Ads Ads Ads Ads

ملف: مساهمة المغاربة في الحرب العالمية الثانية – دروس التاريخ – الدورة الأولى – الثانية باك اداب وعلوم انسانية

عنوان الدرس : ملف: مساهمة المغاربة في الحرب العالمية الثانية

المادة : دروس التاريخ – الدورة الأولى – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

مشاركة المغرب بجانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية لها أهمية كبرى في التاريخ، فقد شاركت المستعمرات من أجل تحقيق السلم والنضال والدفاع عن الحرية والديمقراطية للمجتمعات، وقد ساهمت عدة ظروف في هذه المساهمة.

  • فما هي العوامل التي دفعت المغرب للمشاركة في الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء؟
  • وما هي مظاهر مساهمة المغرب في الحرب العالمية الثانية؟
  • وما هي نتائج هذه المشاركة؟

العوامل التي دفعت المغرب للمشاركة في الحرب العالمية الثانية

رغم وقوع المغرب تحت الاحتلال الفرنسي فقد ساهم إلى جانب الحلفاء لتحرير أوربا وفرنسا تحديدا من الديكتاتوريات الفاشية الإيطالية، والنازية الألمانية، وتتجلى أسباب المشاركة فيما يلي׃

  • دعوة السلطان محمد الخامس الشعب إلى مؤازرة فرنسا ماديا وعسكريا مباشرة بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية يوم 3 شتنبر 1939م، والسبب المباشر لذلك هو تلقي السلطان محمد الخامس وعدا من الرئيس الأمريكي روزفيلت على مساعدة المغرب لنيل استقلاله وحريته مقابل تعاون ودخول المغرب الحرب إلى جانب دول الحلفاء.
  • إيمان المغرب بقيم السلم، والتحرر، والسيادة.
  • اعتبار الحلفاء، وخاصة انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية المغرب قاعدة أساسية للقضاء على الديكتاتوريات، والأرضية المغربية نقطة انطلاق العمليات العسكرية والحربية لدول الحلفاء في منطقة البحر الأبيض المتوسط لصد الجيوش الألمانية والإيطالية، وفي هذا الإطار أنزلت قوات الحلفاء بالسواحل المغربية بالدار البيضاء والمحمدية يوم 8 نونبر 1942م.
  • استضافة المغرب للقاء في أنفا يناير 1943م كمساندة دبلوماسية للحلفاء.
  • نداء شارل نوكيس المقيم العام بالمغرب سنة 1939م ودعوته الفرنسيين والمغاربة في منطقة الحماية للدفاع عن الوطن.

لقد كانت مساهمة المغاربة في المجهود الحربي هامة ومتنوعة، فهي لم تكن مالية واقتصادية ومادية فقط، بل كانت أيضا مساهمة بشرية، لهذا استجاب الشعب المغربي لنداء سلطانه ودعم بكل حيوية ونشاط جهود فرنسا وحلفاءها، وبالتالي ساهم ذلك في تحقيق النصر سنة 1945م.

مظاهر مساهمة المغرب في الحرب العالمية الثانية إلى جانب دول الحلفاء

المساهمة اللوجيستيكية

يحظى المغرب بموقع استراتيجي جعله محط اهتمام القوى المتصارعة في الحرب العالمية الثانية، لكن الموقف المبدئي للمغرب من الأطراف المتحاربة جعله يضع أراضيه تحث تصرف دول الحلفاء، وفي هذا السياق ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية بإنزال قواتها في الشواطئ المغربية (الدار البيضاء، المهدية).

