Ads Ads Ads Ads

الجمال – تحليل نص ‘عش للجمال’ لإيليا أبي ماضي – دروس النصوص – اللغة العربية

المستوى: الأولى باك علوم تجريبية والأولى باك علوم رياضية

المادة : دروس النصوص – اللغة العربية

عنوان الدرس : الجمال – تحليل نص ‘عش للجمال’ لإيليا أبي ماضي

عِش لِلجَمالِ تَراهُ العَينُ مُؤتَلَقــــــــاً في أَنجُمِ اللَيلِ أَو زَهرِ البَساتينِ
وَفي الرُبى نَصَبَت كَفُّ الأَصيلِ بِها سُرادِقاً مِن نُضارٍ لِلرَياحيــــــنِ
وَفي الجِبالِ إِذا طافَ المَساءُ بِهــــا وَلَفَّها بِسَرابيلِ الرَهابيــــــــــــنِ
وَفي السَواقي لَها كَالطِفلِ ثَرثَــــرَةٌ وَفي البُروقِ لَها ضِحكُ المَجانينِ
وَفي اِبتِساماتِ أَيّارٍ وَرَوعَتِهـــــــا إِن تَوَلّى فَفي أَجفانِ تِشريـــــــنِ
لا حينَ لِلحُسنِ لا حَدَّ يُقاسُ بِـــــــهِ وَإِنَّما نَحنُ أَهلُ الحَدِّ وَالحيـــــنِ
فَكَم تَماوَجَ في سِربالِ غانِيَــــــــــةٍ وَكَم تَأَلَّقَ في أَسمالِ مِسكيـــــنِ
وَكَم أَحَسَّ بِهِ أَعمى فَجُنَّ لَـــــــــــهُ وَحَولَهُ أَلفُ راءٍ غَيرِ مَفتــــونِ
عِش لِلجَمالِ تَراهُ هَهُنا وَهُنــــــــــا وَعِش لَهُ وَهوَ سِرٌّ جِدُّ مَكنـونِ
خَيرٌ وَأَفضَلُ مِمَّن لا حَنينَ لَهُــــــم إِلى الجَمالِ تَماثيلٌ مِنَ الطيـــنِ


إيليا أبي ماضي

ملاحظة النص

يتضمن عنوان النص دعوة إلى جعل ” الجمال ” سببا للعيش وغاية في الحياة ، وهي دعوة توحي بأن الجمال أسمى قيمة تحيط بالإنسان ، وأنه في الطبيعة أظهر وأوفى ، وأنه يتجاوز الظاهر والشكل، ويكمن في التناسق المثير بين العناصر والانسجام الرائع بين الأجزاء، والتناغم اللامحدود للأشكال والحركة والألوان والأصوات والإيحاأت الدالة المتصلة بأكناه الأشياء وحقائق الموجودات ، وما يثيره في النفس من إحساس عميق ومعاناة ممتعة صادقة. ولعل لوحة فان غوغ المصاحبة للنص بألوانها وأشكالها السديمية ودلالاتها على نقاء الطبيعة وجمالها، ومضمون البيتين الأول والتاسع ، يعكسان هذا المفهوم. والنص لإيليا أبي ماضي الشاعر المهجري الذي جمع بين أحلام الرومانسية ونزعاتها الإنسانية وروحانية الأدب الأمريكي في مسحة تفاؤلية تدعو الإنسان إلى الالتفات إلى كل جميل ونبيل والابتعاد عن كل قبيح وشرير.

فهم النص

يستهدف الشاعر في البيت الأول الإنسان بشكل عام ، ويدعوه إلى معانقة الجمال المبثوث حوله في كل مظاهر الطبيعة مركزا على ما تلتقطه العين من أجزاء لها سحر خاص ووقع كبير على نفسية المتأمل ( النجوم والأزهار).

