Ads Ads Ads Ads

شعر الغزل – مدخل مفاهيمي – درس نصوص – اللغة العربية – جدع مشترك آداب وعلوم إنسانية

المستوى: جدع مشترك آداب وعلوم إنسانية جدع مشترك أصيل

المادة :دروس النصوص الدورة الثانية – اللغة العربية

عنوان الدرس : شعر الغزل – مدخل مفاهيمي

شعر الغزل

عرف العرب الشعر منذ القدم فقد كان الشعر بالنسبة لهم قديما هو اسلوب حياة ، كانوا يعبرون فيه عن جميع امور حياتهم ، ابتدأء بالفخر ووصف المعارك والهجاء بين الخصوم حيث كانت تقام المسابقات وتعطى الجوائز لأفضل ابيات الشعر ، كما كان الحب والغزل جزء لايتجزاء من امور حياتهم اليومية لذلك كتبوا قصائد في الغزل والحب وابدعوا وتفننوا فيها .

الغزل الفاحش

هذا النوع من الشعر لم يكن شائعا كثيرا بعكس الشعر العذري الذي  انتشر بشكل واسع في اوساط الشعراء العرب وذلك للعادات والتقاليد العربية المحافظة التي كان عليها العرب منذ القدم ، الا ان هذا النوع من الغزل ظهر بصورة اقل انتشارا ومن اهم الشعراء الذين كتبوا في الغزل الفاحش  الاحوص و عور بن ابي ربيعة

الغزل العذري

ترجع كلمة عذري الى اسم قبيلة ( عذرة ) التي كانت في وادي قرب المدينة المنورة ، واشتهر شعراء هذه القبيلة بهذا النوع من الغزل ثم بعد ذلك اصبح يطلق على كل من التزم بطريقتهم بالشعر العذري ومن اهم شعراء قبيلة عذرة جميل بثينة العذري و ابراهيم بن عبد الرحمن العذري

مراحل ظهور الغزل في الشعر العربي

ظهور الغزل في الشعر العربي كانت منذ بدايته ، حيث ظهر الغزل في الشعر الجاهلي بما يسمى بالمقدمة الطليلة التي كان العرب في الجاهلية يستهلونها في بداية اشعارهم فيتحدثون عن الاطلال والحبيبة ويتغزلون بها ثم يبدأون الشعر في الموضوع الاساسي للقصيدة.

واختلف ظهور الغزل في الشعر العربي من زمن الى زمن اخر كما اختلفت اساليبه ومفرداته ودلالاته ، واهم مراحل ظهور الغزل هي :

  • المرحلة الاولى : الغزل البدوي (الغزل العفيف)

في هذه المرحلة ظهر شعراء الغزل الذي تميز شعرهم بالاحتشام  والتزام كل شاعر من الشعراء بالكتابة عن حبيبة واحدة دون غيرها يكتب فيها كامل قصائده ، وكانت الكلمات مليئة بمعاني الحب والوجدان ، في هذه المرحلة لم يكن الشعارء يكتبون عن وصف الجسم  بل كان الشعر يتعلق بنظرت العيون والتضحية من اجل الحبيب .

  • المرحلة الثانية الشعر الحضري (الغزل الصريح)

في هذه المرحلة لم يلتزم الشعراء بحبيبة واحدة ، بل كان يكتب الشعراء عن  اكثر من امرأة  ولم يلتزم فيه الشعراء بالحشمة في هذة المرحلة ، صار الغزل يتعلق بوصف الجسد والتغزل فيه بالمجاز او الرمز ولم يصل الى موضعا يجعله محظورا  كما كان خاليا من العاطفة وسمي باكثر من اسم من الغزل المباشر والغزل الحسي والغزل المدني وغيرها

الغزل في شعر ابن أبي ربيعة العُذري

وهو اكثر الشعراء غزلا ، وهو اول شاعر يفرد قصيده بكاملها للغزل دون المقدمات الطللية ومن اشهر قصائدة في الغزل قصيدة أمن ال نعم يقول فيها:

غَداةَ غَدٍ أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ  ۩۩۩  أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ
فَتُبلِغَ عُذراً وَالمَقالَةُ تُعذِرُ  ۩۩۩  لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ وَلا القَلبُ مُقصِرُ  ۩۩۩  تَهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ
وَلا نَأيُها يُسلي وَلا أَنتَ تَصبِرُ  ۩۩۩  وَلا قُربُ نُعمٍ إِن دَنَت
نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ  ۩۩۩  وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعمٍ وَمِثلُها
لَها كُلَّما لاقَيتُها يَتَنَمَّرُ  ۩۩۩  إِذا زُرتُ نُعماً لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ
يُسِرُّ لِيَ الشَحناءَ وَالبُغضُ مُظهَرُ  ۩۩۩  عَزيزٌ عَلَيهِ أَن أُلِمَّ بِبَيتِها
يُشَهَّرُ إِلمامي بِها وَيُنَكَّرُ  ۩۩۩  أَلِكني إِلَيها بِالسَلامِ فَإِنَّهُ
بِمَدفَعِ أَكنانٍ أَهَذا المُشَهَّرُ  ۩۩۩  بِآيَةِ ما قالَت غَداةَ لَقيتُها
أَهَذا المُغيريُّ الَّذي كانَ يُذكَرُ  ۩۩۩  قِفي فَاِنظُري أَسماءُ هَل تَعرِفينَهُ
وَعَيشِكِ أَنساهُ إِلى يَومِ أُقبَرُ  ۩۩۩  أَهَذا الَّذي أَطرَيتِ نَعتاً فَلَم أَكُن
سُرى اللَيلِ يُحيِي نَصَّهُ وَالتَهَجُّرُ  ۩۩۩  فَقالَت نَعَم لا شَكَّ غَيَّرَ لَونَهُ
عَنِ العَهدِ وَالإِنسانُ قَد يَتَغَيَّرُ  ۩۩۩  لَئِن كانَ إِيّاهُ لَقَد حالَ بَعدَنا

وهو في هذه القصيدة يبين انه معشوق لا عاشق حيث يصف حبيبته وهي تتحاور مع صديقاتها ويدور الحديث حوله واسرد حديثهن بشكل جميل وممتع كما يعتبر عمر شاعر الغزلين الغزل العذري والغزل الصريح وله عدة قصائد في النوعين من الغزل .

شعر الوصف – تحليل نص وصف الربيع لمحمود سامي البارودي – درس نصوص – اللغة العربية

المستوى: جدع مشترك آداب وعلوم إنسانية جدع مشترك أصيل

المادة :دروس النصوص الدورة الثانية – اللغة العربية

عنوان الدرس :شعر الوصف – تحليل نص ‘وصف الربيع’ لمحمود سامي البارودي

سياق النص

يندرج إنتاج النص في سياق الإعجاب بمفاتن الطبيعة التي تسحر النفوس وتبهر العقول وتحرك قرائح الشعراء، فيصورون عناصرها تصويرا يحاول القبض على أسرارها الجميلة ولحظاتها المذهلة خاصة في فصل الربيع. والبارودي لايخرج في وصفه للطبيعة عن الخط الفني للقصيدة العمودية مترسما خطا فحول الوصف في عصور النضج الشعري من الجاهلية إلى الفترة العباسية على مستوى التراكيب والأساليب والدلالة والصور والإيقاعات والرؤية الشعرية بما يكشف عن قدرة خلاقة وموهبة متأصلة في تطويع هذا الفن كما طوعه الأولون، وتأليف القول الشعري الوصفي بكل تلقائية تصدر عن طبع وسليقة وعمق تجربة وقوة انفعال وثراء معرفة وإدراك مما يعد إضافة نوعية إلى الثرات الشعري الأصيل من شاعر عربي مصري حديث له من شخصية المتنبي أكثر من شبه، وترك بصماته واضحة على أحمد شوقي وغيرهما ممن أصلوا الشعر العمودي الحديث.

