Ads Ads Ads Ads

مفهوم الإبداع – مدخل مفاهيمي – دروس النصوص – اللغة العربية – الأولى باك علوم

المستوى: الأولى باك علوم تجريبية والأولى باك علوم رياضية

المادة : دروس النصوص – اللغة العربية

عنوان الدرس : مفهوم الإبداع – مدخل مفاهيمي

مفهوم الإبداع

يعرف الإبداع على أنّه القدرة على الإتيان بأمر جديد في أي مجال من مجالات العلوم أو الفنون أو الحياة بصفة عامة، كما يمكن وصف طرق التعامل مع الأمور المألوفة بطرق غير مألوفة على أنّها إبداع، ويدخل في نطاق ذلك دمج الأفكار والطرق القديمة بعد تمريرها على المخيلة للخروج بنتيجة جديدة، ويكون الإبداع في الغالب فرديّاً، وهو المرتبط بالفنون أو الابتكارات العلميّة، إلا أنه يمكن إخراج عمل إبداعي بواسطة المشاركة الجماعيّة لعدة أشخاص.

أنواع الإبداع

  • الإبداع التعبيري: يتميز مبدعو هذا المجال بالقدرة على الإلقاء بين الناس، كما يتميّزون في المجالات المتنوعة مثل: الفن، والأدب، والثقافة.
  • الإبداع الفني: يتميّز مبدعو هذا المجال بالقدرة على العزف على الآلات الموسيقية، أو الغناء.
  • الإبداع الإنتاجي: يتميز مبدعو هذا المجال بابتكار الحلول الإدارية غير التقليدية، ويستخدم عادةً في المجالات الإدارية المتنوعة.
  • الإبداع الخلاق: يمتيز مبدعو هذا المجال بإيجاد حلول للمشاكل أو المواد بكلٍ فعّال.
  • الإبداع المتجدد: يتميز مبدعو هذا المجال باختلاق الحلول المثالية والجذرية للمشاكل المختلفة.
  • الإبداع المفاجئ: يتميز مبدعو هذا المجال بإيجاد حلول للمشاكل الطارئة أو المفاجئة.

مراحل الإبداع

مرحلة الإعداد أو التحضير

ينغمس الفرد المبدع أو الفريق المبدع في هذه المرحلة في المشكلة، فهي مرحلة جمع للمعلومات، أما في عمل الفريق فهي مرحلة جهد تضامني تبدأ فيها صياغة الأدوار، وتعيين مساحات الاهتمامات الخاصة لكل الأعضاء، والتنسيق، والربط بين المهمات، وتشهد هذه المرحلة أحياناً تباطؤ في عملية الإبداع فعلياً، أو ظاهرياً، وخاصة عندما لا ينتج عن كثير من مسالك البحث والتحليل المطروحة إضاأت مُرشدة يمكن أن تلمس جدواها في وقتها، وهناك العديد من البحوث التي تُشير إلى أن من يُخصصون الكثير من الوقت لتحليل المشكلة، ومعرفة عناصرها قبل البدء في حلها هم الأكثر إبداعاً ممن يُسارعون في حل المشكلة.

مرحلة الاحتضان

مرحلة الاحتضان هي مرحلة ترتيب يتحرر العقل من خلالها من العديد من الأفكار، والشوائب التي لا ترتبط بالمشكلة، وهي تشمل هضماً عقلياً شعورياً، ولا شعوري، وامتصاص لكافة المعلومات، والخبرات المكتسبة المناسبة التي ترتبط بالمشكلة، إضافة إلى تميز هذه المرحلة بالجهد الكبير الذي يبذله المبدع من أجل حل المشكلة، وتعود أهمية هذه المرحلة إلى إعطائها فرصة للعقل للقضاء على الأفكار الخاطئة التي بإمكانها إعاقة الأجزاء المهمة منها.