يستمر سرد منابع الجمال في الطبيعة من مطلع القصيدة إلى البيت الخامس استمرارا قائما على تحريك الجماد وبث الحياة فيه، وإلباسه المشاعر الإنسانية المثالية والحالمة بلغة تصويرية شفافة، وهكذا ينصب كف الأصيل في الربى خيمة من ذهب كبيرة لأزهار الرياحين ، ويلف الليل الجبال فيكسوها لباسا أسود كمسوح الرهبان يزيدها جلالا وجمالا، بينما السواقي تثرثر كالأطفال ثرثرة جميلة وبريئة وعذبة، والبروق تضحك ضحكا عريضا مدويا خاما وغامضا وملفتا كضحك المجانين، وتبتسم الطبيعة ابتهاجا ومرحا أواخر الربيع ، وتخلد للسكون استغراقا في التأمل الحكيم والهدوء الساحر أوائل الخريف.

الإنسان في نظر الشاعر عاجز عن استقصاء الجمال المحيط بالإنسان في الطبيعة والحياة ، لأن هذا الجمال لا نهائي وغير محدود، بينما يقف إدراك الإنسان وإحساسه عند حدود معينة مهما كان أصيلا وعميقا ومرهفا، ناهيك عن كونه متفاوتا من إنسان لآخر ومتجاوزا وظائف الحواس البسيطة وعملياتها الإدراكية السطحية وأشكال الظواهر المرئية وخصائصها العرضية، فقد يلتمس في مظهر حسناء فاتنة كما يلتمس في أطمار معدمة بائسة، وقد يدركه الأعمى، ويفتتن به، ويغفله المبصرون السذج.

يجدد الشاعر دعوته في آخر قصيدته للإنسان إلى الذوبان في الجمال والتقاط أسراره بالنظر المتأمل والاستبصار العميق الذي يتغلغل إلى المكونات الموجودة في الطبيعة والحياة ، فيستكشف ينابيع الجمال فيها التي تحيل الكون والإنسان إلى وجودج جميل ينبض بالسعادة والخير والأمل والحلم، ويخلص الإنسان من ميوله المادية الصرفة (تماثيل من الطين) التي تكبله وتستعبده.

تحليل النص

المستوى الدلالي

صاغ الشاعر دعوته للإنسان إلى رحاب الجمال بلغة تصويرية موحية رصدت مظاهر الجمال وكشفت عن أسرارها العميقة عبر نفس حجاجي اضطلع فيه الأسلوب بوظيفتين إقناعية وإمتاعية.

يتمفصل النص إلى ثلاثة مفاصل دلالية كبرى نعنونها كالآتي:

  • دعوة الشاعر الإنسان إلى الاستمتاع بالجمال المحيط به من كل جهة
  • إقرار الشاعر بعجز الإنسان محدود القوة الإدراكية عن الإحاطة بأسرار الجمال غير المحدود.
  • دعوة الإنسان إلى التخلص من قيوده المادية وإدراكه السطحي لسبر أغوار الجمال السحيقة في الأشياء.

المستوى الدالي

وظف الشاعر معجما فنيا غنيا بعناصر الطبيعة وصفات الجمال المتصلة بها كشأن الرومانسيين في اعتبار الطبيعة خزانا لا حدود له لمعاني الجمال وأسراره ، ويمكن تمثيل العلاقة بين هذين المكونين في الجدول التالي:

عناصر الطبيعةصفات الجمال المتصلة بها
الأزهار – النجوم – السواقي – البروق – شمس الأصيل – الجبال – الربيع ( أيار) – الخريف ( تشرين ) …الجمال – الائتلاق – ثرثرة الأطفال – ضحك المجانين – لون الذهب المسبل على الرياحين – سواد الليل وجلاله ورهبته – شموخ الجبال – الابتسام – انسدال الأجفان…

يغلب على لغة النص الطابع التصويري الإيحائي، حيث تستعار فيها أفعال الإنسان وملامحه وتسند إلى مكونات الطبيعة، وتشحن فيها بعض الألفاظ بدلالات تتجاوز المحمول الدلالي البسيط ، ومن أمثلتها: نصبت كف الأصيل سرادقا من نضار للرياحين ـ لف المساء الجبال بسرابيل الرهابين ـ ابتسامات أيار ـ ضحك تشرين ـ تماثيل من الطين …