المساهمة العسكرية

التحقت فرق عسكرية مغربية من الرماة والمدفعية والهندسة بالجبهات الحربية الأمامية لقتال الفاشية والنازية في منطقة الجزائر وتونس والبحر الأبيض المتوسط، وفي الأراضي الأوروبية بدأ بصقلية وايطاليا ثم فرنسا وبلجيكا وألمانيا …، في الجبال (جبال الألب) والأودية (السين والراين والدانوب)، وفي ظروف مناخية قاسية (برد، ثلوج …)، وقد أبان الجنود المغاربة عن شجاعة حربية عالية اعترف بها الأعداء والحلفاء، حيث وقعوا على مشاركة فعالة في مختلف جبهات القتال (الجبهة المتوسطية، الجبهة الغربية …)، بحيث تمكنت فيالقهم العسكرية من المساهمة في تحرير إيطاليا من النظام الفاشي، وتحرير فرنسا والتوغل في عمق التراب الألماني وأسر 1500 جندي نازي، وتقديرا للتضحيات العسكرية الجسيمة للمغاربة (2883 قتيلا، وما يفوق 12495 جريحا، ومفقودين) توج الجنرال “شارل ديغول” السلطان “محمد الخامس” بوسام تقدير ك “رفيق التحرير”، وحضي الجنود المغاربة بالتنويه على شجاعتهم اثر مساهمتهم إلى جانب الحلفاء لتحرير أوربا من الديكتاتوريتين النازية بألمانيا والفاشية بإيطاليا.

المساهمة الاقتصادية

جسد خطاب السلطان محمد الخامس الانطلاقة الفعلية للدعم المادي المغربي لفرنسا، حيث كثف من صادراته الفلاحية كالحبوب والقطاني والفواكه إضافة إلى الخضروات والمواشي نحو فرنسا، وقد ساهم المغاربة ماليا من خلال الاكتتابات والتبرعات تحت أسماء ومسوغات مختلفة:

  • الإخاء الحربي: لجنة تأسست لدعم المجندين والأسرى وأسرهم والضحايا.
  • الإنقاذ الوطني: لتقديم المساعدات للسكان المدنيين المتضررين من الحرب.
  • كناش الغائب: تكلفت بتخصيص دفتر للادخار الشخصي للغائبين قصد الاستفادة منها بعد عودتهم (وصلت قيمة الاكتتابات أكثر من 5 مليار فرنك، بالإضافة إلى ريع الطوابع البريدية …).

وقد ساهم المغرب مساهمة اقتصادية مهمة في الحرب إلى جانب الحلفاء، فقد قام بتزويد فرنسا بالمنتوجات الفلاحية: %22.50 من الإنتاج الإجمالي من البواكر، و7.44 مليون طن من البطاطس، و%32.21 من المواشي (مليون رأس) كوسيلة لسد حاجيات فرنسا الأساسية، وساهم المغرب في ذلك بشكل كبير لتلبية حاجياتها أثر مما سلبا على الاقتصاد المغربي، حيث ارتفعت نسبة الصادرات واستنزفت الموارد المغربية، وتبرعت مختلف الفئات الاجتماعية لصالح فرنسا بمبالغ مرتفعة منها׃

  • تبرع السلطان ب 50.000 فرنك.
  • تبرع أعضاء المخزن (الهيئات الوزارية والكتبية) ب 40.000 فرنك.
  • تبرع السكان.

نتائج المشاركة المغربية في الحرب العالمية الثانية

لحق بالمغرب خسائر متعددة في مختلف المجالات׃

  • الخسائر البشرية׃ حوالي 2883 قتيلا، و12495 جريحا، و474 مفقودا من الجنود المغاربة.
  • الخسائر الاقتصادية׃ تضرر الاقتصاد المغربي بسبب ارتفاع الصادرات الفلاحية والمواد الأولية نتج عنه نقص في حاد المواد الاستهلاكية الأساسية، وارتفاع الأسعار (اضطر السكان إلى تناول جذور بعض النباتات)، مما دفع إلى تقنين توزيع المواد الاستهلاكية اعتمادا على نظام الحصص (عام البون).

ورغم تكبد المغرب كل هذه الخسائر وفي مجالات متعددة، إلا أن مشاركة المغرب ساهمت في تحرير أوربا من سيطرة الأنظمة الديكتاتورية الفاشية والنازية، وجسدت تضحية غالية من طرف المغرب لترسيخ قيم السيادة والعدالة والحرية والسلم والديمقراطية، ووشحت صدور المغاربة بأوسمة الشرف والشجاعة، واعتبر قائد البلاد محمد الخامس رمز الحرية ورفيق التحرير.