مرحلة الإشراق

مرحلة الإشراق هي مرحلة الحضانة، وعمل الدماغ الصامت، فباستطاعة الأفكار، والاختراعات في هذه المرحلة الخروج دون أي مُقدمات، أو إشارات، ومن الأمور الأكثر شيوعاً في ولادة الأفكار الجديدة هي أن المبدع لا يُفاجأ بولادة الحل العبقري المكتمل النهائي، بل يُفاجأ بزاوية نظر جديدة تدفعه بشكل مُفاجئ، ومُلح إلى ترك كل ما في يده، والرجوع إلى مُعالجة المشكلة دون معرفته لماذا، وحين قيامه بذلك يشعر بالسعادة، وحينما يكون المشروع الإبداعي عمل فريق فإن مرحلة الإشراق هي المرحلة التي تسوق الأعضاء ليجتمعوا، وليُصدروا أفكاراً، وإبداعات جديدة.

مرحلة التحقيق

يتعين على المبدع في مرحلة التحقيق أن يختبر الفكرة، ويُعيد النظر بها ليرى هل هي فكرة كاملة ومُفيدة، أو بحاجة إلى شيء من التهذيب، والصقل، فهي مرحلة تجريب للفكرة الجديدة المبدعة، وهي الفيصل بين الإبداع المجرد، وبين الابتكار الموفق، فالأفكار الجديدة تحتاج إلى الحركة، والإصرار، والقدرة على البناء، والشجاعة، وتلعب الإدارة في هذه المرحلة دوراً مهماً في تشجيع، وإنجاح العمل الإبداعي.

معوقات الإبداع

  • عدم الثقة بالنفس.
  • الخوف من تكرار الأخطاء.
  • صعوبة تحديد الأهداف والوسائل.
  • الخوف من المجتمع، والعادات والتقليد.
  • عدم تحفيز الأفراد.
  • عدم الطموح.
  • الافتقار إلى الحماس.

مفهوم التواصل – تحليل نص ‘التواصل’ لنور الدين أفاية – دروس النصوص – اللغة العربية

المستوى: الأولى باك علوم تجريبية والأولى باك علوم رياضية

المادة : دروس النصوص – اللغة العربية

عنوان الدرس : مفهوم التواصل – تحليل نص ‘التواصل’ لنور الدين أفاية

سياق النص

التواصل باللغة، وغير اللغة، وداخل المجال التداولي، والمخيلة فيه ركيزة أساسية، من انشغالات الفكر المعاصر الذي عاب على عقلانية الحداثيين، ممارسة سلطة العقل والعلم بكيفية آلية قزمت حضور الإنسان، وأفضت إلى إيديولوجية لا عقلانية تغيب فيها الأخلاق وتحضر السيطرة والتشييء، فالتواصل اللغوي وغير اللغوي يحمل خبراً يتحول إلى سلوك، ودلالة على مضمون، وتتعدد السلوكات والمضامين وتتعالق وتتفاعل فتسنج علاقات بين الأنا والآخر ليست دائما رهينة تواصل جيد، والتواصل الما بعد الحداثي هو تواصل مفتوح يعبر عن أزمة الكائن البشري في هذا الكون، وعجزه عن بناء جماعة إنسانية منسجمة رغم الشعارات المثالية للفكر الليبرالي الحر أول من ينتهكها منتجوها.

وفي هذا الإطار يحاول أفاية مقاربة مفهوم التواصل في كتابه ”المتخيل والتواصل، مفارقات العرب والغرب” حيث يرى أن وسائل التواصل الحديثة فرضت نفسها بصورها ومخيلتها في تكوين المعارف والتزويد بها، فتجاهلها تجاهل للواقع لا وعي به، وأن الضرورة باتت ملحة في ظل الآفاق المنفتحة للتواصل لتقييم الأنا والآخر لمدركاتهما عن بعضهما وتصحيح المختل منها في إطار تفاعل إيجابي بعيد عن الاستعلاء والهيمنة أوالرفض والمعاداة.

