تقنيات الجراحة التقليدية، وفي الوقت المعاصر أصبحت تستعمل الأدوية المعدة وراثيا أو الأدوية المستنسخة، التي يتم إنتاجها بنقل جينات أدوية أخرى لتستجيب للطلب المتزايد، ويتجلى أكبر انجاز تحقق في ميدان الطب في السنوات الأخيرة في اكتشاف العلماء للخريطة الجينية للإنسان، وهي عبارة عن المكونات الجينية لكل شخص، ويراهن الأطباء على هذا الاكتشاف لمعالجة كثير من الأمراض المعدية.

مظاهر التطور النوعي في مجال الفلاحة

تتجلى مظاهر التطورات العلمية في المجال الفلاحي في اختراع آلات متنوعة تستعمل للرفع من المرودية الزراعية والحيوانية (تربية الماشية، انتقاء البذور واستعمال كثيف للمخصبات الزراعية، إضافة إلى إنتاج الأغذية المعدلة وراثيا، وهي أغذية يتم إنتاجها اعتمادا على تقنية بعض المورثات (الجينات) من أغذية أخرى، بحيث تصبح إنتاجيتها مرتفعة، كما أصبح الفلاح في كثير من الدول يستعمل التقنيات الحديثة في تسيير ضيعته، فمثلا يستعمل الفلاح الحاسوب المرتبط بشبكة الانترنيت ويتصل بالشركات الغذائية التي يتعامل معها، وكذا بالمعاهد التي تهتم بالبحث التقني والزراعي ليستفسر عن أموره الفلاحية دون أن يتنقل إلى مقرات هذه المؤسسات.

العوامل المفسرة للثورة العلمية والتكنولوجية

تتجلى أهم العوامل التي تساهم في حدوث وتواصل الثورة العلمية والتكنولوجية في ما يلي:

  • تمويل البحث العلمي: فاليابان مثلا صرفت في سنة 2005م على البحث العلمي نسبة %3.18 من ناتجها الداخلي الإجمالي، وكوريا نسبة %3، والولايات المتحدة الأمريكية نسبة %2.68…، وذلك بهدف تشجيع الابتكارات والاختراعات دور التنافس بين الدول الكبرى الراعي للبحث العلمي في مجال الاختراع، وسرعة إدماج الآلات المبتكرة في مجالات الإنتاج الاقتصادي.
  • يساهم ظهور أنماط جديدة في العيش إلى تطور التقنيات العلمية والتكنولوجية للاستجابة لمتطلباتها.

نتائج الثورة العلمية والتكنولوجية في القرن 20م

ترتب عن الثورة العلمية والتكنولوجية بعض النتائج الهامة، استفادت منها مختلف القطاعات الاقتصادية، حيث ساعد استعمال الآلة في تطور الإنتاج الفلاحي والصناعي، كما ساهمت وسائل الاتصال والمواصلات في تطور قطاع الخدمات، الذي أصبح أكثر القطاعات حيوية في الدول الصناعية، حيث عرفت اليد العاملة تراجعا في الميدان الفلاحي والصناعي في الدول المتقدمة بفضل الثورة التكنولوجية، لكنها حققت في نفس الوقت أخطارا هامة للبشرية كالتلوث، وصناعة أسلحة الدمار الشامل، واتساع الهوة بين دول الشمال ودول الجنوب.

خاتمة

تساهم الثورة العلمية والتكنولوجية في الوقت الراهن في تحطيم البنيات التقليدية في مجالات متعددة اجتماعية وفكرية واقتصادية وغيرها.

النظام العالمي الجديد والقطبية الواحدة – دروس التاريخ – الدورة الثانية – الثانية باك اداب وعلوم انسانية

عنوان الدرس : النظام العالمي الجديد والقطبية الواحدة

المادة : دروس التاريخ – الدورة الثانية – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

أدت التحولات التي عرفها الاتحاد السوفياتي وأوربا الشرقية منذ أواسط الثمانينيات إلى نهاية المواجهة بين المعسكرين وبروز ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، الذي تميز بهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية كقطب وحيد على العالم، وتزايد دور الأمم المتحدة في حل النزاعات، مما خلف ردود فعل قوية اتجاه هذا النظام.