خاتمة

نستنتج إذن أن مساهمة المغرب إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية كانت كبيرة وفعالة ومهمة لنيل أوربا النصر وهزيمة الديكتاتوريات الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية، لكن المغرب تضرر كثيرا جراء هذه المساهمة بشكل في كبير العديد من المجالات، وبهذا ظل تابعا لفرنسا بسبب الاستيراد.

الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945م – دروس التاريخ – الدورة الأولى – الثانية باك اداب وعلوم انسانية

عنوان الدرس : الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945م

المادة : دروس التاريخ – الدورة الأولى – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

احتدمت الصراعات بين الدول الكبرى في أوربا وآسيا بعد الأزمة الاقتصادية لسنة 1929م، وساهمت هذه الصراعات بالسير بالعالم نحو حرب عالمية ثانية ما بين 1939 و1945م، ترتب عنها خسائر بشرية واقتصادية جسيمة.

  • فما هي أسباب الحرب العالمية الثانية؟
  • ما هي المراحل الكبرى التي مرت منها؟
  • ما هي نتائجها العامة؟

أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية

الأسباب غير المباشرة للحرب العالمية الثانية

دور معاهدات السلام والأزمة الاقتصادية

ساهمت الأزمة الاقتصادية لسنة 1929م في تدهور الأوضاع الاقتصادية لكل من ألمانيا واليابان وإيطاليا، واقتنعت هذه الدول بضرورة التوسع الترابي لحل مشاكلها، فبالنسبة لليابان فقد قام بغزو إقليم منشوريا شمال الصين سنة 1931م، واحتل عدة مناطق أخرى سنة 1932م، واكتفت عصبة الأمم بالتنديد مما يوضح عجزها الدائم في حل النزاعات، ما سيشجع في نفس الوقت إيطاليا على غزو إثيوبيا، أما بألمانيا حاول هتلر منذ وصوله إلى السلطة سنة 1933م التخلص من قيود معاهدة فرساي وتطبيق سياسة المجال الحيوي الضروري للرايخ، ولتحقيق هذه الغاية اتخذ الإجراأت التالية:

  • إعادة تسليح إقليم رنانيا، وضم إقليم السار سنة 1936م.
  • الانسحاب من عصبة الأمم في نفس سنة 1936م.
  • إصدار قانون إعادة الخدمة العسكرية.
  • ضم النمسا وإقليم السوديت سنة 1938م.
  • تفكيك تشيكوسلوفاكيا سنة 1939م.

وبانسحاب اليابان من عصبة الأمم سنة 1937م دعم هتلر تلك القرارات بتكوين حلف عسكري مع كل من اليابان وإيطاليا عرف بالمحور الثلاثي.

الحرب الأهلية بإسبانيا

اندلعت بإسبانيا حرب أهلية قاسية سنة 1936م تواجهت فيها الحكومة الجمهورية ضد القوميين بزعامة فرانكو، وتطورت منذ البداية إلى قضية دولية فحصل فرانكو على مساندة إيطاليا وألمانيا، بالمقابل أيدت فرنسا وبريطانيا الجمهوريين وتوالت انتصارات القوميين إلى أن سقطت مدريد في أيديهم في مارس 1939م، وأصبح الجنرال فرانكو ديكتاتور اسبانيا، وبهذا شكلت الحرب بإسبانيا انتصارا آخرا للديكتاتوريات.

السبب المباشر للحرب العالمية الثانية

أعلن هتلر في أبريل عزمه على غزو بولونيا وحدد تاريخ فاتح شتنبر لتنفيذ الغزو، وقد تحركت كل من بريطانيا وفرنسا منذئذ لمواجهة هذا الاحتمال في وقت تمكن فيه هتلر من توقيع معاهدة عدم الاعتداء مع الاتحاد السوفياتي، مع الاتفاق على توزيع بولونيا، وفعلا غزت الجيوش الألمانية بولونيا في فاتح شتنبر فأعلنت بريطانيا وبعدها فرنسا الحرب على ألمانيا، فاشتعلت بذلك نار الحرب العالمية الثانية.

