Ads Ads Ads Ads

نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة – دروس التاريخ – الدورة الثانية – الثانية باك اداب وعلوم انسانية

عنوان الدرس : نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة

المادة : دروس التاريخ – الدورة الثانية – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

تميزت العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وحتى أواخر الثمانينيات بالمواجهة بين معسكرين متناحرين، هما المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، والمعسكر الشرقي بزعامة الإتحاد السوفياتي، وذلك في إطار ما عرف بنظام القطبية الثنائية، واختلفت حدة المواجهة بين المعسكرين بين التوتر والانفراج.

  • فما هو السياق التاريخي لبروز نظام القطبية الثنائية؟
  • وما هي أسباب ومظاهر وأزمات الحرب الباردة الأولى؟
  • وماذا عن مرحلة التعايش السلمي والحرب الباردة الثانية؟

السياق التاريخي (الظروف التاريخية) لبروز نظام القطبية الثنائية

الأوضاع الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وبوادر نظام القطبية الثنائية

أدى تراجع نفوذ القوى الأوربية الاستعمارية التقليدية الممثلة في بريطانيا وفرنسا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إلى تصاعد نفوذ قوتين جديدتين متعارضتين من حيث النظام السياسي والاقتصادي رغم تحالفهما المؤقت خلال الحرب العالمية الثانية ضد النازية والأنظمة الديكتاتورية، وهما الاتحاد السوفييتي الشيوعي والداعم للمد الشيوعي في العالم، والولايات المتحدة الأمريكية الرأسمالية والتي تسعى إلى محاولة إيقاف المد الشيوعي، وتجلى هذا التوجه نحو الثنائية في التقسيم الرباعي لألمانيا بعد تحريرها من النازية إلى مناطق نفوذ الاتحاد السوفييتي الذي سيطر على القسم الشرقي، بينما اقتسمت الدول الرأسمالية (الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا) القسم الغربي فيما بينها، كما قسمت مدينة برلين بنفس الطريقة.

المد الشيوعي السوفياتي في أوربا الشرقية

تجلت الانعكاسات السياسية للصراع بين المعسكرين في مساندة الاتحاد السوفياتي للأحزاب الشيوعية في دول أوربا الشرقية التي ساهم في تحريرها من الاحتلال النازي للوصول إلى السلطة، ولإقامة أنظمة اشتراكية فيها على غرار النظام السوفياتي، وأمام تصاعد المد الشيوعي في أوربا جاءت ردود فعل الولايات المتحدة الأمريكية التي رأت في هذا المد وسيلة للسيطرة على الشعوب وإقرار نظام اشتراكي بها.

رد الفعل الأمريكي من خلال مشروع مارشال

كان رد الفعل الأمريكي على المد الشيوعي في أوربا والعالم ظهور مذهب ترومان أو ما يسمى ب “سياسة محاصرة الشيوعية”، وتدخل في هذا الإطار المساعدات المالية والاقتصادية الضخمة التي قُدمت للدول المتضررة من الحرب من خلال مشروع مارشال سنة 1947م، وقد اعتبر أندريه جدانوف مستشار الرئيس السوفياتي ستالين أن مشروع مارشال يؤدي حتما إلى حدوث تغيرات على سياسة البلد الذي سيلقى هذا الدعم، وبالتالي فرض الامبريالية الأمريكية على العالم، لذلك دعا إلى مواجهة المشروع الأمريكي والصمود في وجه كل المخططات التوسعية الأمريكية، فسارع إلى إنشاء مكتب الإعلام الشيوعي المسمى ب”الكوميفورم” لتعبئة الأحزاب الشيوعية ضد المشروع الأمريكي.

مظاهر الحرب الباردة الأولى وبعض أزماتها (1947 – 1953م)

مفهوم الحرب الباردة ومظاهرها العسكرية والاقتصادية

الحرب الباردة هي حالة الصراع والتوتر والتنافس التي كانت توجد بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى بعد الحرب العالمية الثانية، حيث عمل كل طرف على نشر مبادئه بمختلف الطرق مع تفادي الاصطدام العسكري المباشر في منتصف الأربعينيات وحتى أوائل التسعينيات من القرن الماضي، ومن أهم مظاهرها:

  • الخلافات السياسية: خلافات ناتجة عن الخلاف الإيديولوجي بين المعسكرين، ورغبة كل منهما في بسط نفوذهما في مناطق مختلفة من العالم، والتي ظهرت رغبة الاتحاد السوفياتي لبسط نفوذه في دول البلقان، وكذا تقديم الولايات المتحدة الأمريكية مساعدات خيالية للدول الأوربية لإعادة بناء اقتصادها، وذلك في إطار مشروع مارشال لكسبها إلى جانبها وحمايتها من المد الشيوعي.
  • القطيعة الاقتصادية: تطورت الخلافات السياسية إلى قطيعة اقتصادية بين المعسكرين، حيث أنشأت الكتلة الغربية السوق الأوربية المشتركة، في حين أنشأت الكتلة الشرقية الكوميكون.
  • تكوين أحلاف عسكرية: اتجهت الكتلة الرأسمالية إلى تكوين أحلاف عسكرية موجهة ضد الاتحاد السوفياتي وحلفائه، أبرزها “حلف شمال الأطلسي”، مما أدى إلى إنشاء الاتحاد السوفياتي مع دول الكتلة الاشتراكية “حلف وارسو”.
  • التسابق نحو التسلح: اتجه المعسكران إلى التسابق نحو التسلح، حيث تمكن الطرفان من تطوير الصواريخ العابرة للقارات، ومن صنع القنابل النووية والهيدروجينية، فنشأ عن ذلك ما يسمى ب “نظام توازن الرعب” القائم على تفادي الطرفين الدخول في مواجهة مباشرة خوفا أن من يؤدي استعمال أسلحة الدمار الشامل إلى إفنائها.

