Ads Ads Ads Ads

منهجية مقاربة النص الفلسفي – منهجيات – الفلسفة – الثانية باك

عنوان الدرس : منهجية مقاربة النص الفلسفي

المادة : منهجيات – الفلسفة

الشعب: جميع الشعب (علوم تجريبة وعلوم رياضية وعلوم اقتصادية وعلوم والتكنولوجيات الكهربائية…الخ)

المسالك: جميع المسالك (علوم فيزيائية وعلوم حياة والارض واداب وعلوم انسانية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية ..الخ)

منهجية مقاربة النص

یجب اعتبار النص المادة التي سینصب علیها التفكیر، لذا تجب قراءته قراءة متأنیة للتمكن من وضع النص في سیاق موضوعات المقرر، وبالتالي اكتشاف أطروحة المؤلف وموقعتها داخل الإشكالیات المثارة حول قضیة أو إشكالیة أو مفهوم… ویجدر بنا أن نشیر، في هذا المقام، إلى أن منهجیة المقاربة یحددها السؤال المذیل للنص، علما بأن النصوص عادة ما تطرح في السنة النهائیة للتحلیل والمناقشة بالنسبة لجمیع الشعب. وعلیه، نرى أن منهجیة مقاربة النص لا تخرج من حیث الشكل على أیة كتابة إنشائیة (مقدمة – عرض – خاتمة)، إلا أن لِمقاربة النص الفلسفي خصوصیات تحددها طبیعة مادة الفلسفة نفسها. وسنعمل في التالي على بسط منهجیة هذه المقاربة على ضوء تلك الخصوصیات.

طبیعة المقدمة

إن المقدمة تعتبر مدخلا للموضوع، لذا یجب أن تخلو من كل إجابة صریحة عن المطلوب، حیث یفترض ألا توحي بمضامین العرض، لأنها بهذا الشكل تمنع من استكشاف ما هو آت، وخصوصا لأن المقدمة ستكتسي شكل إجابة متسرعة.

كما أن المقدمة تعبیر صریح عن قدرات وكفایات عقلیة، یمكن حصرها في الفهم (الأمر یتعلق هنا بفهم النص وفهم السؤال)، وبناء الإشكالیة. وعلیه، یجب أن تشتمل المقدمة على ثلاث لحظات أساسیة یتم فیها الانتقال من العام إلى الخاص: أي من لحظة تقدیم عام هدفه محاصرة الإشكالیة التي یتموقع داخل النص، تلیها لحظة التأطیر الإشكالي للنص، وبالتالي موقعته (النص) داخل الإطار الإشكالي الذي یتحدد داخله، ثم الانتهاء بلحظة ثالثة تتمثل في طرح الإشكالیة من خلال تساؤلات یمكن اعتبارها تلمیحا للخطوات التوجیهیة التي ستقود العرض.

علما بأن طرح الإشكالیة لیس مجرد صیغة تساؤلیة، وإنما هو طرح للتساؤلات الضروریة والمناسبة، والتي یمكن اعتبار الكتابة اللاحقة إجابة عنها. هكذا یمكن الاقتصار أحیانا على تساؤلین أساسیین: تساؤل تحلیلي (یوجه التحلیل)، وتساؤل نقدي تقویمي (یوجه المناقشة)، علما بأن هناك أسئلة أخرى یمكن اعتبارها ضمنیة نهتدي بها داخل فترات من العرض، حفاظا على الطابع الإشكالي للمقدمة.

إن المقدمة – إذن – لیست استباقا للتحلیل، ذلك ما یحتم الحفاظ على طابعها الإشكالي، ومن خلال ذلك الحفاظ على خصوصیة مرحلة التحلیل التي یفترض أن تكون لحظة تأمل في النص، من أجل الوقوف على الطرح المعروض داخله وإبراز خصوصیاته ومكوناته.