استعمل الشاعر أدلة حسية وأخرى عقلية ليبين للمتلقي مكامن الجمال في الطبيعة في معادلات منطقية صارمة ولمسات حجاجية معقولة ومقبولة، فمن الاستدلال بالمحسوس استعراضه مظاهر الجمال الملتقطة بالمدارك الحسية البسيطة مما يشترك في التسليم به كل الناس، ومن الاستدلال بالمعقول تقريره أن أسرار الجمال خفية وغير محدودة تتطلب عمليات إدراكية معقدة يتفاوت الناس في إجرائها، وتستدعي تجاوز الوظائف البسيطة للحواس إلى الاستغراق في التأمل ، واستنفار الخاصية الإحساسية المرهفة والميزة الانفعالية المتدفقة والموهبة الذوقية الخلاقة التي تكفل الوصول إلى بعض من أسرار الجمال اللانهائية.

الأسلوب اللغوي

تكررت في القصيدة ألفاظ وعبارات بعينها مثل: ” عش للجمال” ، وحرف الجر ” في ” ، و”كم الخبرية” ، ولهذا التكرار وظيفة جمالية تنسجم مع مقصدية النص المتجلية في إبراز التدفق الهائل للجمال في محيط الإنسان تدفقا من شأنه أن يهبه الحياة الجميلة المفعمة بالحق والخير والنور والأمل والقدرة على الإبداع والتماهي في الجمال ، ووظيفة جمالية أخرى مؤثرة بما وفره من انسجام تركيبي ودلالي وكثافة إيقاعية.

تركيب وتقويم

النص نداء جميل موجه إلى الإنسان كي يسبح بكل حواسه الظاهرة والباطنة في مظاهر الجمال التي تكتنف الوجود وتصنع أجزاءه، متجردا من قيود المادة التي تعيق قدراته الإدراكية عن التوغل في عوالم الجمال الدفينة وأسراره المجهولة، وهو نداء يتوسل بلغة بسيطة ومناسبة يخلق فيها التكرار وكتل الصوت اللينة ومعجم الطبيعة والوجدان وتناغم المقاطع النغمية القصيرة والمتوسطة لبحر الخفيف عالما رومانسيا حالما ولحنا أثيريا متدفقا يشعان جمالا وإيحاء.

الجمال – مدخل مفاهيمي – دروس النصوص – اللغة العربية – الأولى باك علوم

المستوى: الأولى باك علوم تجريبية والأولى باك علوم رياضية

المادة : دروس النصوص – اللغة العربية

عنوان الدرس  : الجمال – مدخل مفاهيمي

مفهوم الجمال

 الجمال هو قيمة مرتبطة بالغريزة والعاطفة والشعور الإيجابي نحو الأشياء، فهو الحسن والنضرة والكمال، بما يتناسب فعلياً مع قيمة الشيء وحسنه، ومن الأحاديث عن الرسول ءصلى الله عليه وسلمء: “إن الله جميلٌ يحبّ الجمال”، والجمال في الغالب الأعم ليس له مقياسٌ واضح، أو ميزانٌ دقيق، فهو مسألةٌ نسبية، يختلف في تقديره والحكم عليها البشر، فعلى سبيل المثال: من يرى أن المرأة السمراء أجمل نساء الأرض، على عكس البقية التي ترى أن المرأة البيضاء هي المرأة الأجمل.

أهمية الجمال

الجمال ميزة ربانية، وضعها في خلقه، وميز كل فرد بميزة جمالية خاصة، إما ظاهرة أو باطنة، فمنهم ما هو جميل الخِلقة حسن المظهر، لطيف الملامح، ومنهم من هو صاحب الروح المرحة، والقلوب الطيبة الجميلة، ولم يخلق الله الجمال عبثاً إن كان في البشر أو في الطبيعة، وإنما هدف إلى لفت انتباه الناس إلى عجيب صنعه، وإبداع خلقه، والتأمل في إعجاز هذا الجمال للوصول إلى الإيمان بالله واليقين بوجوده، والتسليم لعظيم إبداعه.