ملاحظة النص

بالنظر إلى عنوان النص، ومن خلال نظرة عمودية سريعة في صدور الفقرات يتضح أنه يرهن تقاطع الفردي والجماعي بوجودهما في دائرة التواصل القائم على انتقال الرسالة اللغوية أو الخدمات أو الممتلكات على نحو تفاعلي بين المرسل والمرسل إليه مبثوثة ومستقبلة داخل سياق سوسيوء سيكولوجي يضبط العلاقة بين أطراف عملية التواصل، بما يؤسس شكل التبادل داخل الجماعة المتواصلة على مستوى المدرك الذهني والسلوك الاجتماعي والوجداني، الذي لا يخلو من اضطراب أو تعقيد بسبب كثرة المعيقات المرتبطة بالمصالح أو الخلفيات الإيديولوجية.

فهم النص

تقوم مقاربة مفهوم التواصل في النص على دعامات فكرية أساسية هي:

  • التواصل شرط لقيام الحياة الاجتماعية باعتباره تبادلا لبلاغات مشحونة بدلالات متعددة سواء أكانت رموزا وعلامات أو خدمات وممتلكات.
  • التواصل وسيلة للتنشئة الاجتماعية لدوره في تكوين الفرد وتشكيل وعيه بنفسه وبالعالم بما يتمثله ويستضمره من تجارب وسلوكات من يتفاعل معهم.
  • اللغة بعلاماتها اللغوية وغير اللغوية أساسية في تأمين التواصل في إطار تبادلي تتسع دائرته لتشمل الجماعة اللسانية باعتبارها حاملة للمعاني والأخبار وقابلة للتفكيك والتأويل..
  • اعتبار العلامات غير اللسانية لغة تعكس سلوكا قابلا للإدراك، مرتبطا بحالات الوعي، ومصنوعا قصدا من أجل الإيحاء، أومن أجل أن يتأثر الشاهد بالرسائل مشفرة، أو حتى غير المقصود ولا الواعي، يدفع بالتواصل إلى تجاوز المرسل والمستقبل والتركيز على العلاقة التي تجمعهما.
  • طبيعة التواصل المعقدة باعتباره عملية تداولية تفاعلية قد تصادف معيقات مرتبطة بسوء الفهم وانعدام القصد وحالات مرضية لبعض الأطراف ومصالح خاصة وأحكام مسبقة، وهي معيقات تفضي إلى الغموض والاضطراب.
  • حصول عمليات التفاعل المتعددة والمعقدة داخل سياق تواصلي متناسب الايقاعات تحكمه اعتبارات نفسية ومستويات سياسية وسوسيواقتصادية وثقافية وسياسية خاضعة للمصالح والمرجعيات والمسبقات المتحركة داخل الرسمال الرمزي للجماعة التواصلية المحددة.

تحليل النص

المستوى الدالي

يتوزع النص حقلان دلاليان أحدهما لساني والآخر اجتماعي، ويصب الحقلان كلاهما في فلسفة التواصل مفهوما وتشكلا ووظائف وأبعادا، ويتعلق بمجال اللسانيات كل الكتل اللفظية المتعلقة بعالم الدلالات والرموز والعلامات والتداول ومنطق اللغة وعمليات الإرسال والتلقي والتعبير والانفعال والإدراك والتأويل، ويرتبط بعلم الاجتماع كل الألفاظ المحيلة إلى السلوك الاجتماعي الفردي أو الجماعي تبادلا كان أو وعيا أو تفاعلا أو تنشئة أو اتفاقا أو اعتباطا أو نمطا أو موقعا أو سياقا أو علاقات أو مستويات وعوامل، والملاحظ أن الحقلين متداخلين نظرا لأن الوظيفة التواصلية للغة لا تتحقق إلا بفعل التفاعلات الاجتماعية بكل مستوياتها وتعقيداتها وخلفياتها وقيودها.