تخللت الحرب الباردة الأولى بعض الأزمات

ظهر تأثير توازن الرعب بصفة جلية على العلاقات بين العظميين في أزمة برلين الأولى، وفي الحرب الكورية.

أزمة برلين الأولى 1949م

تم تقسيم ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية إلى أربع مناطق نفوذ، وعلى اثر اتفاق الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا على توحيد المناطق الألمانية الواقعة تحت مراقبتها في بما ذلك برلين الغربية، بالمقابل قرر الاتحاد السوفياتي إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى برلين الغربية، وفرض بذلك حصارا عليها، وكادت هذه الأزمة أن تتحول إلى مواجهة بين العظميين لولا قرار الاتحاد السوفياتي في ماي 1949م رفع الحصار على برلين الغربية، وأعقب ذلك تقسيم ألمانيا في بما ذلك برلين وجمهورية ألمانيا الاتحادية (ألمانيا الغربية) التابعة للحلفاء الرأسماليين، وجمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) التابعة للإتحاد السوفياتي.

الحرب الكورية (1950 – 1953م)

تم تقسيم كوريا على اثر الاحتلال المزدوج الأمريكي السوفياتي لأراضيها إلى شطرين سنة 1945م، كوريا الشمالية يدعمها الاتحاد السوفياتي وكوريا الجنوبية تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية، واندلعت الأزمة بسبب الحرب الأهلية بين الكوريتين عندما هاجمت كوريا الشمالية كوريا الجنوبية، وتوسع نطاق الحرب بعد ذلك عندما دخلت الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ثم الصين أطرافا في الصراع، إذ تدخلت الولايات المتحدة لمساندة كوريا الجنوبية وتدخلت الصين لمساندة كوريا الشمالية، وبعد مشاورات طويلة تم التوقيع على هدنة سلام في يوليوز 1953م، مما شكل بادرة نحو الانفراج الوضع الدولي، وبداية مرحلة جديدة تسمى “التعايش السلمي”.

العلاقات الدولية من التعايش السلمي إلى الحرب الباردة الثانية

دخلت العلاقات الدولية مرحلة التعايش السلمي من بداية الستينيات وإلى غاية 1979م

بعد وفاة ستالين برز التعايش السلمي باعتباره رؤيا جديدة للعلاقات الدولية تنبني على تفادي أسباب التوتر المفضي للمواجهة العسكرية بين الدول خوفا من نتائج الحرب الساخنة بين المعسكرين، وساعد على ذلك أكثر وصول قيادات سياسية للحكم “نيكيتا خروتشوف” بالاتحاد السوفييتي، والرئيس “أيزنهاور” بالولايات المتحدة الأمريكية، ومن العوامل التي أدت إلى نهج سياسة التعايش السلمي:

  • الخوف المتبادل من الحرب مع التطور النوعي في تكنولوجيا الأسلحة.
  • بروز قيادات سياسية مالية للحوار والانفراج في العلاقات الدولية سواء من الجانب السوفياتي أو من الجانب الأمريكي.
  • دور الأمم المتحدة في تكريس قيم السلام والتعاون الدولي، ونبذ الحروب وتشجيع الحلول الدبلوماسية للنزاعات في العالم.
  • اقتناع العظميين بأن التسابق نحو التسلح ليس في صالح الطرفين، وأنه من المفيد الاهتمام بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق التطور والتقدم عوض الدخول في الحرب.

وقد اتخذ التعايش السلمي عدة مظاهر، منها:

  • اللقاأت المكثفة بين العظميين لمعالجة بعض القضايا والخلافات الدولية، مثل وضعية ألمانيا والنمسا، والأمن الأوربي، والعلاقات بين الشرق والغرب، وقضايا نزع السلاح …
  • دعوة القيادة السوفياتية إلى التعايش السلمي في عهد خروتشوف.
  • ظهور موقف مماثل من طرف الولايات المتحدة الأمريكية التي دعت إلى وقف الحملة المارتكية ضد الموظفين المتعاملين مع الأحزاب الشيوعية.