مقومات الجمال

هنالك شروط متضمنة في الشيء حتى نصل إلى إطلاق لفظة الجمال عليه، ومن هذه المقومات:

  • السلامة من العيوب: فمن الجمال أن يكون الشيء مكتملاً لا عيب ولا انتقاص فيه، ولا خلل، فعلى سبيل المثال السماء فوقنا جميلة سليمة من العيوب التي قد تكون في انشقاقها، أو وجود ثغرات فيها.
  • التنظيم والتناسب والتناسق: فمن عظيم خلق الله وإبداعه أن خلق كلّ شيءٍ بقدر، فكل مخلوق في هذا الكون جعل الله فيه التناسب في الشكل واللون والطول والعرض، والحركة والصوت، وقد نلحظ أي تغييرٍ قد يتغير على الخلقة الأصلية، فترفضه العين، وتشمئز منه النفس، وأبسط مثالٍ على ذلك الإنسان الذي هو قطعة متناسقة متناسبة في الخلق، فشكله متناسب مع روحه، متناسق مع أعضائه.

أنواع الجمال

خلق الجمال مختلفاً يحمل أنواعاً عديدة، ليجعل الإنسان دائماً يتفكر، ويتقرب إلى الله تعالى، فجعل الجمال في هيئات مختلفة، ومن هذه الأنواع:

  • الجمال الحسي: وهو الجمال الذي ندركه بالعقل والقلب مع القدرة على لمسه، فهو متأصلٌ في أشكال الأشخاص، ومتواجدٌ في تعاقب الليل والنهار وما فيهما من شمس وقمر ونجوم، ومتضمنٌ في الطبيعة وما فيها من زروع وأشجار وورود.
  • الجمال المعنوي: وهو الجمال الذي لا يدرك إلا بالعقل والفكر والبصيرة المتفتحة، وهو يتمثل في الأقوال والأفعال، فجمال الكلام يكمن في القول الحسن، والكلمة الطيبة، وما تحمله الألفاظ من معاني ودلالات جميلة ومحببة إلى القلوب والعقول، أما جمال الأفعال فهو قرين الأقوال، فلا يثبت القول إلا بالفعل الطيب الراقي، وأجمل الكلام النطق بالشهادتين، وخير الأفعال العمل الصالح.

مجالات وميادين الجمال

الجمال لا يقتصر على الإنسان وحده، وإنما جاء في كثير من الصور الكونية منه:

  • الطبيعة: فكل ما في الطبيعة مثالٌ كاملٌ للحديث عن الجمال وتكوينه وكماله.
  • الإنسان: الإنسان بجميع تكوينه ميدانٌ كامل للجمال، فمراحل تطور الإنسان، أو صفاته الخلقية والخلقية، أهم النقاط التي تشرح ماهية الجمال.
  • الفن: فالفن هو الجمال الصناعي الذي سخره الله لعباده، لكي يبدع فيه ويسقط كل ما في نفسه من جمال عليه، مثل الرسم، وفن الخطوط، والعمارة والبناء.

أجمل ما قيل عن الجمال

  • جمعت الطبيعة عبقريتها فكونت الجمال (نزار قباني).
  • جمال بلا فضيلة، زهرة بلا عبير (سقراط).
  • قد يملك الحسناء رجل واحد، ولكنها تملك قلوب كثيرين. (مثل برازيلي).
  • ليس الجمال غالياً، الغالي هو الجميل (مثل ألماني).
  • الجمال بسمة الله والموسيقى صوته (جونسون).
  • من النادر أن يلتقي في المرأة فضيلة وجمال (آنون).
  • الجمال قوة، والابتسامة سيفها (تشارلز ريد).
  • أفضل قسمات الجمال قسمة تعجز الصورة عن التعبير عنها (فرنسيس بيكون).
  • الجمال العظيم يأسرني، ولكن الجمال الأعظم يحررني من أسر ذاته (جبران خليل جبران).
  • الجمال الطبيعي أنعكاس للروح، ولا يكون الشيء جميلاً إلّا بقدر ما يصدر عن الروح (هيغل).
  • الحقيقة غذاء العقل، والجمال غذاء القلب (شيلر).
  • كلما شاهد الإنسان جمالاً أرضياً تذكر جمال الله (أفلاطون).
  • أيها الجمال اكتشف نفسك في الحب، لا في تملق المرأة (طاغور).
  • كل شيء جميل لا يموت، بل ينتقل جماله إلى شيء آخر (توماس بيلي).
  • ما كان جميلاً فهو خير، وما كان خيراً فسرعان ما يصبح جميلاً (سافو).
  • من يتزوج امرأة جميلة يحتاج إلى أكثر من عينين (بوب).
  • الجمال سلام المرأة الوحيد الذي جعل الرجل يحتمل شعور الذل (باسكال).