مراحل الحرب العالمية الثانية وحصيلتها العامة

مراحل الحرب العالمية الثانية

في المرحلة الأولى (1942.1939م) حققت دول المحور توسعات كبرى

كانت لصالح دول المحور (ألمانيا، إيطاليا، اليابان)، استعمل خلالها الجيش النازي في توسعاته ما عرف بالحرب الخاطفة، ففي الغرب تمكن هتلر من التوغل في الأراضي الفرنسية والبلجيكية والهولندية، ومن قصف المدن البريطانية وخاصة مدينة لندن، وعلى الجبهة الشرقية هاجمت القوات النازية كل أوربا الشرقية، ونقض هتلر معاهدته مع الاتحاد السوفياتي، كما تمكن حلفاء ألمانيا من تحقيق انتصارات كبيرة سواء إيطاليا أو اليابان التي تمكنت من الاستيلاء على بلدان جنوب شرق آسيا وجزر المحيط الهادئ، وقصف القاعدة العسكرية الأمريكية (بيرل هاربور)، فكان رد فعل الولايات المتحدة الأمريكية هو الدخول إلى الحرب.

في المرحلة الثانية (1945.1943م) تحولت الحرب لفائدة الحلفاء

منذ أواخر 1942م تغير خلالها مجرى الحرب لصالح دول الحلفاء بعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب إلى جانبهم، وبدأ الحلفاء يحققون انتصاراتهم الأولى على دول المحور:

  • انتصر الجيش الأحمر السوفياتي في معركة ستالينغراد، وشرع في تحرير أراضيه من النفوذ الألماني النازي، وفي المرحلة الموالية استولى الجيش السوفياتي على بلدان أوربا الشرقية.
  • أنزل الحلفاء الغربيون قواتهم في المغرب والجزائر لتحرير تونس من النفوذ الألماني الإيطالي، في نفس الوقت انطلق الجيش الإنجليزي من مصر لتحرير ليبيا، وانطلاقا من تونس تقدمت قوات الحلفاء الغربيين شمالا واستولت على إيطاليا وأطاحت بالنظام الفاشي سنة 1944م.
  • أنزل الحلفاء قواتهم في منطقة نورماندي، وتمكنوا من تحرير فرنسا سنة 1944، بعد ذلك تم الاستيلاء على بلجيكا وهولندا والليكسمبورغ.
  • منذ مطلع 1945م، شرعت قوات الحلفاء في غزو الأراضي الألمانية، وانتهى الأمر باستسلام الجيش الألماني في ماي 1945م.
  • انطلق الجيش الأمريكي من جزيرة ميدواي وجزر الكنال وبحر الكوزل لمواجهة الجيش الياباني في جزر المحيط الهادي، وللتعجيل بنهاية الحرب قامت القوات الأمريكية بإلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناكازاكي في غشت سنة 1945م، وبالتالي استسلم الجيش الياباني.

نتائج الحرب العالمية الثانية

النتائج البشرية والمادية
  • ارتفاع عدد القتلى المدنيين والعسكريين إلى 50 مليون قتيل، بالإضافة إلى ملايين المعطوبين والأرامل واليتامى في ظرف 5 سنوات، وقد وصل عدد القتلى بالاتحاد السوفياتي لوحده إلى 20 مليون قتيل من بينهم أزيد من 11 مليون من المدنيين.
  • ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتدمير المؤسسات العمومية، وتشريد السكان.
  • ارتفاع نسبة تكلفة الحرب على شعوب الدول الأوربية المتحاربة من الناتج الوطني الخام.
  • تراجع الإنتاج الفلاحي والصناعي، بحيث تراجع إنتاج القمح بفرنسا من 10 مليون طن سنة 1939م إلى 6 مليون طن سنة 1945م، وتراجع إنتاج الفحم من 50 مليون طن سنة 1939م إلى 25 مليون طن سنة 1945م.
  • دمرت الحرب أزيد من %20 من الرأسمالي العقاري بفرنسا، و100000 كولخوز بالاتحاد السوفياتي.