ملاحظة النص

يصرح العنوان بالغرض الشعري الذي يندرج ضمنه النص، وهو وصف الطبيعة في إحدى لحظاتها الزاهية وفتراتها التي تصطبغ فيها كل العناصر بالحياة والحركة الجميلة والمظهر المثير، إنه فصل الربيع حيث تلتحم الأرض والسماء والنسمة والضياء وانفعالات الشاعر لتُعزف سمفونية شعرية خالدة تحاول الاقتراب من روعة المشهد عبر وصف ينصرف إلى الأجزاء الأكثر استبدادا بنفس الشاعر، واستثارة لإدراكه وتهييجا لمخيلته، وهو مانسلط عليه الضوء في هذا النص.

فهم النص

يتضمن النص جملة من المشاهد والمشاعر نجملها كالأتي:

  • تصوير الشاعر لحظة انبلاج الضوء ساعة الفجر وكأن ولادته فتاة رقيقة ترمي بخيوط النور في لحظة تنشغل فيها أفواه الزهر بحكاية أسرار الندى.
  • تشبيه الشاعر نسمة الصباح المشبعة بندى الزهر وعبير الشجر بفتاة* جميلة تحمل في أعطافها وأردانها أنفاس الخمائل تمشي بها على بساط ندي بعبق عطر.
  • رغبة الشاعر في اغتنام لحظة الصباح الباكر في فصل الربيع حيث تستيقظ الطبيعة من سباتها منتشية متناغمة العناصر في انسجام تام بين الأرض والجو والسحاب والغدران والمطر والسيول.
  • تمثيل الشاعر تماوج الأغصان بفعل الصبا بطيور ترفرف بأجنحة خضراء، والندى فوق شقائق النعمان بدموع على خدود حمراء أو فضة تسيل على ذهب تنعكس عليه أشعة الشمس الذهبية فيعكسها في منظر يشبه تطاير الشرر فوق الجمر المتقد.
  • تشبيه الشاعر، على سبيل الاستعارة، مرمى نظره بالمرعى تقتات منه العين جمالا وهطول المطر على الأرض بالوشي، وكأن السحابة الماطرة ترسل إبرها إلى الأرض فتطرز مروجها المرملة السهلة الغناء المصقولة بزهر يبدو فيها كالنجوم اللامعة في سماء خضراء تروق العين وتبهرها.
  • تشبيه الزهر نصف المفتوح في الصباح وفوقه كرات الندى المتجمدة بأصداف تبتسم وتتفتق مباسمها عن لآلئ ساطعة
  • تأثر الشاعر، والصبح لا يزال نائما في حضن أمه كناية عن البكور، بمنظر حمامات ترسل هديلا شجيا كأنه شعر البارودي المعبر عن مكنون قلب شفه الهوى والغرام.

تحليل النص

يوجه الشاعر في هذا النص خطابه إلى متلقي مفترض يدعوه إلى مشاركته تجربته الشعورية الوجدانية عبر الانخراط في رحلة الاستمتاع والانتشاء بسحر عناصر الطبيعة في فصل الربيع في ساعة تولد فيها الحياة من جديد وتتصل السماء بالأرض، فتختلط الأضواء بالأمطار والمروج بالسيول يغذي بعضهما البعض في عناق جميل. ومؤشرات توجيه الخطاب إلى هذا المتلقي واضحة في قوله: (فقم نغتنم…ـ ترى…)، والبارودي ليس أول من وجه الخطاب في شعره إلى المتلقي حقيقيا كان أومفترضا، بل سار على نهج قديم وتقليد معروف في القصيدة العمودية نجد صداه في قول امرئ القيس (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل…) وقوله: (خليلي مرا بي على أم جندب) وقول المعري: (صاح هذي قبورنا تملأ الأرض…) وهو استحضار يفتح أفق التواصل على مصراعيه في القصيدة الشعرية باعتباره وظيفة تنضاف إلى الوظائف الانفعالية والجمالية.