طبیعة العرض

یمكن اعتبار العرض إجابة مباشرة على الإشكالیة، ومن ثمة فإن العرض یتضمن لحظتین كتابیتین أساسیتین، هما لحظتا التحلیل والمناقشة.

لحظة التحلیل

إن هذه المرحلة من المقاربة عبارة عن قراءة للنص من الداخل لاستكشاف مضامینه وخبایاه، وبالتالي تفكیك بنیته المنطقیة وتماسكه الداخلیین، كأننا نحاول أن نتأمل عقلیة المؤلف لفهم الأسباب التي جعلته یتبنى الطرح الذي تبناه، ویفكر بالطریقة التي فكر بها. ومن ثمة، لابد من توجیه التحلیل بالأسئلة الضمنیة التالیة: ماذا یصنع المؤلف في هذا النص، أو ماذا یقول ؟ كیف توصل إلى ذلك ؟ ما هي الحجاج التي وظفها للتوصل إلى ما توصل إلیه ؟

فالسؤال الضمني الأول یحتم إبراز الموقف النهائي للمؤلف من الإشكالیة التي عالجها و/أو إبراز طبیعة أهمیة الإشكالیة التي أثارها … والسؤال الضمني الثاني یدفع إلى التدرج الفكري مع المؤلف، والسیر معه في أهم اللحظات الفكریة التي وجهت تفكیره. أما السؤال الضمني الأخیر فهو سؤال یستهدف الوقوف عند البنیة الحجاجیة التي تبناها المؤلف، وبالتالي الوقوف عند الحجاج الضمنیة والصریحة التي وظفها لدعم أطروحته، وتحدید خصوصیتها، وطبیعتها …

فالتحلیل – إذن – هو لحظة تأمل في المضامین الفكریة للنص وهو في الآن ذاته لحظة الكشف عن المنطق الذي من خلاله بنى المؤلف تصوره.

لحظة المناقشة

إن المناقشة لحظة فكریة تمكن من توظیف المكتسب المعرفي، بشكل یتلاءم مع الموضوع، بحیث یجب التأكید، في هذا المقام، على أن المعلومات المكتسبة تؤدي دورا وظیفیا ومن ثم یجب تفادي السرد والاستظهار… وبعبارة أخرى، علینا أن نستغل المعلومات الضروریة بالشكل المناسب، بحیث یصبح مضمون النص هو الذي یتحكم في المعارف ولیس العكس. هكذا سنتمكن من اعتبار المناقشة شكلا من أشكال القراءة النقدیة لأطروحة النص، التي تكتسي غالبا صورة نقد داخلي و/أو خارجي تتم فیه مقارنة التصور الذي یتبناه النص بأطروحات تؤیده وأخرى تعارضه، وذلك من خلال توظیف سجال نحرص من خلاله على أن نبرز مواطن التأیید أو المعارضة.

طبیعة الخاتمة

یجب أن تكون الخاتمة استنتاجا تركیبا مستلهما من العرض، أي استنتاجا یمكن من إبداء رأي شخصي من موقف المؤلف مبرر (إن اقتضى الحال) دون إسهاب أو تطویل. فمن الأهداف الأساسیة التي یتوخاها تعلم الفلسفة تعلم النقد والإیمان بالاختلاف.

منهجية مقاربة القولة الفلسفية – منهجيات – الفلسفة – الثانية باك

عنوان الدرس : منهجية مقاربة القولة الفلسفية

المادة : منهجيات – الفلسفة

الشعب: جميع الشعب (علوم تجريبة وعلوم رياضية وعلوم اقتصادية وعلوم والتكنولوجيات الكهربائية…الخ)

المسالك: جميع المسالك (علوم فيزيائية وعلوم حياة والارض واداب وعلوم انسانية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية ..الخ)