لكن هذا التقارب بين العظميين لم يمنع قيام أزمات حادة أظهرت حدود التعايش السلمي بينهما، وتجلى ذلك بالخصوص في أزمة برلين الثانية، والأزمة الكوبية، والحرب الفيتنامية:

  • أزمة برلين الثانية: اندلعت هذه الأزمة ابتداء من سنة 1955م بعد أن فشلت الكتلتان في التوصل إلى حل لمشكلة تقسيم ألمانيا إلى أربعة مناطق نفوذ، فالإتحاد السوفياتي حاول فرض الاعتراف القانوني بجمهورية ألمانيا الديمقراطية مع تحويل برلين إلى مدينة محايدة، بينما رفضت الأطراف الأخرى هذا الحل، وانتهت الأزمة ببناء جدار برلين من طرف سلطات ألمانيا الشرقية سنة 1961م.
  • الأزمة الكوبية: انفجرت هذه الأزمة سنة 1962م عندما اكتشفت طائرات الاستطلاع الأمريكية وجود قواعد سوفياتية لإطلاق الصواريخ بكوبا، فكان رد فعلها سريعا حيث حاصرت كوبا وهدد الرئيس الأمريكي كينيدي السوفيات بشن حرب شاملة، وانتهت الأزمة بسحب الصواريخ السوفياتية مقابل كف الولايات المتحدة عن تهديد النظام الاشتراكي بكوبا.
  • الحرب الفيتنامية: تواجهت الفيتنام الشمالية التي حظيت بدعم المعسكر الاشتراكي مع الفيتنام الجنوبية الموالية للمعسكر الغربي منذ سنة 1954م، ثم تدخلت الولايات المتحدة في الحرب بشكل مباشر سنة 1965م، لكن التدخل الأمريكي انتهى بتوحيد قوات الشمال لشطري الفتنام سنة 1973م، و بعد أن اضطرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الخروج من الحرب، مما أسمته بالوحل الفيتنامي لعدة عوامل: اقتصادية، ودبلوماسية، ومعنوية، بعد أن كلفت الفيتناميين ما يقرب من ثلاثة ملايين من القتلى، وانتهت بتوحيد الفيتنام في دولة واحدة سنة 1975م.

ولم يكد العالم يتنفس الصعداء من حرب الفيتنام حتى عادت بؤر التوتر والمواجهة الغير مباشرة بين العظميين لتعم عدة مناطق من العالم الثالث إيذانا بنهاية التعايش السلمي وبداية الحرب الباردة الثانية.

الحرب الباردة الثانية (1975 – 1989م)

عادت العلاقات الدولية إلى التوتر من جديد بين القطبين الثنائيين، وذلك بعد أن امتد النفوذ السوفياتي إلى عدد كبير من بلدان العالم الثالث، حيث عمل على توسيع الروابط مع كل من ليبيا سنة 1975م، وأنغولا والموزمبيق سنة 1976م، كما تدخل في أفغانستان سنة 1979م، وبدأ الرد الأمريكي سنة 1977م بتزويد كل من مصر والصومال والسودان والتشاد بالأسلحة الدفاعية، إضافة إلى دعم كل الحركات المناهضة للأنظمة الاشتراكية بالعالم الثالث، وبالموازاة مع ذلك عززت كل من الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي قدراتهما العسكرية، حيث توصل الطرفان إلى تطوير الغواصات الحربية، والقنابل الذرية إبتداأ من سنة 1981م، كما شرعت الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ برنامج الدفاع الإستراتيجي سنة 1989م وهو البرنامج المعروف بحرب النجوم.

خاتمة

هكذا يتضح أن العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية تميزت بالتنافس بين الكتلتين الشرقية والغربية حول مناطق النفوذ وهددت العالم بحرب عالمية ثالثة عدة مرات، لكنها تميزت أيضا بتصاعد الحركات التحررية بالعالم الثالث المطالبة بالحرية والاستقلال.

ملف: المنظمة العالمية للتجارة – دروس الجغرافيا – الدورة الأولى – الثانية باك اداب وعلوم انسانية

عنوان الدرس : ملف: المنظمة العالمية للتجارة

المادة : دروس الجغرافيا – الدورة الأولى – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

يعرف الاقتصاد العالمي العديد من المتغيرات التي قد تنعكس سلباً أو إيجاباً على أدائه، فمنذ القدم لم يكن للدول أن تتدخل في التجارة الدولية لفرض قيود عليها، نظراً لدور الدولة الحارسة آنذاك، والتي تسهر فقط على تحقيق الأمن والعدل، وظلت التجارة الدولية دون قيود حتى ظهور نظريات التجاريين التي أخضعتها للعديد من قيود الحماية، وقد تزايدت الحواجز المباشرة بصورة انتقامية إلى درجة تكاد أن توصف فيها بالحرب التجارية خلال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى حدوث انكماش اقتصادي في أغلب بقاع العالم.

وأمام هذا الوضع غير المناسب كان لابد من بذل الجهود في سبيل إزالة الحواجز أمام حرية التبادل التجاري، وتجسد ذلك في انتقال الاتفاقيات الثنائية في التجارة الخارجية إلى اتفاقيات متعددة الأطراف، الأمر الذي فتح المجال أمام التعاون التجاري، وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عمدت الدول أن تخطو الخطوة الأولى في سبيل تخفيض القيود الجمركية المفروضة على تجارتها الخارجية بعد إعادة ما بناء دمرته الحرب، بحيث ظهر اتجاه تبنته الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء منظمة دولية تكمل الإطار المؤسسي الدولي، يهدف إلى تحرير النظام العالمي إلى جانب صندوق النقد الدولي (FMI) والبنك الدولي (BM)، فظهرت المنظمة العالمية للتجارة (OMC).