ويعود ارتفاع حجم هذه الخسائر إلى التجهيزات العسكرية المتطورة التي استعملت في الحرب، وإلى قصف المدن قصد ترهيب السكان، وسياسة هتلر.

النتائج السياسية
  • توسيع الحدود الترابية للدول المنتصرة كبولونيا وبلغاريا.
  • تقسيم ألمانيا إلى أربعة مناطق نفوذ.
  • الاحتلال الرباعي لمدينة برلين وفيينا من طرف الحلفاء.
  • ضم الاتحاد الاسوفياتي لأراضي جديدة شرق أوربا من أهمها أراضي لتونيا، استونيا، وليتوانيا.
  • فقدان أوربا لهيمنتها السياسية على العالم.
  • انقسام العالم إلى معسكرين متناحرين: المعسكر الغربي، والمعسكر الشرقي.
  • تأسيس هيئة دولية من أجل الحفاظ على الأمن الدولي “هيئة الأمم المتحدة” التي تأسست بموجب مؤتمر سان فرانسيسكو سنة 1945م، وحددت لها نفس أهداف منظمة عصبة الأمم.

خاتمة

هكذا يتضح أن الحرب العالمية الثانية قضت على الأنظمة الديكتاتورية، وعدلت الخريطة السياسية للعالم، وأعادت توزيع علاقات القوى الدولية لصالح الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، اللذان ما لبثا أن زجا بالعالم نحو ما عرف بالحرب الباردة.

أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929م – دروس التاريخ – الدورة الأولى – الثانية باك اداب وعلوم انسانية

عنوان الدرس : أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929م

المادة : دروس التاريخ – الدورة الأولى – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستفيد من الحرب العالمية الأولى، فقد دعمت الاقتصاد الأوربي طيلة عشرينيات ق 20م، لكن مع حلول سنة 1929م سيشهد العالم بروز مشكلة اقتصادية كبرى هددت البنيان الاقتصادي العالمي، وأوصلت العالم إلى نتائج سياسية خطيرة كانت علامات لبداية حرب عالمية ثانية.

  • فما هي أسباب ومظاهر هذه الأزمة داخل الولایات المتحدة الأمریكیة؟
  • وكیف انتشرت هذه الأزمة في باقي العالم الرأسمالي؟
  • وما هي طرق مواجهتها؟

ظروف اندلاع أزمة 1929م في الولايات المتحدة الأمريكية وأسبابها

الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بالولايات المتحدة قبل اندلاع الأزمة

تميزت الوضعية الاقتصادية بالولايات المتحدة الأمريكية قبل اندلاع الأزمة بتطور الإنتاج الصناعي والفلاحي بشكل كبير، وانعكس ذلك على الوضعية الاجتماعية، حيث تطور الدخل الفردي وارتفعت القدرة الشرائية، وامتدت فترة الازدهار هذه من 1921م إلى 1929م، حيث نهج الحزب الجمهوري سياسة ليبرالية مطلقة دون تخوف من أزمة تضخم فائض الإنتاج التي ظهرت بوادرها منذ خريف 1929م، رغم استمرار ارتفاع قيمة الأسهم بفعل المضاربات البورصوية.

أسباب انطلاق أزمة 1929م

أدى انخفاض القروض الممنوحة من طرف الأبناك، وتسديد الديون، وعدم ارتفاع الأجور إلى تراجع الاستهلاك، مما أدى إلى تضخم فائض الإنتاج وانخفاض الأسعار والأرباح وإفلاس المؤسسات وانتشار البطالة، وأسرع المضاربون لبيع الأسهم في البورصة، فانهارت قيمتها يوم الخميس 24 أكتوبر 1929م الذي عرف ب “الخميس الأسود”، وأفلس المضاربون وكذلك الأبناك التي منحتهم القروض، ثم عمت الأزمة المجالات الأخرى.