منهجية مقاربة القولة

من الطرق التي تم اختیارها لمساءلة المترشحین، لاجتیاز امتحان الباكلوریا في مادة الفلسفة، طریقة القولة – السؤال. وفي هذا الإطار، وجب التنبیه إلى بعض الصعوبات التي یمكن أن نجدها في مقاربة القولة، والتي یمكن أن نحصر أهمها فیما یلي:

  • تعودنا على طریقة مقاربة النص طیلة الدورة الأولى، مما یؤدي إلى تعمیم هذه المقاربة على القولة.
  • حجم القولة (الصغیر) الذي لا یساعدنا كثیراعلى إدراك مضمون القولة بسرعة.
  • فهم السؤال المذیل للقولة، وبالتالي موقعته بشكل من الأشكال داخل المكتسب المعرفي السابق.

ولتخطي هذه الصعوبات وغیرها، لابد أن ندرك، أولا وقبل أي شيء، أن السؤال المذیل للقولة سؤال یتألف من مطلبین: مطلب یفترض فیه أن یدفع بنا نحو الكشف عن الأطروحة المتضمنة في القولة، وبالتالي استخراجها. ثم مطلب یدفع بنا نحو مناقشة القولة، وبالتالي تقییم الأطروحة المفترض أن تتضمنها القولة. وسنحاول، فیما یلي، تقدیم تصور نظري حول الخطوات المنهجیة المتوقعة من مقاربة القولة.

طبیعة المقدمة

إن من خصوصیات الفلسفة أنها لاتدرس إلا القضایا ذات الطبیعة الإشكالیة. ومن ثمة، لا بد أن نعمل في مستوى المقدمة على تحویل القولة إلى قضیة إشكالیة. وذلك ما یجعل طریقة التقدیم في مقاربة القولة، قریبة من طریقة التقدیم في مقاربة النص. ویستحسن، في صیاغة الإشكالیة، أن تتنوع الأسئلة إلى نوعین: أسئلة ذات طبیعة ماهویة، وأسئلة ذات طبیعة نقدیة تقویمیة. بما أن المطلوب منا، أولا، هو استخراج أطروحة القولة، فالسؤال الماهوي، یتیح إمكانیة التعمق في القولة والغوص داخلها، بدل أن نحوم حولها. أما الأسئلة ذات الطبیعة النقدیة، فهي توفر مناسبة للابتعاد النسبي عن القولة، وبالتالي إبراز قیمتها الفلسفیة والفكریة على ضوء معطیات قبلیة، وبالتالي أطروحات اكتسبناها سابقا.

طبیعة العرض

یتنوع العرض إلى لحظتین فكریتین مسترسلتین: لحظة القراءة ولحظة التقییم (أو النقد)

لحظة القراءة

وهي لحظة مكاشفة القولة، وبالتالي اللحظة الفكریة التي یجب أن نلزم فیها القولة على التفتق للبوح بأطروحتها أو الخطاب الذي تحمله، أو التصور الذي تعرضه .. أو هذه الأمور كلها مجتمعة. وهذه القراءة تتنوع بدورها إلى قراءتین  سنصطلح على تسمیتهما تباعا بالمقاربة المفاهیمیة، و المقاربة الفكریة. ثم تلیهما مباشرة لحظة الإعلان عن الأطروحة المتضمنة في القولة.

المقاربة المفاهیمیة

وهي لحظة وقوف عند المفاهیم الأساسیة للقولة التي یمكن اعتبارها مفاتیح ضروریة للكشف عن أطروحة القولة. إلا أنه یجب الحرص على أن تبتعد القراءة في المفاهیم، عن الشرح اللغوي والخطاب العمومي المبتذل، وأن تحاول الرقي إلى مستوى التنظیر الفلسفي. خصوصا وأن المفترض، أنه یتم التعود على هذه المقاربة أثناء توظیف النصوص داخل الفصل. علاوة على أن هذه مقاربة یجب أن نتعود علیها في السنة الثانیة أدب، على اعتبار أن أحد الأسئلة المذیلة لنصوص الاختبار، قد یحتم علینا ذلك. بدل شرح “عبارة”، یمكن أن یطلب من تلامیذ السنة الثانیة شرح مفهوم أو مفاهیم من النص).