  • فما هي المنظمة العالمية للتجارة؟ وكيف نشأت؟
  • وما هي أهداف ومهام المنظمة وهيكلها التنظيمي؟
  • وما هي آثار تطبيق الاتفاقية على بلدان الشمال والجنوب؟ وما رد الفعل اتجاهها؟
  • وما أثار انضمام المغرب إلى المنظمة العالمية للتجارة؟

المنظمة العالمية للتجارة: تعريفها، نشأتها ومبادئها

تعريف ومسار تكوين المنظمة العالمية للتجارة

المنظمة العالمية للتجارة هي مؤسسة دولية مستقلة ماليا وإداريا، غير خاضعة لهيئة الأمم المتحدة، تسعى إلى تقوية وتنمية التبادل الحر في العالم، وهي النظام الدولي الوحيد الذي ينشغل بالقواعد التي تدير التجارة بين البلدان، تأسست بموجب العقد الختامي لجولة الاورغواي بمدينة مراكش سنة 1994م، ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية، ظهرت الحاجة إلى تحرير التجارة الدولية للتغلب على المصاعب والمشاكل التي عاناها الاقتصاد العالمي خلال فترة الحرب، ولمنع تكرار الكساد الاقتصادي الكبير الذي لحق بالعالم في أوائل ثلاثينيات القرن 20م، وقد أدرك العالم حينذاك أن تحرير التجارة هو الاتجاه الصحيح الوحيد للتنمية الاقتصادية، وتحقيق معدلات نمو عالية، وتحرير التجارة من تأثير مباشر في الإنتاج والاستهلاك والاستثمار، ونتيجة لذلك، جاءت اتفاقية “الجات” عام 1947م، وهي اتفاقية للتجارة متعددة الأطراف، هدفها “تحرير التجارة الدولية” عن طريق إزالة الحواجز التجارية (الجمركية وغير الجمركية) التي تضعها الدول في وجه التجارة الخارجية، وفتح الأسواق للمنافسة الدولية؛ لتقود العالم إلى الانتعاش الاقتصادي والرخاء، ولتكون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء وإعادة التعمير أركان النظام الاقتصادي العالمي الجديد.

وقد شهدت الجات ثماني جولات من المفاوضات، بين عامي 1947م و1994م، وتعد الجولة الثامنة المعروفة باسم “جولة أوروجواي” أهم الجولات جميعاً، إذ دارت المفاوضات خلالها بين عدد كبير غير مسبوق من الدول (124دولة) في معظم جوانب التجارة العالمية، مثل: التجارة الدولية في السلع، وفي قطاع الخدمات، وحقوق الملكية الفكرية، وقوانين الاستثمار وآثارها في التجارة الدولية، والقواعد العامة لتلك التجارة، بل إن نتائج جولة أوروجواي كانت أهم ما توصلت إليه “الجات” منذ إنشائها عام 1947م، ولقد انتهت مفاوضات تحرير التجارة الدولية بين الدول الأعضاء في “الجات” إلى إعلان اتفاقية إنشاء “منظمة التجارة العالمية” بديلا عن اتفاقية “الجات”، وذلك في مؤتمر عقد في مدينة مراكش بالمغرب في 15 أبريل 1994م، فكان إنشاؤها من أهم إنجازات جولة مفاوضات أوروجواي، لأنها تمثل كياناً دولياً جديداً يتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة للمنظمات الدولية، على عكس اتفاقية “الجات” التي كانت تمثل اتفاقاً بين أطراف متعاقدة، ومنذ إنشاء منظمة التجارة العالمية أصبحت المنظمة مسؤولة عن الإشراف على النظام التجاري العالمي، وتيسير إدارة اتفاقيات “الجات” وتنفيذها، وتوفير برنامج لمفاوضات تجارية متعددة الأطراف، ومراجعة السياسات التجارية للدول الأعضاء بصفة دورية، ودخلت حيز التطبيق في أول يناير سنة 1995م، ويوجد مقر المنظمة بجنيف السويسرية، وتعتبر منظمة حكومية إذ لا يشارك في قراراتها إلا حكومات الدول الأعضاء.

مبادئ منظمة التجارة العالمية

عدم التمييز بين الدول الأعضاء

وينطوي هذا المبدأ على عدم التمييز بين الدول الأعضاء في المنظمة، أو منح رعاية خاصة لإحدى الدول على حساب الدول الأخرى، بحيث تتساوى كل الدول الأعضاء في الجات في ظروف المنافسة بالأسواق الدولية، فأي ميزة تجارية يمنحها بلد لبلد آخر يستفيد منها دون مطالبة باقي الدول الأعضاء.