  • فما هو السياق التاريخي لظهور النظام العالمي الجديد؟
  • وما هي وسائل ومظاهر هذا النظام؟
  • وما هي ردود الفعل اتجاه هذا النظام؟

السياق التاريخي لظهور النظام العالمي الجديد والقطبية الواحدة

ظروف تفكك الاتحاد السوفياتي ونهاية قطبيته للمعسكر الاشتراكي

ساهمت مجموعة من العوامل في إضعاف بنية الاتحاد السوفياتي، ومن ثمة انهياره، ومن أهم هذه العوامل:

  • تركيبة الاتحاد السوفياتي القائمة على ضم جمهوريات ذات أعراق وثقافات مختلفة قسرا ضمن إيديولوجية واحدة ترفض التعددية والانفتاح وتقمع الشعوب.
  • الانهيار الاقتصادي الذي أصاب روسيا نتيجة الإفراط في بناء الترسانة العسكرية التي امتصت %70 من النفقات العمومية على حساب الأنشطة الاقتصادية والخدمات الاجتماعية.
  • تمويل الحروب الإقليمية على حساب تلبية الحاجيات الأساسية للسكان.
  • الهزائم العسكرية والسياسية المتتالية للجيش السوفياتي في أفغانستان.

وأمام تلك المشاكل ركز ميخائيل غورباتشوف منذ وصوله إلى السلطة سنة 1985م اهتمامه على إصلاح الأوضاع، فشرع في تطبيق “برنامج البيروسترويكا” (إعادة البناء في المجالين الاقتصادي والاجتماعي) الذي تميز بالانفتاح على المبادئ الرأسمالية، والنهوض بالوضعية الاجتماعية للسكان، كما أعطى انطلاقة “برنامج الكلاسنوست” (الشفافية والديمقراطية السياسية) الذي استهدف ضمان حرية التعبير والإعلام، لكن ورغم هذه الإصلاحات فقد بدأت الجمهوريات السوفياتية تعلن استقلالها واحدة تلوى الأخرى مما أدى إلى تفكك الاتحاد السوفياتي، وتقديم غورباتشوف استقالته سنة 1992م.

دور انهيار الأنظمة الشيوعية الأخرى في ظهور النظام العالمي الجديد

لقد عرفت الأنظمة الشيوعية هي الأخرى ابتداء من سنة 1989م عدة تحولات عجلت بانهيار المعسكر الاشتراكي وبروز النظام العالمي الجديد، ومن أهم هذه التحولات:

  • تخلي مجموعة من الأنظمة الشيوعية عن النهج الاشتراكي، وبدأ اهتمامها يتجه تدريجيا نحو النهج الليبرالي، حيث ألغت هنغاريا  النظام الاشتراكي واعتمدت الليبرالية، وقامت تشيكوسلوفاكيا بثورة سياسية هادئة ألغت نظام الجمهوريات الشعبية وتبنت الليبرالية، وانقسمت في يناير سنة 1993م بشكل سلمي إلى دولتين (جمهورية التشيك، وجمهورية سلوفاكيا)، وقد حصلت نفس التحولات في كل من رومانيا وبولونيا وبلغاريا.
  • إزالة تمثال لينين وهدم جدار برلين وتوحيد الألمانيتين بموجب معاهدة الوحدة الألمانية سنة 1990م.
  • هدم الستار الحديدي بين هنغاريا والنمسا.

هكذا فسح للولايات المتحدة الأمريكية المجال للبروز كقطب وحيد في العالم.