التسامح – تحليل نص ‘دعوة إلى التسامح’ لمحمد الحلوي – دروس النصوص – اللغة العربية

المستوى: الأولى باك علوم تجريبية والأولى باك علوم رياضية

المادة : دروس النصوص – اللغة العربية

عنوان الدرس : التسامح – تحليل نص ‘دعوة إلى التسامح’ لمحمد الحلوي

يَا أَخِي نَحْنُ فِي الحَيَاةِ على رَغْـــ مِ هَوَانَا وَأنْفِنَا أَخَــــــــــــــــــــــــــــــــــــوَانِ
نَحْنُ فِي زَوْرَقٍ تَقَادَفَهُ المَـــــــــــــــــوْ جُ عَدِيمِ الشِّرَاعِ وَالرُّبَّـــــــــــــــــــــــــــانِ
فَتَعَاَوَنْ مَعِي لِنُجَدِّفَ بِالأَيْـــــــــــــــــــ ـدِي فَنُرْسِي عَلَى جَنَاحِ الأَمَــــــــانِ
لاَ تَكِلْنِي وَنَحْنُ فِي عَالَمِ الأَهْــــــــــ ـوَالِ غَرْقَى نَخُوضُ فِي أَشْجَــــــانِ
لِمَ نَحْيَا عَلَى اخْتِلاَفٍ وَنَسْعَـــــــــى فِي افْتِرَاقِ كَأَنَّنَا ضِــــــــــــــــــــــــدَّانِ؟
لِمَ نَبْنِي وَنَحْنُ نَهْدِمُ جَنــــــــــــــــــــــــّا تٍ مِنَ الفَنِّ رَائِعَاتِ البَيَـــــــــــــــــانِ؟
لِمَ نَبْكِي وَفِي الطَّبِيعَةِ سِحْـــــــــــــــرٌ وَجَمالٌ وَصَبْوَةٌ وَأَغَانِــــــــــــــــــــــــــي؟
فِي السَّمَاءِ الزَّرْقَاءِ سَلْوَى وَفِــــي الرَّ وْضِ أَنِيسٌ وَفِي فُتُونِ الغَوَانِي
كُلُّ مَا فِي الْحَيَاةِ حُلْوٌ جَمِيــــــــــــلٌ يَتَغَنَّى بِأَطْيَبِ الأَلْحَــــــــــــــــــــــــــــــــانِ
فَارْفَعِ النَّايَ يَا أَخِي واشْدُ لَحْنــــاً عَبْقَرِيّاً يَهُزُّ مِنْ أَرْكَانِـــــــــــــــــــــــــــــــي
عَنْ لَحْنِ الصَّفَاء وَالسِّلْمِ وَالـحُـــــ ـبِّ وَزُفَّ البُشْرَى بِكُلِ مَكَـــــــــــــــــانِ
ثُمَّ ضَعْ فِي يَدِي يَدَيْكَ فَإِنَّــــــــــــــــا هَاهُنَا رَغْمَ أَنْفِنَا أَخَـــــــــــــــــــــــــــــــوَانِ
فَعَلَى مَا نَعِيشُ فِي هَذِهِ الدّنْــــــــــ ـيَا ذِئَاباً فِي صُورَةِ إنْسَــــــــــــــــــانِ!
ولِمَاذَا نَهِيجُ شَوْقاً إِلَى الحَــــــــــــرْ بِ نُعَانِي مِنْ نَارِهَا مَا نُعَانِــــــــــــي!
نَتَسَاقَى كَأْسَ الصّدَاقَةِ والْحُـــــــــ ـبِّ بِأيْدِي مُضَرّجَاتِ الْبَنَـــــــــــــــــانِ
أَكَذَا اخْتَارَ أنْ يَعِيشَ َبنُو الدُّنْــــــ يَا وَقُوداً يُضِئُ رَكْبَ الزّمَـــــــــــــــانِ!
يَتَفَانَوْنَ كَيْ يَعِيشُوا فَيِفْنَـــــــــــــــــوْ نَ ضَحَايَا مَطَامِعَ وَأَمَانِــــــــــــــي
أَيْنَ صَوْتُ الضّمِيرِ! وَلّى وَأَيْنَ الدِّ ينُ أَوْدَى يَا ضَيعَةَ الأَدْيَـــــــــــانِ
يَا أَخِي نَحْنُ فِي الحَيَاةِ رَغْـــــــــــ م هَوَانَا وَأنْفِنَا أَخَــــــــــــــــــــــــــــــــوَانِ
لِمَ نَحْيَا عَلَى اخْتِلاَفٍ وَنَسْعَـــــــــى فِي افْتِرَاقِ كَأَنَّنَا ضِــــــــــــــــــــدَّانِ!