مبدأ الشفافية

يقصد بهذا المبدأ الاعتماد على التعريفة الجمركية وليس على القيود الكمية (التي تفتقر إلى الشفافية)، أي أن تكون التعريفة محددة على الكيف، إذا اقتضت الضرورة تقييم التجارة الدولية، وبذلك ينبغي على الدول التي يتحتم عليها حماية الصناعة الوطنية، أو علاج العجز في ميزان المدفوعات أن تلجأ لسياسة الأسعار والتعريفة الجمركية مع الابتعاد عن القيود الكمية مثل الحصص (حصص الاستيراد)، ويرجع ذلك إلى أنه في ظل قيود الأسعار يمكن بسهولة تحديد حجم الحماية أو الدعم الممنوح للمنتج المحلي.

مبدأ المفاوضات التجارية

وهذا المبدأ معناه اعتبار منظمة التجارة العالمية هي الإطار التفاوضي المناسب لتنفيذ الأحكام أو تسوية المنازعات.

مبدأ المعاملة التجارية التفضيلية

أي منح الدول النامية علاقات تجارية تفضيلية مع الدول المتقدمة، وذلك بهدف دعم خطط الدول النامية في التنمية الاقتصادية وزيادة حصيلتها من العملات الأجنبية.

مبدأ التبادلية

يقضي هذا المبدأ بضرورة قيام الدول الأعضاء بالاتفاقية بتحرير التجارة الدولية من القيود أو تخفيضها، ولكن في إطار مفاوضات متعددة الأطراف تقوم على أساس التبادلية، بمعنى أن كل تخفيف في الحواجز الجمركية أو غير الجمركية لدولة ما، لابد وأن يقابله تخفيف معادل في القيمة من الجانب الآخر حتى تتعادل الفوائد التي تحصل عليها كل دولة وما تصل إليه المفاوضات في هذا الصدد، ويصبح ملزما لكل الدول، ولا يجوز بعده إجراء أي تعديل جديد إلا بمفاوضات جديدة.

أهداف ومهام المنظمة العالمية للتجارة وهيكلها التنظيمي

أهداف ومهام المنظمة العالمية للتجارة ودوافع نشأتها

الهدف الرئيسي للمنظمة هو تحقيق حرية التجارة الدولية، وذلك بالقضاء على صورة المعاملة التمييزية فيما يتعلق بانسياب التجارة الدولية، وإزالة كافة القيود والعوائق والحواجز التي من شأنها أن تمنع تدفق حركة التجارة عبر الدول، أما الأهداف الأخرى فتتمثل فيما يلي:

  • رفع مستوى المعيشة للدول الأعضاء.
  • السعي نحو تحقيق مستويات التوظف )التشغيل كامل( للدول الأعضاء.
  • تنشيط الطلب الفعال.
  • رفع مستوى الدخل القومي الحقيقي.
  • الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية العالمية.
  • تشجيع حركة الإنتاج ورؤوس الأموال والاستثمارات.
  • سهولة الوصول للأسواق ومصادر الموارد الأولية.
  • خفض الحواجز الكمية والجمركية لزيادة حجم التجارة الدولية.
  • إقرار المفاوضات كأساس لحل المفاوضات المتعلقة بالتجارة الدولية.

الهيكل التنظيمي لمنظمة العالمية للتجارة

يتشكل هيكل منظمة التجارة العالمية من عدد من الأجهزة، وهي:

  • المؤتمر الوزاري: ويتكون من جميع الدول الأعضاء (على مستوى وزراء التجارة الخارجية)، ويعقد اجتماعا كل عامين، ويتمتع بسلطة اتخاذ القرارات المتعلقة باتفاقيات تحرير التجارة بما في ذلك قيود بنود الاتفاقية.
  • المجلس العام: ويتكون من ممثلين من كافة الدول الأعضاء، ويتولى مسئوليات المؤتمر الوزاري فيما بين دورات انعقاده، ويقوم بوضع القواعد التنظيمية واللوائح الإجرائية الخاصة به وبعمل اللجان المختلفة، كما يتولى مسئولية وضع الترتيبات اللازمة مع المنظمات الحكومية الدولية الأخرى، والتي تضطلع بمسئوليات متداخلة مع تلك الخاصة بمنظمة التجارة العالمية.
  • جهاز تسوية المنازعات: وهو أحد الأجهزة الرئيسية التي تشمل ولايته كافة مجالات السلع والخدمات والملكية الفكرية بشكل متكامل.
  • آلية مواجهة السياسات التجارية: وهي المنوطة بمراجعة السياسات التجارية الدولية للدول الأعضاء وفقا للفترات الزمنية المحددة بنص الاتفاق، وتتراوح بين عامين للدول المتقدمة، وأربعة أعوام للدول النامية، وستة أعوام للدول الأقل نموا.
  • المجالس النوعية بالمنظمة: وهي مجلس لشؤون تجارة البضائع، ومجلس لشؤون تجارة الخدمات، ومجلس لشؤون جوانب التجارة المتصلة بحقوق الملكية، وعلى كل مجلس من هذه المجالس أن يشرف على تطبيق الاتفاقيات الخاصة به، وعضوية هذه المجالس التي تعقد عند الضرورة مفتوحة أمام ممثلي الدول الأعضاء بالمنظمة.
  • أمانة المنظمة: وهي هيئة داخل المنظمة يقوم المدير العام للمنظمة بتعيين موظفيها وتحديد واجباتهم وشروط خدمتهم وفقًا للأنظمة التي يعتمدها المجلس الوزاري.