المستوى الدلالي

يرى الكاتب أن التواصل يسهم في التنشئة الاجتماعية، وهو رأي لا يحتاج إلى تبرير لأن اللغة التي يتعلمها الإنسان وترافقه في حياته ببعديها اللفظي والأيقوني في جوهرها قائمة على أساس التواصل، فهي شرط للحياة الاجتماعية و ضرورة من أهم ضروراتها؛ وهي تحقيق التواصل في هذه الحياة وأساس لتوطيد التعايش فيها، ومن هنا لا يمكن تصور حياة بلا لغة، وكذلك لا حياة بدون تواصل. فالتواصل جوهر وجودي أساسي للإنسان، من خلاله يرتبط هذا الأخير بالأشياء ويبني إدراكا ووعيا خاصا، ويستفيد من تجارب ويستبطن رؤى ويكون قناعات وينشئ معاني وينسج قيما ومعايير للحكم على تلك الأشياء ويصنع صورا عن الآخرين وعن نفسه.

يشير الكاتب إلى أن التواصل قد يتعرض لعوامل سلبية تسبب له أضرارا بالغة، ذكر منها غموض الرسالة المتبادلة وسوء الفهم والاضطراب في العلاقة بين المتواصلين، وهذه العوامل مرتبطة إما بمرسلين ومستقبلين غير أسوياء تتحكم فيهم أنا مريضة أو متعالية، أو برسائل محكومة بمصالح ذاتية أحادية أو خلفيات إديولوجية أو عوامل نفسية أو سياسية أو مستويات اجتماعية واقتصادية أو حمولات ثقافية متعارضة أو أحكام جاهزة مسبقة، مما يعني أن التواصل البشري عملية بالغة التعقيد، وليست سلسة دائما، وتتطلب جهدا كبيرا من الأطراف المتعددة لتأمين الفهم والوصول إلى التفاهم.

معنى قول الكاتب أن ” كل تواصل يحمل في ذاته خبرا ويولد بالتالي سلوكا” يرتكز على أن اللغة في نظره حوار بين عقول المتحدثين، تهدف إلى إقامة جسر التفاهم وبلوغ الإجماع بصدد عدد من القضايا. واللغة هنا جملة قواعد تؤسس للاتصال بين الناس وليست أصواتا تلقى شذر مذر، بل إن كل فعل لغوي يندرج ضمن تحققات لها منطلقها واستعمالها الخاص، وهي مرتبطة بأنماط حياة كما يقول فيتجنشتاين، لذا فإن كلا من الصحة والمصداقية والمعيارية والمسؤولية تهم البعد القيمي للمنطوق وتقدم البرهان على ماتقول. ومن ثم فاللغة بوصفها نظاما رمزيا من ضمن الأنظمة الرمزية التي يسخرها العقل في استلهامه للخيال أو إدراكه المعقلن، تلعب دورا فاعلا في فهم الآخر (الغريب منه أو القريب) والأشياء الممكنة (الحدسية منها والمحسوسة) في عوالمنا. فمعرفة العالم وتمظهراته الاجتماعية يمر خلف إسار اللغة وقواعدها وتراكيبها وعن طريق التداول، فلكل حادث حديث ومتحدث وسياق. ونحن عندما نحاول أن نعبر عن شيء ما قد نصيب فيكون المعنى واضحا، وقد يخوننا التعبير فيكون المعنى غامضا، والمعنى هنا هو الشيء المحدد لمعظم تعبيراتنا الاتصالية. والاتصال عبر المعنى يسمى تواصلا، ولو خلا التواصل من المعاني لانتفى القصد والهدف من اتصال الإنسان باللغة والكلام. وغاية العقل التواصلي أن يجنح العقل الكامن فيه إلى التذاوت المؤدي إلى التفاهم وتداخل الحقائق، فالقول والفعل مرتبطان؛ وليس القول هنا بمعنى التصوير والتمثيل أو البيان. فالتواصل يشير إلى ما يفعله المتكلم بقوله، والغرض القصدي من ذلك هو التفاهم بين الذوات وهنا يرفض أن يبقى مفهوم العقل حبيس فلسفة الوعي القائمة منذ ديكارت على ثنائية الذات والموضوع والخير والشر…الخ. فمهما بلغ هذا العقل “الديكارتي” من قوة في حسن التفكير ودقة في التحليل، فهو عاجز اليوم عن تصور خلاص لأزمة البشرية. لذا تقترح فلسفة التواصل الاستغناء عن الذاتية (صوبجيچتيڢيتé) والاستعاضة عن الفكر الأحادي والتأمل المونولوجي بتواصل فكري مزدوج قوامه التذاوتية (ىنتيرسوبجيچتيڢيتé) مع الآخر وبالآخر، وهو محصلة العلاقة بين أنا وأنت. مما يفسح المجال إلى تواصل مزدوج قائم على الحوار المتبادل في مظهره العقلاني المقرون بسياق لغوي تداولي يعتمد البرهان وأسلوب المحاججة.