يحفل النص بالألفاظ الدالة على الطبيعة موزعة على حقلين دلاليين: حقل يرتبط بالأرض وآخر يتصل بالجو، ومن حقل الأول ألفاظ تدل على الزهر والندى والخمائل والشذى والغدران والسيول والأودية والثرى والأغصان والأصداف والمروج والحمامات والأوكار، ومن الثاني ألفاظ دالة على الضياء والنسمات والسحاب والمطر والأفق والشمس والنجوم، وبين الحقلين الدلاليين اندماج واحتواء تغديه انفعالات الشاعر وانطلاق أداته الواصفة تنسج تآلف العناصر وانسجامها واستلزام بعضها لبعض في تشكيل طبيعي خلاق مترع بالجمال والإبداع. وإذا أمعنا النظر في هذه الألفاظ وجدناها تستمد طاقتها الوصفية من معجم قديم بكل ما يختزنه من حمولات ورؤى وخصائص صوتية تجعل اللفظ في هذا النص الوصفي، شأنه شأن الألفاظ في القصائد العمودية، منتقى فصيحا راقيا مشحونا بدلالات تتناغم وسياق الوصف وإيقاعاته الجميلة ومستويات الانفعال المدهشة عاكسة لتمثلات قديمة تنبعث من الذاكرة الشعرية الرحبة بما فيها من ألفاظ وإشارات وصور وصياغات من مثل: ( بليلة مهوى الذيل – عاطرة النشرء هتان يسيل – أودية غزر – باسم الثغر – بين الأرض والجو نسبة – حمامان فياضان – الصباء جمان – تبرء أجرع مثر – جلاها الزهر – الأنجم الزهرء صحاف النورء الصبابة – ديمة – هتفن…)، مما يعني أن الشاعر وفيّ لخطه الشعري القائم على محاكاة النمادج الخالدة من الشعر العربي بما يؤصل رونق القصيدة، ويعيد إليها بهاءها المفقود في عصور الانحطاط والتقليد الرديء.

توسل الشاعر في بناء شبكاته الدلالية الجميلة والموحية بآليات بيانية أهمها الاستعارة القائمة على الموازة بين طرفي الصورة، موازاة تتقلص فيها المسافات والأبعاد، فيندمج عالما الطبيعة والإنسان بشكل يلبس فيه كل منهما لباس الآخر، فيفجران من الدلالات ما يختلط فيه الحس والشعور والجمال والرقة (نمت بأسرار الندى شفة الزهرء سارت بأنفاس الخمائل نسمة – زهرها باسم الثغرء يد الصباء غازلتها لمعة ذهبية …)، ومنها التشبيه المؤسس على المقابلة بين عوالم طبيعية وغير طبيعية تجبر المتلقي على مد الجسور بينها وركوب مطية التأويل ومغامرة البحث عن الانسجام بين ذراتها الدلالية المتناثرة وعلاقتها التي لاتخلو من تجديد وطرافة تحيل إلى تميز الشاعر وقدرته الخلاقة على إبداع صوره الخاصة المتجاوزة للصور القديمة، المترعة بالإيحاء بعوالم مادية جميلة ومثالية، وأخرى نفسية تعكس طبيعة الانفعال والتفاعل مع هذه العوالم وما تزخر به من إعجاب وافتتان وتأثر واستحضار لهموم القلب وانشغالات الوجدان (نسبة تشاكل ما بين السحائب والغدر – ماجت الأغصان كما رفرفت طير بأجنحة خضر – كأن الندى فوق الشقيق مدامع تجول بخد أو جمان على تبر – لمعة ذهبية رفّت كالشرار على الجمر – هتفن كأنما تعلمن ألحان الصبابة من شعري…).

نوع الشاعر الأزمنة في النص لتأمين حركية الوصف بما أتاح لصيغ الزمن الماضية أو الحاضرة أو المرتبطة بالطلب أن تعزف لحن وصفيا يتموج داخل أفق من الجمال ثابت في اللحظة الوصفية المرصودة التي تتحرك وتتجدد بنفس النسق وذات الدلالات، وفيها يحضر ضمير المؤنث المتصل حضورا مهيمنا في إيحاء ضمني بالجمع بين عناصر الطبيعة وعالم الانوثة بما فيه من سحر وجمال وفتنة.