المنظمة العالمية للتجارة: العضوية واتخاذ القرارات، والجوانب الإيجابية والسلبية

اتخاذ القرارات وعضوية المنظمة

يتم اتخاذ القرارات في المنظمة بالأغلبية المطلقة للمصوتين، ولكل عضو في اجتماعات المؤتمر الوزاري والمجلس العام صوت واحد، أما بالنسبة لعضوية المنظمة، فهي تكون للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، وعلى الدول المنضمة للمنظمة الالتزام بكل الاتفاقيات التي تم إبرامها منذ عام 1947م وحتى تحول الجات إلى منظمة التجارة العالمية في عام 1995م، غير أن الانضمام إلى المنظمة لا يعني التطبيق الفوري لكل الاتفاقيات وإنما يتم ذلك تدريجيا، وتسبق العضوية مفاوضات بين المنظمة والدولة الراغبة في العضوية يتم فيها تحديد مجالات تحرير التجارة التي ستلتزم بها الدولة، وذلك وفقًا لمستوى النمو الاقتصادي لهذه الدولة، ويلاحظ أنه ليس هناك إجبار للدولة على دخول المنظمة، فالعضوية تكتسب بشكل تطوعي وتخضع لمدى رؤية الدولة لاستفادتها من عدمه من الانضمام للمنظمة، إلا أنه واقعيا لا يمكن لأي دولة أن تظل خارج منظوم الاقتصاد العالمي، وهناك تسع دول عربية منضمة للجات حاليا وهي: الإمارات، والبحرين، وتونس، ومصر، والمغرب، وموريتانيا، والكويت، وجيبوتي، وقطر، إضافة إلى خمس دول في طريقها للانضمام هي الأردن، والجزائر، السودان، وسورية، والسعودية.

الجوانب الإيجابية والسلبية لعضوية المنظمة

إن تحرير التجارة الدولية سوف يؤدي إلى انتعاش الاقتصاد العالمي، ومن شأن زيادة النمو الاقتصادي وارتفاع الطلب على مختلف أنواع السلع أن يؤدي إلى انتعاش الاقتصاديات الوطنية ونموها، وزيادة فرص النفاذ للأسواق الخارجية نتيجة لإلغاء الرسوم أو تخفيضها، وإزالة العوائق التي تواجه صادرات الدول النامية، واستفادة الكثير من الدول النامية بالمزايا النسبية في العديد من السلع كالمنسوجات، والملابس، والمنتجات الزراعية، وضمان عدم التمييز في معاملة السلع المتبادلة فيما بين الدول الأعضاء في المنظمة، ولجميع الدول الأعضاء حق المشاركة في مجالس المنظمة ولجانها، وبالتالي إمكانية الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والتجارية خلال جولات المفاوضات المتعددة الأطراف، ومن سلبيات العضوية ارتفاع أسعار بعض المنتجات الغذائية نتيجة لإزالة الدعم عليها من قبل الدول المتقدمة، وتحتم عضوية المنظمة إزالة الرسوم الجمركية والسعي لتطوير مصادر بديلة للإيرادات، وكنتيجة لتطبيق قاعدة الالتزام الواحد واجهت بعض الدول الأعضاء صعوبات في تطبيق الاتفاقيات المنبثقة عن جولة الأورجواي، وفى مقدمتها اتفاقيات حقوق الملكية الفكرية، والتثمين الجمركي، وتراخيص الاستيراد والقيود الفنية للتجارة، لذا فقد نصت بعض اتفاقيات المنظمة على منح معاملة خاصة لهذه البلدان، وذلك بمنح البلدان النامية فترة انتقالية لتطبيق بعض الالتزامات وإطالة الفترات الانتقالية لأقل البلدان نموا وإعفاءها من بعض الالتزامات، وتوفير المساعدة الفنية للدول النامية والأقل نموا.

أنشطة المنظمة العالمية للتجارة وانعكاساتها على دول الشمال ودول الجنوب وردود الفعل اتجاهها

مظاهر أنشطة المنظمة العالمية للتجارة

  • التطور الايجابي الذي عرفته قيمة صادرات السلع بين دول العالم ما بين 1948م و2005م.
  • الانخفاض المتواصل لقيمة التعريفة الجمركية في الدول الصناعية نظرا لمجهودات المنظمة، حيث ساهمت في تخفيض الحواجز الجمركية وانضمام دول جديدة.
  • فض النزاعات بين الدول الأعضاء، وكمثال على ذلك دعوة المنظمة الاتحاد الأوربي لرفع الحظر على استيراد اللحوم المعالجة بهرمونات النمو من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ما دامت ليست هناك دلائل علمية تثبت عدم صلاحية تلك اللحوم.