النظام العالمي الجديد: مميزاته مظاهره ووسائله

وسائل ومظاهر هيمنة الولايات المتحدة كقطب وحيد على العالم

  • الهيمنة العسكرية: تمثلت في تزايد التوغلات العسكرية الأمريكية في مناطق جديدة من العالم كالشرق الأوسط ودول البلقان وآسيا الوسطى، ناهيك عن إقامة قواعد عسكرية في مناطق أخرى بهدف الاستعداد لحروب مستقبلية، ومراقبة التسلح النووي بدول أخرى ككوريا الشمالية وإيران.
  • الهيمنة الاقتصادية: تمثلت في التحكم في أهم مناطق النفط بالعالم، وتزايد حجم الاستثمارات الخارجية الأمريكية بدول العالم، علاوة على التوفر على أهم العواصم الاقتصادية العالمية كمدينة نيويورك، والتعامل الاقتصادي مع جميع القوى الاقتصادية الكبرى.
  • الهيمنة الإعلامية: أخذت الولايات المتحدة الأمريكية تبتكر تقنيات جديدة للهيمنة على العالم بمختلف الوسائل، كوسائل الإعلام المختلفة (التلفزيون، السينما …)، وهذا يعني أنها تتجه نحو فرض قيمها وتمثلاتها على باقي دول العالم، كما تمكنت من السيطرة على وسائل الإعلام وتجلى ذلك في الانتشار الواسع للبرامج الأمريكية من أجل خلق مجتمع مستعمر إعلاميا وثقافيا.

دور الأمم المتحدة في ظل النظام العالمي الجديد

أصبحت الأمم المتحدة في ظل النظام العالمي الجديد تلعب دورا مهما في مواجهة النزاعات الدولية، ومن ذلك توصلها إلى مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار في أنغولا سنة 1995م وسنة 2002م، كما ساهمت في إعادة بناء كل من أفغانستان وتيمور الشرقية، وساهمت في فض النزاعات في العديد من الدول الأفريقية كسيراليون سنة 1999م، وساحل العاج وليبيريا سنة 2003م، ورغم ذلك فقد عارضت الولايات المتحدة الأمريكية إعادة انتخاب الأمين العام للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي لكونه يعارض السياسة الخارجية لها، خاصة وأن هذه الأخيرة تحاول توجيه قرارات الأمم المتحدة لصالحها، وهو ما يضع هذه المنظمة أمام تحديات جديدة.

العولمة ظاهرة مميزة للنظام العالمي الجديد

في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات بدأ موضوع العولمة يرسم طريقه في اتجاه الإيديولوجية الليبرالية الجديدة، وأصبحت هذه الظاهرة تعني هيمنة الرساميل والسوق وإلغاء الحدود بالنسبة للسلع والرساميل، وإخضاع السياسة للاقتصاد، وقد كان من نتائجها إضعاف الشعوب والدول إلى درجة يصعب معها تحديد الإطار الخاص بكل مجتمع سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، ناهيك عن احتكار الأقطاب الثلاث المتحكمة في الاقتصاد العالمي ل %86 من المعاملات المالية داخل البورصات، وظهور صراعات ثقافية نتيجة محاولة الغرب تعميم نموذجه الثقافي.

ردود الفعل اتجاه النظام العالمي الجديد

الصراعات الدولية التي شهدها النظام العالمي الجديد

عرف العالم في ظل النظام العالمي الجديد تفاقم حدة المشاكل والصراعات الدولية، ومن أهم الأسباب التي أدت إلى هذه الصراعات هناك: الفرق الشاسع في مستوى ودرجة النمو السوسيو اقتصادي ما بين دول الشمال ودول الجنوب، علاوة على تنامي الروح الوطنية وعدم الاندماج، والتجزئة في دول وجهات العالم، ومن أهم هذه الصراعات نجد:

  • حرب رواندا: وهي حرب أهلية بين الهوتو من جهة والتوتسي من جهة أخرى، خلفت آلاف الضحايا خلال التسعينيات ونزوح العديد من السكان.
  • حرب كوسوفو: اندلعت هذه الحرب سنة 1990م عندما حاول الألبان المسلمون الاستقلال، حيث تدخل الصرب وارتكبو مجازر في حقهم سنة 1999م قبل أن تقوم قوات حلف الشمال الأطلسي باحتلال المنطقة.
  • الصراع العربي الإسرائيلي: وهو صراع ناتج عن تمادي إسرائيل في احتلال المناطق العربية.

تصاعد حركات التطرف والإرهاب

من أهم الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة:

  • ارتفاع معدلات الفقر.
  • استمرار التوترات الإقليمية.
  • الانتهاك المستمر لحقوق الإنسان.
  • تفاقم مشكل البطالة.
  • التقسيم غير العادل للشرعية الدولية.