الأسلوب اللغوي

استثمر الكاتب في النص الكثير من أدوات الربط المنطقي والدلالي واللفظي، منطقيا شكل الانتقال من العام إلى الخاص، ومن الكل إلى الجزأ، وعبر علاقات السببية والتزامنية والاقتضائية مدخلا لبناء مفهوم التواصل وتفكيك أبعاده وتتبع معيقاته واستنتاج طبيعته التفاعلية المعقدة بشكل تحليلي وصيغ استدلالية صارمة تستمد قيمتها المنطقية من نتائج العلوم الللسانية والاجتماعية ونظرياتهما الأكثر تحيينا وتمحيصا، أما على المستوى التركيبي والأدوار الدلالية التي تضطلع بها أدوات الربط الشكلية فقد مثلت مجموعة من الأساليب ذات الطبيعة التفسيرية التي تسعى إلى بناء المفهوم وتشريح أبعاده وتوسيع نطاق تداوله عبر ركام من التصورات متعددة المرجعيات العلمية ذات كفاية منطقية رصينة، قنوات لتأمين الانسجام الدلالي والتماسك المنطقي، ومن ضمنها التكرار والترادف والاعتراض والضمائر وحروف التوكيد والعطف والتفسير، والألفاظ الدالة على العموم والتوصيف ( بصفة عامة، بوصفه تبادلا..، يمثل، يشكل…)، والوثوق والاستيقان ( لاشك أن ..، معلوم أنه..، المهم أن…)، والاسترسال في التحليل والاستنتاج ( وهكذا فإن، كما أنها، ثم إنه، ومن ثمة يغدو…، وبالتالي…، كل تواصل إذن…، كل هذا يفضي إلى …، والشرط والجزاء ( إذا تجاوز التواصل .. فإنه يصبح..، ومهما يكن… فإن هناك..، والاستدراك والإضراب ( ولكنها تشغل كذلك بما هو غير كلامي، بل إن …).

استخدم الكاتب اللغة التقريرية في عرض مفهوم التواصل، وهيمنت الجمل التقريرية على النص طالما أنه منشغل بمقاربة لمجال مفهومي يستدعي جهازا اصطلاحيا دقيقا مستمدا من مجال اللسانيات والسيميولوجيا وعلو الاجتماع والفلسفة وعلم النفس، وإلى معجم مباشر وتراكيب وظيفية ذات بعد وصفي وتفسيري كاف لتأمين وصول المفهوم واضحا ومقنعا إلى متلق خاص يفترض أنه يتحكم بشكل ما، أو على الأقل يسهم في بناء الأنظمة الرمزية الدالة المشكلة للوعي الإنساني المعاصر بما يختزنه من رؤى متوافقة أو متعارضة للأشياء والقيم والخير والجمال والأنا والآخر.

تركيب وتقويم

التواصل كما يقول شارلز كولي “هو العملية التي توجد بواسطتها العلاقات الإنسانية وتتطور…”، ولذلك فالبعد الواقعي للتواصل لا يتطلب التأسيس النظري بل يرتبط بانطباعية اللقاء ويظهر في تجارب التعاطف الوجداني والمعايشة النفسية والتخيل.