محمد الحلوي

ملاحظة النص

عنوان النص خبر ومتعلقان به لمبتدأ محذوف لكونه معلوما يعمل النص على تجليته وتفصيل أبعاده، خاصة في البيت الأول والأخير والبيت الحادي عشر. ويتعلق الأمر بدعوة إلى التسامح والتحابّ والتآخي والتعاون على قيادة سفينة الحياة في بحر متقلقل، والتشارك في الاستمتاع بالصفاء والجمال والسلم والمحبة، ونبذ الأطماع والحروب وكل ألوان الصراع والمكر والوقيعة والجراح والآلام. دعوة أطلقها الشاعر المغربي الحديث محمد الحلوي متأثرا بالثقافة الإصلاحية، والنزعة الإنسانية الرومانسية، وواقع الاستعمار والحروب والتكالب على مناطق النفوذ والثروة.

فهم النص

وجه الشاعر نداءه في البيت الأول إلى الإنسان مطلقا مذكرا إياه بوشائج القرابة الطبيعية الجوهرية التي تربطه بغيره من بني جنسه، مستخدما لفظة ” أخي ” بصيغة الإفراد والتثنية، وضمير الجمع المتكلم، والجملة الإسمية الخبرية البسيطة للتأشير على أن مضمون النداء العاري من أدوات التوكيد يندرج ضمن المتيقن البسيط والمعقول المسلم به والبديهي الذي لا يحتاج إلى إثبات لاستبعاد كل أشكال المسافة المصطنعة التي قد تجعل منهما خصمين. مقرا في الوقت ذاته بوجود تلك المسافة المرتبطة بإرادات عرضية غير حرة تولدها نزعات شريرة، وميول أنانية، ويجسدها واقع ملموس، وتتمثل تركيبيا في أداة نداء البعيد ومعجميا في مادة دالة على الاختلاف.

يرى الشاعر أن دواعي التشارك والتماسك بين الناس أعظم من مبررات التفرق والاختلاف، فهم ينتمون إلى عالم شديد الاضطراب، تندر فيه مساعي التوافق والتفاهم، وتتضارب المصالح وتتفاقم الصراعات والمآسي، مما يحتم على الجميع التعاون لقيادة العالم إلى السلم وإرسائه على بر الأمان.