كل هذه العوامل كانت نتيجة تناقضات النظام العالمي الجديد، مما أسفر عن بروز ظاهرة التطرف والعنف السياسي والإرهاب بأبعاده الإقليمية والعالمية (أحداث  11شتنبر).

ردود فعل بعض الدول والمنظمات إزاء النظام العالمي الجديد

  • الخلاف بين القوى العظمى: فألمانيا واليابان كانتا من أكثر الدول استفادة من انهيار الاتحاد السوفيتي، فالتفوق الاقتصادي لهذين البلدين كان يبشر بظهورهما كعملاقين اقتصاديين، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية خشيت على مصالحها، وسعت إلى احتلال العراق والسيطرة على نفط العالم، وهو ما يعني ظهور حرب باردة جديدة بين القوى العظمى.
  • رغبة ألمانيا في الحصول على حق الفيتو: فألمانيا تسعى جاهدة في الحصول على هذا الحق نتيجة للعديد من الأسباب، أهمها مساهمتها في تحقيق الأمن والسلم العالميين، واعتبرت ألمانيا كذلك أن منح هذا الحق لها سيشكل تطورا كبيرا للمنتظم الدولي.
  • المنتدى الاجتماعي العالمي: منتدى تأسس سنة 2001م في بورتو يعنى بالشؤون الاجتماعية والديمقراطية في العالم، ومناهضة نظام العولمة.

خاتمة

وبذلك يظهر أن الأوضاع الدولية بدأت تعرف تحديات كبيرة في ظل النظام العالمي الجديد أهمها تزايد حجم الهوة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بين دول الجنوب ودول الشمال.

تصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث – دروس التاريخ – الدورة الثانية – الثانية باك اداب وعلوم انسانية

عنوان الدرس : تصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث

المادة : دروس التاريخ – الدورة الثانية – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

تطور الوعي بضرورة التحرر في المستعمرات الإفريقية والأسيوية في فترة ما بين الحربين، واستغلت بعض المستعمرات ظروف الحرب العالمية الثانية وظهور منظمة الأمم المتحدة وحركة دول عدم الانحياز للمطالبة بالاستقلال، وشكلت المستعمرات المستقلة نتيجة تخلفها الاقتصادي والحروب الأهلية ما سمي بالعالم الثالث.

  • فما هي أسباب ومراحل تصفية الاستعمار؟
  • وما هي مشاكل العالم الثالث وجهود التغلب عليها؟
  • وماذا عن حركة عدم الانحياز وباقي التكتلات الإقليمية؟

ظروف وعوامل حركات تصفية الاستعمار في العالم

دور الاستغلال الاستعماري في تصاعد الحركات التحررية

اهتمت الشركات الاستعمارية باستغلال المعادن الثمينة بالمستعمرات كالذهب، النحاس، الماس … الخ، ناهيك عن الهيمنة الكبيرة على المنتجات الفلاحية كالبن، الفول السوداني، الموز … الخ، كما فرضت الأنظمة الاستعمارية ضرائب ثقيلة على السكان، وسخرتهم لخدمة المصالح الاستعمارية، وفرضت عليهم الأعمال الإجبارية في بناء الموانئ، الطرق، السكك الحديدية … ،الخ بدون مقابل أو بأجور زهيدة وفي ظروف صعبة، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية كثفت الدول الاستعمارية من استغلالها لخيرات المستعمرات، وأدت كل هذه التحولات إلى انعكاسات سلبية على أوضاع السكان الاجتماعية والاقتصادية، حيث تزايدت حالة البؤس الاجتماعي، تفقير السكان، ارتفاع البطالة، الهجرة القروية … وغيرها، وهذا ما جعل السكان ينتفضون ضد الاحتلال.