انعكاسات أنشطة المنظمة العالمية للتجارة في بلدان الشمال والجنوب

  • احتكار دول الثالوث الغنية لتدفقات المبادلات التجارية في العالم.
  • احتكار أوربا لأزيد من %48 من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم لسنة 2005م.
  • تزايد مديونية دول العالم الثالث وتكريس تبعيتها للغرب.

ردود الفعل اتجاه أنشطة المنظمة العالمية للتجارة وموقف هذه الأخيرة منها

أهم ردود الفعل تجلت في المظاهرات التي نظمت في العديد من دول العالم ضد المنظمة (هونغ كونغ، كانكون، المكسيك …)، كما اعتبر أعضاء المجتمع المدني العالمي المناهض لجولة الاورغواي أن المنظمة العالمية للتجارة ساهمت في تركيز الثروة بين أيدي الأثرياء بينما نمت الفقر لدى غالبية سكان العالم، وأن قواعد هذه المنظمة غير عادلة وغير شفافة، وأن الاتفاقيات الصادرة عن جولة أورغواي فتحت الأسواق لصالح الشركات العالمية على حساب الاقتصاديات الوطنية والعمال والمزارعين وغيرهم، لكن المنظمة العالمية للتجارة أكدت على أنها ساهمت في المحافظة على السلم، وتخفيض تكاليف العيش، وتوظيف السلع والوظائف للمستهلكين …

آثار انضمام المغرب إلى المنظمة العالمية للتجارة

وقع المغرب على الاتفاق العام للتعريفات الجمركية والتجارة “الكات” سنة 1987م، كما صادق على العقد النهائي في المؤتمر الوزاري الذي انعقد في مراكش في أبريل 1994م، وبعدها صار المغرب عضوا في المنظمة العالمية للتجارة، وتقوم بفحص سياسته التجارية، وقد أكد البنك الدولي على ارتفاع صادرات المغرب وخاصة إلى الاتحاد الأوربي الذي وقع معه اتفاقية التبادل الحر سنة 1996م، والولايات المتحدة التي أبرم معها اتفاقية التبادل الحر سنة 2004م، ومن جهة أخرى ستتدفق المنتجات الأوربية والأمريكية نحو الأسواق المغربية مما يفرض على المقاولات المغربية جوا تنافسيا يرغمها على تقوية نظامها الاقتصادي بشكل متواصل.

خاتمة

إن لمنظمة التجارة العالمية دور كبير في تحقيق التعاون الاقتصادي، ومساعدة دول الأعضاء للنهوض في المجال الاقتصادي وتحقيق رفاهية الشعب، لذلك تعتبر هذه المنظمة من أهم المنظمات في العالم للسير في الاتجاه الصحيح للنمو والارتقاء.

شرق آسيا: قطب اقتصادي في تطور متصاعد – دروس الجغرافيا – الدورة الأولى – الثانية باك

عنوان الدرس : شرق آسيا: قطب اقتصادي في تطور متصاعد

المادة : دروس الجغرافيا – الدورة الأولى – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

تأسست رابطة دول جنوب شرق آسيا في 8 غشت سنة 1967م بمبادرة من الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة المد الشيوعي إبان الحرب الباردة، وتسعى هذه الرابطة اليوم إلى توطيد التعاون بين الدول الأعضاء لتحقيق منطقة واسعة للتبادل الحر في جنوب شرق آسيا.

  • فما هي مراحل تأسيس رابطة دول جنوب شرق آسيا؟
  • وما هي مبادؤها والمؤسسات المسيرة لها؟
  • وما هي مظاهر وعوامل النمو الاقتصادي لهذه الرابطة؟
  • وما هي التحديات التي تواجه الرابطة، وجهود التغلب عليها؟

رابطة دول جنوب شرق آسيا: تعريفها، تأسيسها، مبادئها، أهدافها وأجهزتها

تعريف رابطة دول جنوب شرق آسيا، وتحديد مراحل تأسيسها

رابطة بلدان جنوب شرق آسيا (ASEAN) هي منظمة تسعى إلى تحقيق التعاون الجهوي بين دول جنوب شرق آسيا في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتقني، وإلى تحقيق الاستقرار السياسي والسلام في المنطقة، أعلن عن تأسيسها في إعلان بانكوك (التايلاند) سنة 1967ممن طرف 5 دول هي: أندونيسيا، ماليزيا، التايلاند، الفليبين وسنغافورة، وأصبح عدد الدول الأعضاء 10 بعد انضمام 5 دول أخرى هي: الفيتنام، اللاووس، الكامبودج، بروناي وميانمار، وتضم المجموعة حوالي 558 مليون نسمة، لكن دولها تتفاوت في عدد السكان والمساحة والنمو الاقتصادي.

مبادئ وأهداف رابطة جنوب شرق آسيا (ASEAN)

تبنت رابطة دول جنوب شرق آسيا المبادئ الأساسية التالية:

  • الاحترام المتبادل للاستقلال والسيادة الترابية والهوية الوطنية لكل بلد في الرابطة.
  • عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلدان الرابطة.
  • حل الخلافات والنزاعات بين بلدان الرابطة بالطرق السلمية، والتخلي عن التهديد واستعمال القوة العسكرية.
  • حق كل في بلد في تسيير شؤونه بكامل الحرية.
  • التعاون الناجع بين دول الرابطة.