إن الرغبة في التواصل هي فعل يتأسس أولا وقبل كل شيء على الفهم والإحساس بالآخر في إطار تصوري موضوعي للعلاقات البشرية لا يكتفي بالتركيز على البعد الاقتصادي الاجتماعي بل يتعدى ذلك نحو الكشف عما في هذه العلاقات من معنى وجود ونمط حياة بالمعنى العميق والكوني للكلمة.

إن التواصل وإن كان ينطلق من إستراتيجية تحقيق الإنا والتأثير في الغير إلا أنه يهدف في العمق إلى تكوين فضاء عمومي يكون بمثابة مسطح تنبني فوقه العلاقات القائمة على الاختلاف والحوار وسيادة روح الديمقراطية والتسامح. من هذا المنطلق تدعو الفلسفة المعاصرة خاصة مع هابرماس وآبل وراولز وتايلور إلى تشييد نموذج آخر للتواصل يعوض التعاقد Cونتراتالاجتماعي الكلاسيكي بين الفرد والمجتمع بتوافق Cونسينسوس تبلوره المناقشة العامة عبر المداولة الحرة بين جميع أفراد المجتمع بهدف تجسيد المواطنة الديمقراطية التي تسمح بخلق علاقة تشاورية تشكل أرقى مستوى من الديمقراطية التمثيلية، وبإعادة الاعتبار إلى الذات الفاعلة في الفضاء العمومي والمشاركة بايجابية في الشأن العام. بيد أن “التواصل في مجتمع برجوازي معولم يتعثر بسبب المؤسسات المحافظة والعلاقات النزاعية بين الطبقات، ومن ثم ينبغي أن يكون التفاعل الاجتماعي ثوريا…” لكن إذا كان الواقع المعاش لا يحتمل انجاز الحلم الثوري كما تصوره فلسفة ماركس ألا ينبغي أن نبدأ في تطوير جذري لحقل التواصل بين البشر ونوفر معطيات يمكن تبليغها للآخرين رغم الحواجز والتحفظات البيروقراطية؟

مفهوم التواصل – مدخل مفاهيمي – دروس النصوص – اللغة العربية – الأولى باك علوم

المستوى: الأولى باك علوم تجريبية والأولى باك علوم رياضية

المادة : دروس النصوص – اللغة العربية

عنوان الدرس : مفهوم التواصل – مدخل مفاهيمي

مفهوم التواصل

التواصل لغةً هو الاقتران والاتصال والصلة والترابط والالتئام والجمع والإبلاغ والانتهاء والإعلام، وتعني إنشاء علاقة ترابط وإرسال وتبادل، وتوَاصلَ الصَّديقَانِ، أي واصلَ أَحدُهما الآخرَ فِي اتِّفَاق ووئام: اجْتمَعا، اتَّفَقا، وتواصَلَ الحديثُ حَوْلَ الْمَائِدَةِ: أي تَوَالَى، وتواصلتِ الأشياء، أي تتابعت ولم تنقطع.

أما التواصل اصطلاحاً فهوعمليّة نقل للأفكار والتجارب وتبادل المعارف بين الأفراد والجماعات، وقد يكون التواصل ذاتياً بين الإنسان ونفسه أي حديث النفس، أو جماعياً بين الآخرين، وهو مبنيٌّ على الموافقة، أوالمعارضة والاختلاف، كما ويُعدُّ جوهر العلاقات الإنسانيّة وهدف تطويرها؛ لذلك يوجد وظيفتان رئيسيتان للتواصل: وظيفة معرفيّة متمثلة في نقل الرموز الذهنيّة وتوصيلها بوسائل لغويّة، وغير لغويّة، ووظيفة وجدانيّة تقوم من خلال تقوية العلاقات الإنسانيّة.