دور المؤسسات والاتفاقيات الدولية في تصاعد الحركات التحررية

ساهمت المبادئ الأربعة عشر التي حملها الرئيس الأمريكي “ولسون” إلى مؤتمر السلام سنة 1919م في تصاعد الحركات التحررية بالعالم الثالث، لكونه دعا من خلالها إلى ضمان حق الشعوب في تقرير المصير، ولقد لقيت مدونة الرئيس الأمريكي ترحيبا كبيرا في معظم دول العالم الثالث، ففي الجزائر مثلا وجه الوطنيون الجزائريون رسالة إلى الرئيس الأمريكي عبروا فيها عن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية المزرية للسكان في ظل الهيمنة الفرنسية، كما طالبوا بوضع حد للاضطهاد الذي تتعرض له الشعوب، ومن أهم الاتفاقيات الدولية التي ساهمت في تصاعد الحركات التحررية أيضا، هناك الميثاق الأطلسي الذي وقعته فرنسا وبريطانيا سنة 1941م، والذي يقضي باعتراف الجانبين بحق الشعوب في تقرير المصير، كما ساهمت في تصاعد المد التحرري المبادئ التي نادت بها الأمم المتحدة من أجل المحافظة على السلم والأمن الدوليين، وتعزيز التعاون الدولي في مختلف المجالات، علاوة على احترام حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير المصير.

دور الصراع الرأسمالي الاشتراكي في إذكاء الحركات التحررية بالعالم

في إطار الصراع الإيديولوجي ما بين المعسكرين الغربي والشرقي عمل هذا الأخير على دعم الحركات التحررية ذات الميول الاشتراكية (من بينها الفيتنام التي كانت تقبع تحت الاحتلال الفرنسي …)، بينما عملت الولايات المتحدة الأمريكية على دعم كل الأنظمة الرأسمالية، يضاف إلى كل تلك العوامل نمو الوعي لدى المستعمرات.

خصائص النضال لبعض نماذج الحركات التحررية بالعالم

الحركة التحررية بالهند: نموذج للمقاومة السلمية

طالب غاندي باستقلال الهند من الاحتلال الإنجليزي باعتماد طريقة اللا عنف، ومن أهم خصائص هذه الطريقة:

  • عدم استعمال العنف ضد الانجليز باعتباره أكبر قوة توجد في متناول الإنسان.
  • مقاطعة البضائع الأجنبية، ورفض أداء الضرائب.
  • الاعتماد على الإمكانات المحلية في التغذية والملبس.
  • التوصل إلى وضع حد للصراعات بين المسلمين والهندوس.

هكذا لقيت دعوة غاندي تجاوبا كبيرا لدى الشعب الهندي وأجبرت إنجلترا على الاعتراف باستقلال الهند سنة 1947م.

الحركة التحررية بالجزائر: نموذج للمقاومة المسلحة

في فاتح نونبر 1954م انطلق العمل المسلح في الجزائر بتنفيذ عدة عمليات مسلحة في منطقة القبائل وقسطنطينة ثم أخذ يتوسع تدريجيا حتى شمل مجموع التراب الجزائري سنة  1955م، بل انتقل إلى فرنسا ذاتها سنة 1958م، وبالرغم من الإجراأت التي اتخذتها سلطات الاحتلال من أجل الحفاظ على وجودها بالجزائر فالكفاح المسلح لم يزدد إلا شدة، وتمكنت “جبهة التحرير” من تحقيق انتصارات كبيرة تمثلت في إلحاق أضرار جسيمة بعملاء المستعمر ومنشآته الاقتصادية والإدارية، وهكذا دخل الشعب الجزائري في حرب تحررية ضد فرنسا انتهت باعتراف هذه الأخيرة باستقلال البلاد سنة 1962م أن بعد كلفت الجزائريين مليونا من الشهداء.

العالم الثالث: مشاكله غداة الاستقلال وبعض تكتلاته

بعض مشاكل العالم الثالث غداة الاستقلال

  • ارتفاع المديونية: وبالتالي تراجع الواردات مما ينعكس سلبا على وضعية السكان الاجتماعية والاقتصادية.
  • الاعتماد في التصدير على المواد الأولية، وهي مواد ذات قيمة إضافية جد منخفضة.
  • عدم التوازن بين حجم الإنتاج الغذائي وعدد السكان، علاوة على مشكل التبعية الاقتصادية للخارج.
  • معاناة بعض بلدان العالم الثالث من صراعات عرقية وسياسية.
  • ارتفاع معدل الخصوبة مما يفسر التزايد السكاني السريع، والذي يترتب عنه مشاكل حضرية خطيرة (الجريمة، الهجرة السرية، ارتفاع معدلات البطالة، السكن العشوائي، الباعة المتجولون … الخ).
  • ارتفاع معدلات الأمية، وتزايد معدلات الهجرة القروية.