المقاربة الفكریة

وهي اللحظة الفكریة، التي یجب أن نحول فیها القولة، إلى “مقولات” فكریة وبالتالي “أطر” نستطیع أن نوسعها فكریا وفلسفیا، حتى نجعلها تأخذ طابع الخصوصیة. وبذلك نحول خطاب القولة “المقضب” إلى خطاب رحب، باعتباره، یحمل في مكنوناته أبعادا فكریة، وفلسفیة، لایستطیع أن یكتشفها إلا من كلف نفسه عناء التأمل، والتفكر، والتدبر. بعد ذلك، نستطیع الكشف عن أطروحة القولة، في صورة استنتاج، یظهر أن هذه اللحظة كانت ثمرة للمجهود الفكري الذي قمنا به أثناء القراءة السابقة.

لحظة التقییم

بما أننا الآن نعرف الأطروحة التي كانت القولة تخفیها في طیاتها، فإن ما یتوجب القیام به مباشرة بعد ذلك هو الانفتاح على المكتسب المعرفي السابق، وبالتالي البحث عن الأطروحات التي تسیر في توجه القولة. ونحن نعتبر أن هذه المرحلة لیست تقییما أو نقدا مطلقا، لأن في ذلك نوع من الإتمام للمرحلة السابقة. فالأطروحات التي سنأتي بها كنماذج، لا تأتي لتزكي طرح القولة فحسب، وإنما لتزكي كذلك القراءة التي قمنا بها، وتبین لماذا حددنا أطروحة القولة في موقف دون آخر، أو لماذا تندرج في خطاب فكري معین دون الخطابات الأخرى …إلخ. لتأتي بعد ذلك لحظة التقییم الحاسم، والتي تتجلى في البحث عن النقیض، والمعارض في المكتسب المعرفي، واستثماره، بشكل یظهر بأن الموقف الذي تتبناه القولة لیس بالموقف النهائي.

طبیعة الخاتمة

كثیرا ما یتم الاستخفاف بالخاتمة ونحن نعتبرها لحظة حاسمة من لحظات الموضوع. فهي لحظة تفكر فیما سبق ولحظة تعبیر عن الذات. لذا نعتبر الخاتمة استنتاجا منبثقا من اللحظات الفكریة السابقة، وبالتالي تعبیر عن رأینا الشخصي من موقف القولة. رأي ینطلق من الحق الأسمى (الذي لا یتناقض مع روح الفلسفة) الذي نملكه، في أن نكون مع أو ضد أي خطاب أو تصور، إلا أن ذلك لایجب أن یكون بطرقة جزافیة مفتعلة ولا بطریقة مسهبة.

منهجية مقاربة السؤال الفلسفي – منهجيات – الفلسفة – الثانية باك

عنوان الدرس : منهجية مقاربة السؤال الفلسفي

المادة : منهجيات – الفلسفة

الشعب: جميع الشعب (علوم تجريبة وعلوم رياضية وعلوم اقتصادية وعلوم والتكنولوجيات الكهربائية…الخ)

المسالك: جميع المسالك (علوم فيزيائية وعلوم حياة والارض واداب وعلوم انسانية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية ..الخ)

منهجية مقاربة السؤال المفتوح

إن التوجیهات الصادرة في هذا الشأن، تؤكد على تصور منهجي مضبوط لمقاربة السؤال المفتوح، وهذا أمر یفسح المجال لكثیر من التضاربات والتأویلات، ونعتقد أن طریقة السؤال المفتوح هي بالعكس، من الطرق الأكثر استعمالا لتقییم التلامیذ مقارنة مع طریقة القولة–السؤال، وحتى تكون منهجیة مقاربة السؤال المفتوح في المتناول سنصحب الخطوات النظریة بنموذج، الهدف منه الاقتراب من الكیفیة التي یمكن من خلالها فهم الجانب النظري. من أجل ذلك، نقترح السؤال التالي: “هل یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة ؟”