كثف الشاعر موسيقى النص، شأنه في ذلك شأن فحول القصيدة العمودية، لزيادة تأثيرها وجمالها فبالإضافة إلى الموسيقى الداخلية المرتهنة إلى تكرار المواد الصوتية اللينة الموزعة توزيعا متساويا على أجزاء البيت الشعري والمتأرجحة بين خاصيتي الجهر والهمس أوالغنة والصفير أو الرخاوة والانفجار، مما يخلق في النص موسيقى الفرح والابتهاج والنشوة والاندهاش، بالإضافة إلى ذلك استثمر الشاعر تفاعيل الطويل بعروضه المقبوضة وضربه التام ليوفر لدفقاته الشعورية إمكانات الاسترسال والاستغراق الوصفي.

تركيب وتقويم

النص نمودج من شعر مدرسة البعث والإحياء غرضه وصف الطبيعة، وفيّ، كما تأكد لنا من التحليل، لمرتكزات القصيدة العمودية المعيارية من جهة، ولكنه من جهة أخرى يعكس خصوصية الشاعر في تأليف بعض المعاني، وبناء بعض الصور وتلوين الأساليب بطريقة طريفة ومجددة تدل على امتلاك لناصية اللغة، وتمكن من دروب التعبير واقتدار على استدعاء المخزون الشعري العريض وتوظيفه.

شعر الوصف – مدخل مفاهيمي – درس نصوص – اللغة العربية – جدع مشترك آداب وعلوم إنسانية

المستوى: جدع مشترك آداب وعلوم إنسانية جدع مشترك أصيل

المادة :دروس النصوص الدورة الثانية – اللغة العربية

عنوان الدرس : شعر الوصف – مدخل مفاهيمي

مفهوم الوصف

الوصف نقل المشاهد والحالات، والتقاط المدركات كما تنعكس على عدسة الوعي ومرآة الانفعال، وتصوير لمختلف مظاهر الحياة في سكونها وتقلباتها، والطبيعة في تجلياتها وتحولاتها، إنه إعادة تركيب فني لما تنجذب إليه الحواس، وينطبع على المشاعر استحسانا واستهجانا واستئناسا واستيحاشا، وصياغة جديدة لجزيئاته الدالة داخل اللغة. وكل خطاب وصفي يستدعي واصفا وموصوفا وأداة للوصف (اللغة) ومرجعية قد تكون الحس أو الوجدان أو هما معا

الوصف غرض من أغرض الشعر العربي القديم والحديث على السواء، وموضوع أساسي من موضوعات القصيدة العمودية المتعددة الأغراض، ويطال كل ما تقع عليه الحواس وتنفعل به النفس من إنسان أو حيوان أوطبيعة أو مواقف أو أحداث أومظاهر حضارة أو غيرها، حتى إنه ليخترق حدود الأغراض الأخرى التي لا تعدو في نظر الكثير من الباحثين أن تكون وصفا بشكل ما.

أنواع الوصف

يبرز من بين أنواع الوصف المتعددة نوعان:

  • نوع حسي: ينقل صورة الموصوف بأبعاده المادية، فهو محاكاة للواقع أو إعادة تشكيل لغوي جميل لهذه الصورة.
  • نوعا وجداني رؤيوي يرصد صورة الموصوف من خلال انطباعاتها في نفس المبدع، وهو مجال خصبا للابتكار والتخيل والفيض العاطف.

شعر الوصف

شعر الوصف هو شعرٌ يقوم على وصف الأشياء والأشخاص لجعل القارئ يستحضرهم كما هم عليه في الحقيقة عندما يقرأ شعر الوصف.

الوصف ليس موضوعا قائما بذاته لأنه يتناول في المدح والرثاء والهجاء وغيرها من أغراض الشعر كالغزل ووصف الخيل والصحراء والليل والمطر الخ وسنواصل اليوم في شعر الوصف ونبدأ بوصف الخمر التي هي أم الكبائر أعاذنا الله من جميع المكروهات فضلا عن غيرها.