أطلق الشاعر في الأبيات 5 و6 و7 ثلاثة استفهامات أنكر فيها على الإنسان حبه للتصادم والصراع والمواجهة مع أخيه الإنسان، مع أن طبيعتهما الواحدة ومجالاتهما المشتركة تدفع إلى الانسجام والتكامل، وتدعو إلى الاستفادة من غنى الحضارة والفكر والفن والإبداع والاستمتاع بسحر الطبيعة وجمال الكون، بدل التدمير والتدمير المضاد، وزرع المآسي والأحزان، وهي أسئلة تراهن على قدرة الإنسان على كسب رهانات الحقيقة والخير والجمال التي تشكل السمات الجوهرية لماهيته وكنهه.

للشاعر نظرة خاصة إلى الحياة، وهي نظرة رومانسية حالمة، فيها غير قليل من الطوباوية التي تبحث عن عالم بديل للعالم الواقعي المبتذل وقيمه الرديئة، عالم ملؤه الصفاء والنقاء والمرح والأنس والجمال والإبداع والسلم والحب والأمل، وتمثل الطبيعة الجميلة بكل مكوناتها الصامتة والناطقة وأشكالها المتباينة رموزا لهذا العالم المثالي الذي يستمد مشروعيته كرؤية معقولة وطرح مطلوب من كون الإنسان أخ الإنسان، ولا يكون الأخوان إلا منسجمين، بينما تمثل الطبيعة المتوحشة ” الذئب ” رمزا لإنسان فقد روح الإنسان.

يرفض الشاعر قيم العالم الهمجي المتوحش القائم على تقمص أدوار الحيوانات المفترسة القائمة على العراك وإرضاء غريزة الطمع والسيطرة، والبحث عن السلم والحب والصداقة في مستنقع الدماء والعنف والكراهية والتربص.

يختم الشاعر قصيدته في الأبيات الثلاثة الأخيرة بدعوة صريحة مررها في جملتين استفهاميتين، بينهما نداء كرره في ثلاثة مواقع من النص منها مطلع القصيدة، إلى إعادة بعث الأدوار العظيمة للنخب المثقفة والمتدينة أصحاب الضمائر الحية في إرساء التقارب والتسامح والتعايش والسلم والمحبة.

تحليل النص

المستوى الدلالي

القصيدة صرخة قوية ضد القيم الرديئة التي توشك أن تحول الإنسان إلى وحش ضار يتخلى عن إنسانيته وما فيها من نبل وسمو وطهر وجمال وإبداع، ويمكن مفصلتها إلى أربع مفاصل دلالية نعنونها كالآتي:

  • الأبيات الأربعة الأولى: إطلاق الشاعر نداء الأخوة والتعاون في عالم مضطرب مخيف.
  • الأبيات من 5 إلى 12: استنكار الشاعر أشكال العنف والإقصاء والتمييز في عالم مفعم بالجمال والعذوبة محتاج إلى الصفاء والسلم والمحبة.
  • الأبيات من 13 إلى 17: دعوة الشاعر إلى نبذ الحروب والصراعات والمطامع.
  • الأبيات من 18 إلى آخر النص: حث الشاعر أصحاب الضمائر والمبادئ على إعادة الاعتبار لثقافة الحب والتسامح والتعايش.

وصف الشاعر الإنسان في ثنايا القصيدة بمجموعة من الأوصاف استقاها من واقعين: واقع كائن، وواقع مفترض، الكائن مرتبط بقيم سلبية ينكرها الشاعر مثل: (ذئابا – وقودا – غرقى نخوض في أشجان – مشتاق إلى الحرب – مضرج البنان بالدماء – ضحايا – ضدان…)، والمفترض متصل بقيم إيجابية يزكيها مثل: (أخوان – …)

يدعو الشاعر الإنسانية في القصيدة إلى التسامح والتعاون ممررا دعوته في نوعين من التركيب : مباشر قائم على خبر وإنشاء لا يتجاوزان ما يقتضيه الظاهر ولا تحتمل داخلهما المواد المعجمية أكثر من محمولاتها الدلالية الصريحة ، وغير مباشر متكئ على معان مستلزمة ودلالات سياقية وأدوار تركيبية وإيقاعية تتجاوز الإشارات الحرفية للكتل الصوتية واللفظية والعلاقات التركيبة، مما يؤشر على أن طبيعة النص الشكلية والمضمونية المنصهرة داخل رؤية جمالية رومانسية تتضافر بكل مكوناتها لدعوة الإنسانية إلى معانقة التسامح والجمال والنقاء.