یمكن أن نلاحظ أن هذا السؤال قابل لكي نجیب علیه بالنفي أو الإیجاب أو برأي ثالث یتأرجح بینهما…إلخ. صحیح أن الفلسفة تفكیر نقدي، إلا أنها، في ذات الوقت، تفكیر عقلي منطقي ینبني على المساءلة والفهم والتفكیر قبل إصدار الأحكام. وحتى لا یظهر موضوعنا في صورة الأحكام القبلیة والجاهزة، لا بد من أن یكتسي صیغة إنشاء، أي بناء فكري متدرج ینطلق من الفهم إلى النقد، مستثمرین الأطروحات الفكریة والفلسفیة التي نعرفها. لنتفحص السؤال المطروح أولا

یلاحظ أننا إذا أزلنا الطابع الاستفهامي للسؤال (هل) یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة (؟)، نحصل على العبارة التالیة : “یمكن اعتبار الشخصیة حتمیة اجتماعیة”. الأمر الذي یستدعي منا أولا، توضیح ما معنى أن تكون الشخصیة حتمیة اجتماعیة؟ ! قبل أن ننطلق في مناقشة “هل یمكن اعتبارها حتمیة اجتماعیة ؟”. ونعتقد أن تسجیل هذه الملاحظة الأولیة سیساعدنا على تمثل الخطوات المنهجیة اللاحقة.

طبیعة المقدمة

لا یجب، أبدا، أن ننسى أن هدف المقدمة في الفلسفة، هو أن نحول الموضوع، المطروح علینا، إلى قضیة إشكالیة. وعلیه لابد أن یتحول السؤال ذاته، إلى إشكالیة. وذلك بتأطیره، أولا، داخل الموضوعة العامة، ثم داخل الإشكالیة الخاصة. كما هو الشأن بالنسبة للنص، أو القولة. لكي تنتهي مقدمتنا، بالتساؤلات الضروریة، المستلهمة من السؤال المطروح علینا ذاته. وحتى یكون كلامنا إجرائیا نعود إلى سؤالنا.

التأطیر الإشكالي للسؤال المقترح: یمكن أن یتخذ تقدیمنا العام، صیغا متنوعة. كأن نستغل – مثلا – التنوع الدلالي لمفهوم الشخصیة، أو نستغل طبیعة الفلسفة وما تتسم به من خصوصیة في دراستها للقضایا المتمیزة بطابعها الإشكالي، لنخلص بعد ذلك إلى التأطیر الإشكالي للسؤال، بإظهار أن هذا السؤال یحتم علینا مقاربة مفهوم الشخصیة خصوصا من حیث إشكالیة الشخصیة وأنظمة بنائها. لننتهي إلى طرح الإشكالیة من خلال صیغة تساؤلیة كالآتي: ما معنى أن تكون الشخصیة حتمیة اجتماعیة ؟ وإلى أي حد یمكن اعتبارها (أي الشخصیة) منتوجا حتمیا لمعطیات اجتماعیة موضوعیة ؟ فلا یجب أن ننسى أن المهم في بناء الإشكالیة، لیس هو وضع التساؤلات لذاتها، ولا عددها، وإنما التعبیر عن التساؤلات التي سنجیب عنها، والتي لن تؤدي الإجابة عنها إلى الخروج عن الموضوع.