فالخمر لغة الستر ومنه سمي الخمار لستره للرأس وبعض الوجه ، ومنه سميت الخمر لمخامرتها للعقل لأنها تغطيه وتغيبه كما يفعل الخمار والستر بمن لبسهما وقد استعير هذا الاسم لما تخمر من نقيع التمر أو العنب) ثمرة شجرة الكرم(لأن من شرب من هذا النقيع ذهب عن حسه وإدراكه فسموها خمرا وقد كانت كثيرة الأنواع وقد وصفها العرب وتغنوا بها في أشعارهم على سبيل الحقيقة والمجاز لأنها مظهرا من مظاهر الفتوة والكرم والميسرة عندهم ومن الترف وقد جاء الإسلام وبين أن للخمر أضرارا بالغة على كل شارب ،وأنها تفتك بجسمه بعد ذهابها بعقله وقد جاء تحريمها متدرجا لحكمة لا يعلمها إلا المشرع وكان آخرها آية التحريم الجازمة : (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) 82، 83 من سورة المائدة.

ونبدأ وصف الخمر في الشعر الجاهلي ونبدأ بلبيد بن ربيعة العامري الصحابي المخضرم في وصفها زمن الجاهلية حيث يقول:

كِرامٌ إِذانابَ التِجـــــــــارُأَلِذَّةٌ  ۩۩۩  مَخاريقُ لايَرجونَ للخَمرِواغِلا
إذاشَرِبواصَدّوآلعَواذِلَ عَنهُمُ  ۩۩۩  وَكانوا قَديماًيُسكِتــــونَ ا لعَواذِلا

وقال عنترة بن شداد العبسي من الشعراء الستة :

كَم لَيلَةٍ قد قَطَعــــــنافيك صالِح  ۩۩۩  رَغيدَةٍ صَـــفوُها ما شابَهُ كَدَرُ
مَع فِتيَةٍ تَتَعاطى الكَأسَ مُترَعَةً  ۩۩۩  مِن خَمرَةٍ كَلَهيبِ النارِتَزدَهِرُ
تُديرُها مِن بَناتِ العُربِ جارِيَةٌ  ۩۩۩  رَشيقَةُ القَدِّ في أَجفــانِهاحَوَرُ


وللبيد رضي الله عنه فيها:

وَإِن طَرِبَ الرِجالُ بِشُربِخَمر  ۩۩۩  وَغَيَّبَ رُشدَهُم خَمرُالدِنانِ
فَرُشدي لايُغَيِّــــــُهُ مُدام  ۩۩۩  وَلاأُ صـــغي لِقَهقَهَةِ القَناني


فتراه يذكرها ويمتدحها ويذكر ساقيها في الأبيات الأولى في وصف قوم يغلون فيها ويبذلون أموالهم وفي هذه الأبيات نراه لا يهتم بشؤونها وحالاتها وأرهاصها التي تحدث لشاربها كما هو واضح.

يقول الملك الضليل المعروف بامرئ القيس بن حجر الكندي في الخمر يصفها:

أَحاراِبنُ عَمـــــروٍكَأَنّي خمر  ۩۩۩  وَيَعدوعَلـــــى المَرءِ ما يأتَمِر
لاوَأَبيكَ اِبنَةَ العـــــــــــــامِرِ  ۩۩۩  لايَدَّعي ا لقَـــــــومُ أَنّي أَفِر
تَميمُ ا بنُ مُرٍّوَأَشــــــــــياعُها  ۩۩۩  وَكِنـــــدَةُ حَولي جَميعاً صُبُر
إِذارَكِبوآلخَــــــيلَ وَاِستَلأَموا  ۩۩۩  تَحَـــرَّقَتِ الأَرض وَاليَوم قَر

ويقول أيضا في قصيدته التي مطلعها:

لِمَنِ الدِيارُغَشِـــــــيتُهابِسُحام  ۩۩۩  فعَمايَتَين فَهُضبُ ذي أَقدامِ

الي أن يقول :