مظاهر الأزمة في الولايات المتحدة الأمريكية

القطاعات الاقتصادية التي أصابتها الأزمة

أصابت الأزمة القطاع البنكي، حيث ارتفع عدد الأبناك المفلسة خاصة تلك التي ارتبطت بالمضاربات البورصوية، كما عجزت المؤسسات الصناعية عن تسديد ديونها بسبب انخفاض الأسعار والأرباح، فأغلقت أبوابها وعطلت العمال، فانخفض الإنتاج الصناعي وانهارت أسعار المواد الأولية الفلاحية والمعدنية، فأصابت الأزمة القطاع الفلاحي وقطاع الصناعة والمعادن، وانتشرت البطالة.

انعكاسات الأزمة الاقتصادية على الوضعية الاجتماعية

أدى انخفاض الأسعار بسبب تضخم فائض الإنتاج إلى تراجع أرباح الشركات، فبدأت بتسريح العمال وتخفيض الأجور، مما أدى إلى تراجع الاستهلاك واستمرار تضخم فائض الإنتاج، وزاد عدد العاطلين بالمدن بتوافد الفلاحين الصغار المفلسين، تاركين أراضيهم المرهونة للأبناك، فانتشر الفقر ودور الصفيح بالمدن الأمريكية الكبرى.

انتشار الأزمة في العالم الرأسمالي ومظاهره

انتشار الأزمة في العالم الرأسمالي

ارتبطت الدول الرأسمالية بالرأسمالية الأمريكية منذ الحرب العالمية الأولى خاصة الدول الأوربية، ولما اندلعت أزمة 1929م بالولايات المتحدة، سحبت هذه الأخيرة رساميلها من الخارج وقلصت مساعداتها الخارجية، وطالبت الدول الأوربية بتسديد القروض، مما أدى إلى انتشار الأزمة بالدول الرأسمالية ومستعمراتها، وتدهور المبادلات الدولية بفعل الحماية الجمركية.

المجالات الاقتصادية التي أصابتها الأزمة

أصابت الأزمة جميع القطاعات الاقتصادية، ففي مجال الصناعة تراجع الإنتاج بسبب إفلاس الشركات التي انهارت قيمة أسهمها، وانتشرت البطالة، وتراجعت أسعار المواد الأولية المعدنية والفلاحية، فأصبح إتلافها ضروريا لمواجهة تضخم فائض الإنتاج وانخفاض الأسعار (إتلاف الحليب والقمح بالولايات المتحدة الأمريكية، وإتلاف البن في البرازيل)، وتدهورت المبادلات الدولية بفعل سياسة الحماية الجمركية التي نهجتها الدول الرأسمالية، وفرضتها كذلك على مستعمراتها.

العواقب الاجتماعية

أهمها انتشار البطالة حيث بلغ عدد العاطلين 14 مليون عاطل بالولايات المتحدة الأمريكية، وأصابت البطالة في ألمانيا %44 من عمال الصناعة، وانتشر الفقر والمجاعة وسط العاطلين، وظهرت أحياء الصفيح في المدن الكبرى، في الوقت الذي كانت المؤسسات الرأسمالية تعمل على إتلاف المنتوجات الفلاحية والصناعية للتقليص من تضخم فائض الإنتاج.

الخطة الجديدة New Deal: أهدافها، ونتائجها

مضمون الخطة الجديدة New Deal

لتجاوز الأزمة اتخذت حكومة الرئيس فرانكلين روزفلت الذي استعان بفئة من الباحثين الجامعيين (تروست الأدمغة)، وتبني آراء الليبراليين الجدد (نظرية كيتر)، ووضع الخطة الجديدة التي نقلت البلاد إلى الرأسمالية الموجهة، وترتكز الخطة على مراقبة الدولة لعملية الإنتاج والتسويق، وتقديم المساعدة للقطاعات الاقتصادية المتضررة كتقديم مساعدات للفلاحين، وتنظيم البنوك والبورصة والمؤسسات الصناعية، وتخفيض ساعات العمل لفتح المجال للتشغيل، وتخفيض قيمة الدولار لتشجيع الصادرات وإنجاز الدولة للأشغال الكبرى لمواجهة البطالة، ونتج عنها نمو الإنتاج وارتفاع الأسعار وتزايد الصادرات وتراجع عدد العاطلين.