ظهور دول العالم الثالث وحركة عدم الإنحياز

دول العالم الثالث: هي تلك الدول الحديثة العهد بالاستقلال، والتي أخذت تعمل من أجل التخلص من الوقوع تحت سيطرة إحدى المعسكرين، وأن تصبح غير منحازة لأي من الكتلتين، ومن هنا نشأت بذور عدم الانحياز والتي تبلورت في البداية في مؤتمر البلدان “الافرو آسيوية في” باندونغ بأندونيسا سنة 1955م، ومن بين أهم أهدافها:

  • احترام حقوق الإنسان.
  • احترام سيادة الدول.
  • العمل على حل النزاعات السياسية بطرق دبلوماسية.
  • تحقيق التنمية في العالم الثالث وإخراجه من التخلف.
  • مناهضة الاستعمار وتأكيد حق الشعوب في تقرير مصيرها …

وتعزز ظهور هذه الحركة بفضل جهود بعض الزعماء من أشهرهم: الرئيس الهندي نيهرو، والرئيس المصري جمال عبد الناصر، والرئيس اليوغوسلافي جوزيف تيتو، وبموجب مؤتمر بلغراد لسنة 1961م تأسست رسميا حركة عدم الانحياز التي قامت على خمس مبادئ هي:

  • اتخاذ موقف محايد من الصراع الدائر بين الكتلتين.
  • عدم الانضمام إلى أي حلف عسكري تابع .لهما
  • عدم عقد اتفاقية ثنائية مع دولة كبرى.
  • عدم السماح لدولة أجنبية بإقامة قواعد عسكرية فوق أراضيها.
  • تأييد حركات الاستقلال الوطني.

التكتلات الإقليمية لدول العالم الثالث بعد الحرب العالمية الثانية

إذا كانت دول العالم الثالث قد انخرطت كلها في حركة عدم الانحياز، فإنها في نفس الوقت انقسمت إلى منظمات إقليمية، من أهمها:

الجامعة العربية

الجامعة العربية منظمة عربية تأسست في 22 مارس 1945م، تضم حاليا 22 دولة عربية في الشرق الأوسط وإفريقيا، وتشير إحصاأت 2007 إلى وجود حوالي 535 510 339 نسمة تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية:

  • تحقيق التعاون العربي في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (شؤون الثقافة، شؤون الجنسية والجوازات، شؤون المواصلات…).
  • توثيق الصلات بين الدول الأعضاء وتنسيق خططها السياسية.
  • المحافظة على السلام والأمن بين الدول الأعضاء.
  • تأمين مستقبل الدول الأعضاء وتنسيق الدفاع عن الدول العربية.
رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)

تأسست سنة 1967م من طرف 6 دول تهدف إلى:

  • مواجهة التحدي الشيوعي في المنطقة.
  • تسوية النزاعات الحدودية التي تعاني منها بعض الدول، والتخفيف من حدة النزاعات التي مازالت قائمة.
  • إقامة منطقة حرة بين دول الرابطة وهو ما تأتى لها بموجب إعلان سنغافورة سنة 1992م.
منظمة الوحدة الإفريقية

تأسست على اثر قمة أدبس أبابا يوم 25 ماي 1963م، ومن أهم مبادئها:

  • محاربة جميع أشكال الاستعمار بإفريقيا.
  • تنمية التعاون بين الدول وفقا لمبادئ هيئة الأمم المتحدة.
  • احترام سيادة وحدود كل الدول.
  • تسوية الخلافات بين الدول الأعضاء بالطرق السليمة.
  • عدم الانحياز إلى أحد المعسكرين.

وبذلك يلاحظ انسجام أهداف هذه التكتلات مع قرارات حركة عدم الانحياز.

خاتمة

هكذا فقد خاضت بلدان العالم الثالث كفاحات طويلة بطرق ووسائل مختلفة من أجل التحرر والاستقلال، لكنها مازالت تعاني من مخلفات الاستعمار، وتتخبط في دوامة من النزاعات السياسية، ومشاكل التخلف والتبعية الاقتصادية والثقافية.

Ads
Ads Ads Ads Ads
Ads