أهميّة التواصل

التواصل هو وسيلة لفهم النّاس، فالإنسان يحتاج إلى أن يتواصل مع غيره حين يريد أن يستعلم عن شيءٍ معين، كما هو وسيلة لفهم طبائع النّاس، فالإنسان قد يسمع الكثير عن شخصٍ معيّن، ولكن حصول تواصل مباشر بينها قد يجلّي حقائق كثيرة عن الشّخص لم تستطع الأخبار نقل صورةٍ صحيحةٍ وحقيقيّة عنها، وفي الأثر ليس الخبر بالمعاينة، أي أنّ رؤية الشّخص أو الشّيء غير السّماع عنه، وبالتّالي فإن أهميّة التواصل تكمن في أنّها تجلّي كثيراً من الحقائق التي قد تكون ملتبسة، كما أنّها تتيح للإنسان رؤية الصّورة الحقيقيّة التي لا زيف فيها للشّخوص والأشياء.

التّواصل يعدّ وسيلة لتحقيق الأهداف وإنجاز الأعمال، فالإنسان حين يضع نصب عينه هدفًا معيّنًا فإنّه لا يستطيع تحقيقه بدون أن يتواصل مع غيره من النّاس، فجهود النّاس مسخّرة لخدمة بعضها البعض، كما أنّ سنّة الحياة الدّنيا مبنيّةً على التّعاون وتبادل الخبرات والمهارات بين النّاس فكلّ واحدٍ لديه شيء يميّزه عن أخيه؛ وبالتّالي يشكّل التّواصل فرصةً لتبادل المهارات والخبرات التي تؤدي بالنّتيجة إلى تحقيق الأهداف وإنجاز الأعمال.

كما أنّ التواصل يعدّ وسيلة لإيصال الرّسالة، فقد استخدم الأنبياء أسلوب التّواصل مع أقوامهم من أجل إيصال رسالة الله سبحانه وتعالى للبشر وتبليغ شرائعه وتعاليمه للنّاس، كذلك يستخدم المعلم والمربّي أسلوب التّواصل حين يريد إيصال رسالة التّعليم إلى طلابه وشرح العلوم المختلفة لهم، وهذا الأسلوب ينطبق على كثيرٍ من النّاس الذين يحملون رسالة نبيلة في حياتهم ويودّون توصيلها إلى النّاس.

التّواصل كذلك وسيلة لحلّ المشكلات والخلافات بين النّاس، فالإنسان السّاعي بالخير والإصلاح بين النّاس يتواصل مع المتخاصمين من أجل أن يصلح ذات البين بينهم. وهو أيضاً أسلوب يستخدمه السّياسيّون وأصحاب البرامج، فالسّياسي الذي يطمح في الوصول إلى المناصب السّياسية في الدّولة مثل نواب الشّعب يستخدم أسلوب التّواصل مع قاعدته الشّعبيّة من أجل شرح برنامجه السّياسي وما ينوي فعله من أجل خدمة النّاس وحسن إدارتهم.

أنواع التواصل

التواصل اللساني

أي عن طريقِ اللغة، وهي مجموعة من العلامات والإشارات التي هدفها التواصل أثناء اتحاد الدال والمدلول بنيوياً، وتقاطع الصورة السمعيّة مع المفهوم الذهنيّ، ويذكر ابن جني في كتابه الخصائص بأنَّ اللغة هي أصوات يستخدمها قوم للتعبير عن أغراضهم واحتياجاتهم، وهذا يعني تقسيم اللغة إلى: الكلمات، والكلمات بدورها تنقسمُ إلى أصوات، ومقاطع صرفيّة، ولكن الأصوات لا يمكن تقسيمها إلى وحدات، لأنَّ الصوت مقطع لا يقبل التجزئة، فإذا جمَّعنا الكلمات تُصبح جُمَلاً، والجُمل تصبح فقرات ومتواليات، والفقرات تصبح نصاً، ويكون النص عبارة عن تأليفٍ والذي هو اللغة، ومن أنماطه: التواصل مع الذات عن طريق وعي الذات بوجودها، وماهيتها، ووعيها الداخليّ للعالم ونمط التواصل بين الفرد والآخرين، لأن فهم الآخر يساعد الفرد على فهم نفسه، وتنمية الروح المشاركة بينه وبين الجماعات.