أسس وأهداف الخطة

  • توسيع وظائف الدولة عن طريق التدخل في توجيه الاقتصاد بإتباع السياسة الليبرالية الموجهة بهدف حماية المؤسسات الاقتصادية من الخراب.
  • توفير الشغل للشعب بإنجاز الأشغال الضرورية بهدف إنعاش استعمال الموارد الطبيعية.
  • رفع الأسعار وكذا الرفع من القدرة الشرائية بهدف تشجيع الإنتاج.
  • مراقبة النقل والمواصلات والعمليات المالية والاستثمارية للأبناك.
  • وضع حد للمضاربين.

مراحل تطبيق الخطة والإجراأت التي تضمنتها

المرحلة الأولى (1935.1934)

سنت فيها مجموعة من القوانين، وهي:

  • قانون الإنقاذ البنكي: وذلك بتخفيض قيمة الدولار، وإغلاق البنوك بشكل مؤقت، ثم سحب الودائع المالية من الأبناك الأوربية.
  • قانون التوازن الفلاحي: تخفيض الإنتاج للرفع من الأسعار.
  • قانون إصلاح الصناعة الوطنية: وذلك بمنع تشغيل الأطفال، وتحديد ساعات العمل، والحد الأدنى للأجور.
  • القانون التجاري: تم تخفيض الرسوم على الصادرات، ونهج السياسة الحمائية ضد الواردات.
  • قانون الرعاية الاجتماعية: وذلك بتقديم الدعم للأطفال دوي الاحتياجات الخاصة، وإقرار التامين على البطالة والعجز والشيخوخة.
المرحلة الثانية (1937.1935)

ركزت الخطة على المشكل الاجتماعي، حيث تم إنشاء المكتب الوطني للشغل منذ 1935م الذي انصب اهتمامه على:

  • توفير الشغل ل2.5 مليون عاطل، ومحاربة البطالة عبر تخصيص الكونغرس 5 مليار دولار لإنعاش الشغل.
  • فتح أوراش عمومية كبرى لامتصاص البطالة (غرس الأشجار، بناء القناطر والجسور والسدود، وترميم المدن…).

نتائج الخطة الجديدة

رغم أن الخطة الجديدة اصطدمت بمعارضة التيارات التقليدية التي وصفتها بكونها اشتراكية، إلا أنها انقدت النظام الرأسمالي من الانهيار، فمنذ  1933م أخذ الاقتصاد الأمريكي ينتعش حيث ارتفعت مؤشرات الإنتاج الصناعي والأجور وأسعار المواد الفلاحية، وتراجع عدد العاطلين من 12.6 مليون عاطل سنة 1933م إلى 7.3 مليون عاطل سنة 1937م، كما انتقلت المصاريف الحكومية م 4681 مليون دولار سنة 1933م إلى 8001 مليون دولار سنة 1937م، وارتفع إنتاج الحبوب من 15 مليون طن إلى 23 مليون طن سنة 1937م، وقد واكب هذا الانتعاش الصناعي والفلاحي نمو تدريجي للمبادلات التجارية الخارجية.

خاتمة

إذا كانت خطة روزفلت قد مكنت الولايات المتحدة الأمريكية من الخروج من الأزمة، وإذا كانت المستعمرات قد مكنت فرنسا وبريطانيا من تجنب كوارث الأزمة، فان ظلال هذه الأزمة ومضاعفاتها أثرت بشكل كبير على باقي الدول الرأسمالية وخاصة ألمانيا وايطاليا واليابان وغيرها بالإضافة إلى المستعمرات، مما ساعد على سير العالم في اتجاه حرب عالمية ثانية.

Ads
Ads Ads Ads Ads
Ads