وأهم أهداف رابطة دول جنوب شرق آسيا:

  • التعاون من أجل التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
  • إحلال السلام والاستقرار في إطار القانون الدولي.

المؤسسات المسيرة لرابطة دول جنوب شرق آسيا

تتخذ القرارات الكبرى في القمة السنوية لرؤساء الدول والحكومات، ويسبق هذه القمة اجتماع وزراء الخارجية والاقتصاد، ويتم تنسيق السياسات المشتركة في الاجتماعات الوزارية الدورية وفي لقاأت الموظفين السامين المختصين، كما يتم وضع وسائل تطبيق القرارات المتخذة في القمة من طرف اللجان ومجموعات العمل، بينما تتولى سكرتارية الرابطة مهام الإعلام وتقديم المشورة والتنسيق وتفعيل مختلف أنشطة الرابطة.

مظاهر النمو الاقتصادي المتفاوت لرابطة دول جنوب شرق آسيا

مظاهر وعوامل النمو الاقتصادي للرابطة

حققت دول جنوب شرق آسيا نموا اقتصاديا لا يستهان به خاصة في ميادين الصناعة والتجارة والخدمات، حيث ازدهرت بعض الصناعات (الصناعة الميكانيكية، والكيماوية، والإلكترونية)، وارتفعت الصادرات ونمت المبادلات البينية، كما تزايدت أهمية المنطقة في المجال السياحي، ويفسر هذا النمو الاقتصادي بتعزيز التعاون بين دول الأعضاء، وبتهافت الاستثمارات الأجنبية على المنطقة أمام التسهيلات الجبائية، وضعف الأجور، وضخامة عدد السكان، ووفرة اليد العاملة، والثروات الطبيعية.

تباين النمو الاقتصادي بين الدول الأعضاء

يتجلى هذا التباين في التفاوت بين دول الرابطة في الناتج الداخلي الخام لاختلاف ظروفها الطبيعية والبشرية، كما يتجلى في أهمية المبادلات التجارية لكل دولة، سواء بالنسبة للتجارة الخارجية أو المبادلات البينية بين دول المجموعة، ويمكن تقسيم دول الرابطة حسب المستوى الاقتصادي إلى مجموعتين هما:

  • الدول أكثر تقدما اقتصاديا: سانغفورة، تايلاند، ماليزيا، أندونيسيا، الفلبين.
  • الدول أقل تقدما اقتصاديا: ميانمار، اللاووس، الكامبودج، الفيتنام، بروناي.

رابطة دول جنوب شرق آسيا بين التحديات والآفاق المستقبلية

التحديات التي تواجهها رابطة دول جنوب شرق آسيا

تواجه رابطة دول جنوب شرق آسيا بعض التحديات، من أبرزها:

  • المنافسة الأجنبية خاصة من طرف الدول المجاورة وفي طليعتها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وطايوان.
  • تباين مؤشر التنمية البشرية حيث يكون مرتفعا في الدول الأكثر تقدما داخل الرابطة، ومنخفضا في الدول الأقل تقدما.
  • حدوث بعض الأزمات المالية والكوارث الطبيعية: في سنة 1997م عرفت البورصة الدولية لسانغفورة انهيار الأسهم، مما أدى إلى إفلاس المساهمين وبعض الشركات، كما تعرضت بعض بلدان المنطقة في دجنبر 2004م لإعصار تسونامي الذي خلف خسائر بشرية ومادية جسيمة.

الآفاق المستقبلية لرابطة دول جنوب شرق آسيا

تهدف دول الرابطة إلى إنجاح فرص التكامل الاقتصادي بينها، وذلك بتوقيع معاهدة التبادل الحر  سنة 1992م، التي نصت على تخفيض الرسوم الجمركية إلى %5 بين الدول الأعضاء سنة 2008م، وتهدف دول المجموعة إلى تحقيق تكتل يرتكز على ثلاثة أعمدة هي:

  • الوحدة الأمنية: من خلال اعتماد الحوار والسلام، وحل النزاعات بين دول الأعضاء.
  • الوحدة الاقتصادية: التي تستهدف الاندماج الاقتصادي، وتعزيز التبادل الحر، وتحقيق تنمية اقتصادية متوازنة.
  • الوحدة السوسيوثقافية: التي تستهدف خلق هوية جهوية لتنشيط التعاون من أجل التنمية الاجتماعية، ورفع مستوى عيش سكان البوادي، وتشجيع المشاركة الفعالة لمكونات المجتمع، وتأهيل اليد العاملة.

وتدعو دول الرابطة مستقبلا إلى إنشاء منطقة واسعة للتبادل الحر في آسيا تضم دول المجموعة إلى جانب الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند.

خاتمة

بفعل ضمان الاستقرار والتعاون، حققت دول رابطة دول جنوب شرق آسيا تطورا لا يستهان به، لكنها رغم ذلك، لا تزال تعاني من مظاهر التخلف الاقتصادي والاجتماعي.

Ads
Ads Ads Ads Ads
Ads