المستوى الدالي

وظف الشاعر معجما مشبعا بألفاظ وعبارات دالة على الدعوة إلى التسامح، وهو معجم تشَكّل من ثنائية ضدية من القيم مرغوب فيها ومستنكرة، تنتشر على جسد النص بشكل متواز لتصنع مضمون نداء الشاعر إلى التسامح، ويمكن تمثيلها في الجدول الآتي:

القيم المستنكرةالقيم المرغوبة
ضدان – الاختلاف – غرقى – نهدم – حرب – ضحايا – وقود – مطامع – يفنون – الافتراق – ذئاباأخوان – تعاون معي – لا تكلني – نبني – سحر الطبيعة – جمال – أغاني – لحن الصفاء والسلم والحب والبشرى – إنسان

النص قصيدة شعرية تختزن بعدا تصويريا كثيفا لا يخلو من تجديد في بعض ملامحه، رغم الطابع التقليدي العام لبناء الصورة، حيث تتوسل بالآليات البيانية من تشبيه واستعارة ومجاز، وتمتاح من الطبيعة والوجدان معظم أجزاء الصورة، فيمزج بينها على غرار التيار الرومانسي في الشعر، وهكذا يصبح العالم المضطرب زورقا فقد شراعه وربانه في بحر متلاطم الأمواج، ويصبح التسامح والتعايش تجديفا وإرساء على بر الأمان، والبغض والتصادم غرقا في الأشجان، ومكونات الطبيعة الساحرة رموزا للصفاء والعذوبة والجمال، والصفاء والسلم والحب ألحانا، والناي دعوة ، وبالمقابل فالإنسان ذئب ووقود، والدين ضائع ، وللضمير صوت، وغيرها من الصور الموحية.

الأسلوب اللغوي

للتكرار في النص بلاغة خاصة، سيما وأنه يتخذ أشكالا متعددة: صوتية ومعجمية وأسلوبية، ويعلن عن وظائف وأدوار دلالية وجمالية مؤثرة، منها التوكيد والإلحاح لتثبيت دلالة معينة في ذهن المتلقي، ومنها تكثيف القيم الموسيقية المكررة وتضخيمها لدعم تسلل الوحدات المعنوية المؤكدة إلى داخل المتلقي ومحاصرة حواسه، ومنها تأمين الكمّ الانفعالي المصاحب للمعنى عبر تكرار حزمة من الأساليب المتناغمة المدعومة بمواد معجمية وتركيبية متماثلة، ومنها ضمان متعة التلقي بتوزيع التكرار على مساحات تداولية متباينة ومنسجمة…

أكثر الشاعر من الأساليب الإنشائية، خاصة الاستفهام والأمر والنداء والنهي، وهي صيغ تتلاءم ومقصدية النص ورسائله الموجهة إلى الإنسان الداعية إلى التسامح ومعانقة الجمال، والرافضة للحروب والشنآن.

تركيب وتقويم

النص رسالة شعرية ذات بعد إنساني عام، تدعو الإنسان إلى التسامح والتعايش في عالم يتسع للجميع، ويوفر الكثير من إمكانيات تحقيق الرفاهية والسلم والمحبة والإبداع والاستمتاع بالجمال والصفاء والطهر، بعيدا عن ظلمات العنف والإقصاء والعدوان، وهي دعوة شكلت هاجس العقلاء وأصحاب الضمائر الحية، لكنها تصطدم بالوجه الآخر الكالح للإنسان، والذي لم يفتأ يستشري ويتعاظم داخل كيانات ولوبيات وقوى عظمى تتنكر لحقوق الإنسان رغم احتضانها لمؤسساتها، وتكيل بمكيالين وتفتح أبواب التأويل وتتذرع بالأعذار الواهية.

Ads
Ads Ads Ads Ads
Ads