التواصل غير اللفظي

إنّ النظر في السلوكات غير اللفظيّة في علوم التربيّة كان أحد أهداف علماء النفس والاجتماع، وذلك لفهم التواصل في إطار الديداكتيكيّة من جميع جوانبها خاصة الجانب السيكواجتماعيّ، أي الآثار المعرفية والوجدانية التي تحدثهما السلوكات غير اللفظية؛ ونظراً لأهميتها التربويّة في توضيح السلوكيات اللفظية لم تعد هذه الحركات قاصرة على اللغة الطبيعيّة، فهي تُكمل وظيفتها، وتوضحها عن طريق التشخيص والتجسيد؛ لذلك ينبغي النظر إلى السلوكيات غير اللفظيّة بمنظار بُنيويّ كليّ متفاعل مع جميع السلوكيات الأخرى، لما لها من تأثير ايجابيّ أو سلبيّ على الفرد.

الأهداف الأساسيّة للتواصل

  • تشخيص المشاكل، وحلّها بالطرق المناسبة.
  • الدخول في العملية التربوية والتعليمية، وتسهيل عملية التدريب وتعلّم المهارات الجديدة.
  • تقديم النصائح والإرشادات بالإضافة إلى إعطاء التوجيهات التي تزيد فعالية العمل.
  • التغيير الإيجابيّ للسلوك العام، وتغيير المبادئ أو القناعات أو القيم المترسخة في العقل.
  • تحسين عملية الفهم والاستيعاب.
  • تسهيل عملية اتخاذ القرارات المختلفة.
  • التعبير والإفصاح عن كلّ ما يجول في النفس من مشاعر وأفكار.
  • المساعدة في الأبحاث العلمية المختلفة.
  • تبادل المعلومات المختلفة، وذلك من خلال تقديمها من الطرف المرسل، والحصول عليها من الطرف المستقبل.

ضوابط التواصل

للتواصل عدة ضوابط هي:

  • ضوابط التبليغ والإرسال: تشمل هذه الضوابط على العديد من الأمور كحسن البيان، والتعامل برفق مع المتلقي، والتخاطب معه بالحسنى، والنطق بالألفاظ الطيبة عند الحديث مع الآخرين.
  • ضوابط التلقي والاستقبال: وتضم هذه الضوابط على حسن الاستماع للآخرين، وحسن الإقبال على الطرف المخاطب، وتجنب المقاطعة عند قيام الطرف المقابل بالحديث في أي موضوع كان.

عوائق التواصل

هناك مجموعة من العوائق النفسية والسلوكية التي تعيق التواصل وهي:

العوائق النفسية

وهي عبارة عن مجموعة من الأحاسيس والأفكار السلبية التي تدفع الشخص إلى الامتناع عن التواصل الفعال مع غيره، وهذه العوائق على نوعين، وهما:

  • عوائق الإرسال: وتتضمن هذه العوائق على مجموعة من الصفات السلبية التي يحملها الشخص؛ كالتعالي، والغرور بالنفس، وسوء الظن بالآخرين.
  • عوامل الاستجابة: وتشمل هذه العوامل عدة صفات كالكبر والجحود، بالإضافة إلى شعور الشخص بدونية الآخرين.

العوائق السلوكية

وهي عبارة عن عدة صفات منفرة، وتنقسم إلى نوعين هما:

  • عوائق التبليغ: وهي تضم تصرفات الشخص المنفرة؛ كالغضب والانفعال، والتعامل مع الآخرين بعنف وجبروت.
  • عوائق التلقي: وهي التي تشمل على تصرفات معينة للشخص مع الآخرين كالتعامل معهم بالاستهزاء والإعراض والغفلة.
Ads
Ads Ads Ads Ads
Ads