فَظَلِلتُ في دِمَنِ الدِيارِكَأَنَّني  ۩۩۩  نَشوانُ باكِرَهٌ صَبوح مُدامِ
أنُفٍ كَلَون دَمِ ا لغَزال مُعَتَّقٍ  ۩۩۩  مِن خَمرِعانَةَ أوكُرومِ شَبامِ
وَكَأَنَّ شارِبَهاأَصـــاب لسانه  ۩۩۩  موم يُخــالِطُ جِسمَهُ بسَقامِ

وقد أبدع في وصف نوعيتها وعتقها ووصف ما تفعله بشاربها وهو بها خبير.
وفي وصف الخمر يقول كعب بن زهير الشاعر المخضرم:

مايَجمَعُ الشَوقُ إِن دارٌبِناشَحَطَت  ۩۩۩  وَمِثلُها في تَداني الدارِمَهجورُ
نَشفى بِهاوَهي داءٌ لَوتُصاقِبُنا  ۩۩۩  كمآِشتَفى بِعِيادِالخَمرِمَخمورُ

وهذا قريب من قول قيس بن الملوح صاحب بني عذرة حيث يقول وهو في العصر الأموي:
تداويت من ليلى بليلي من الهوى كما يتداوى شارب الخمر بالخمر

وهذه الخنساء بنت عمرو بن الشريد تصف الخمر في رثاء أخيها فتقول:

لَقَدصَوَّتَ الناعي بِفَقدِأَخي النَدى  ۩۩۩  نِداءً لَعَمري لا أَبـــــــالَك يُسمَعُ
فقُمتُ وَقَدكادَت لِرَوعَةِهُلكـــــِهِ  ۩۩۩  وَفَزعَتِهِ نَفسي مِنَ الحُزن تَـتبَعُ
الَيهِ كَأَنّي حَوبَةً وَتَخَشّـــــــــُعاً  ۩۩۩  أخوالخَمرِيَسموتارَةً ثُمّ يُصرَعُ

وهذا وصف دقيق لصاحب الخمر إذا شربها من نشوته يكون كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:

ونشربها فتتركنا ملوكا  ۩۩۩  وأسدا ما ينهنهنا اللــقاء

لقد مررنا بنماذج من وصف الخمر عند الشعراء سواء من تشبيهها بحالة نفسية معينة ناتجة عن حدث معين كما في رثاء الخنساء لأخويها رضي الله عنها، أومن حيث هي خمر تشرب حقيقة أو ترتبط بزمن غض حلو كان الزمان فيه مساعدا لواصفها ،أو من حيث هي أمارة للفتوة عند الشعراء الجاهليين ، أو من حيث هي أمارة للكرم وبذل المال عند الاثرياء الأجواد من فتيان العرب في الجاهلية وكهولهم فهم يذكرون لفظة قوم ، واللتي تدل علي التذكير.

نتابع مع حسان بن ثابت رضي الله عنه مقطعا من همزيته يصف فيه الخمر ، حيث قال نصا

اذا مآلأشربات ذكرن يوما  ۩۩۩  فهن لطيب الراح الفداء

ففي هذا المقطع من قصيدته تعرض لوصف الخمر ووصفها فأحسن ،وفضلها علي غيرها من الشراب من حيث التحديد ،لأنها كانت قبل الاسلام كذلك ،لكن موضو ع وصفها بقي تقليدا كالوقوف علي الاطلال وذكر الأظعان والبين الخ… كما تعرض فيها لوصف محبوبته وطيب ثغرها وما الي ذلك مما هو غرض من أغراض الشعر المتعارف عليه في الجاهلية والاسلام.

خصائص الوصف في نص شعري

  • تركيزه على الأبعاد الدالة للموصوف وإيحاأتها وتأثيرها في الواصف
  • اتكاؤه على اللغة التصويرية في نقل صورة الموصوف وطبيعة الانفعال به إلى المتلقي لخلق عوالم دلالية محيطة بالموصوف، مثيرة ومؤثرة ومتشابكة ومتناسقة.
  • اختيار التوليفات الصوتية والتركيبية والإيقاعية المتناغمة مع شبكات الدلالة التي ينسجها الواصف وكمية الانفعال التي يبثها داخلها.
Ads
Ads Ads Ads Ads
Ads