طبیعة العرض

ینقسم العرض إلى مرحلتین، وبالتالي لحظتین فكریتین متكاملتین:

مرحلة فهم القضیة المطروحة علینا لتقییمها، ویجب في ذلك أن نستغل مكتسبنا المعرفي والأطروحات التي درست. حیث یجب أن تنم كتابتنا عن تأطیر فكري للقضیة التي سنناقشها. ومن أجل ذلك، یجب أن تبتعد كتابتنا عن العمومیات و”الكلام المبتذل” الذي یمكن أن نجده عند “أي كان”. إلا أنه في ذات الوقت، یجب أن نتحاشى الطابع السردي، الذي لا ینم إلا عن الحفظ والاستظهار. فنعمل، بالتالي، عن الاستثمار الوظیفي الجید للمدروس (في الفصل أو خارجه). وبالنسبة “لسؤالنا” یتعلق الأمر هنا بإظهار تمیز الخطاب السوسیوثقافي في التأكید على الحتمیة الاجتماعیة للشخصیة وأهمیة التنشئة الاجتماعیة في بنائها (توظیف نماذج من الأطروحات السوسیوثقافیة)، مع الحرص على إبراز اقتراب بعض التصورات السیكولوجیة من هذا التمثل. حیث أن المدرسة السلوكیة مثلا، تنفي دور الاستعدادات الفطریة، والمؤهلات الفردیة، في بناء الشخصیة. كما تتمیز المدرسة اللاشعوریة، بتنویع مكونات الشخصیة، إلى جانب فطري (الهو) وآخر ثقافي (الأنا والأنا الأعلى) والتأكید على توجیه الجانب الثقافي للفطري. مما یؤكد التفاف العلوم الإنسانیة (باستثناء المدرسة الشعوریة) حول حتمیة الشخصیة. ویمكن الإشارة إلى وجود أطروحات فلسفیة قریبة من العلوم الإنسانیة تؤكد على الحتمیة الاجتماعیة للإنسان (الماركسیة مثلا). لیتم بعد ذلك الانتقال إلى مرحلة البحث عن الأطروحات النقیض، وبالتالي، الاستغلال الوظیفي الجید للأطروحات، التي ترى رأیا مناقضا لما تم طرحه سابقا بعیدا كذلك عن السرد والاستظهار…

ویتعلق الأمر بالنسبة “لسؤالنا” بالأطروحات الفكریة التي تتمثل الشخصیة، وبالتالي الإنسان، بعیدا عن الإكراهات الاجتماعیة المباشرة، أو النفسیة، الناجمة عن تلك الإكراهات. ویتعلق الأمر – في هذا الصدد – بالخطاب الفلسفي الذي یربط الشخصیة بالوعي (كانط ودیكارت)، والخطاب الفلسفي الذي ینفي عن الإنسان كل ثبات، فیرى الشخصیة في تجدد أصیل وفي دیمومة (برغسون). أو یرى أن لیس للإنسان ماهیة ثابتة، لأن “الإنسان یوجد أولا، ثم یحدد ماهیته بعد ذلك” معبرا عن إرادته وحریته (سارتر).

طبیعة الخاتمة

ما ننفك نؤكد على أن الخاتمة لابد أن تتوزع إلى استنتاج ورأي شخصي. فالاستنتاج یجب أن یكون دائما مستلهما من العرض فیعتبر بالتالي حصیلة، وملاحظة موضوعیة للتنوع الفكري الذي یشوب النظرة إلى القضایا ذات الطبیعة الفلسفیة. الأمر الذي یعطي لنا، كذلك، الفرصة لندلي بدلونا في الأمر، ونعطي رأیا في الموضوع. إلا أن هذا الرأي لابد أن یكون مبررا باقتضاب، فنوظف من أجل ذلك ما نعرفه من أطروحات. وفي كل الأحوال یجب أن نتحاشى الآراء الفضفاضة من قبیل “الأجدر أن نتبنى ما ذهب إلیه الخطاب الفلسفي”، أو “وفي هذا الموضوع یستحسن أن نتفق مع الخطاب السوسیوثقافي.” …إلخ، لأن هذا، كما یلاحظ، كلام یحتاج إلى بعض التوضیح.

Ads
Ads Ads Ads Ads
Ads