Ads Ads Ads Ads

درس تحليل نص “الثقافة السياسية الجديدة” لعبد القادر العلمي – دروس النصوص – اللغة العربية – الثانية باك علوم

عنوان الدرس : الثقافة السياسية – تحليل نص ‘الثقافة السياسية الجديدة’ لعبد القادر العلمي

المادة : دروس النصوص – اللغة العربية

الشعب: علوم التجربية وعلوم رياضية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية والكهربائية وعلوم الاقتصاد والتدبير

المسالك: علوم فيزيائية وعلوم الحياة والارض وعلوم زراعية وبقية المسالك العلمية والتقنية

مدخل مفاهيمي

مفهوم الثقافة مفهوم واسع يتقاطع مع مفهوم الحضارة، ويشمل التراكم المعرفي والفني والحضاري المتبلور في مختلف ميادين الحياة عبر تاريخ أمة بشكل خاص، أو تاريخ الإنسانية بشكل عام، والمشكل لهوية الذات وكنه وجودها، أو طبيعة مرحلة ما، أو أبعاد نشاط إنساني معين.

من أبرز النشاطات الثقافية الرائجة في عصر العولمة الثقافة السياسية بحكم اشتغال فئات عريضة من الناس بمجال السياسة كأداة ضرورية للمشاركة في تدبير الحياة العامة تسييرا وتقويما وانتقادا، ومن مكونات هذه الثقافة السياسية بصرف النظر عن المنطلقات الإيديولوجية لممثلي السياسة الرسمية وغير الرسمية (منظومة المعتقدات والرموز والقيم المحددة للكيفية التي يرى بها تكتل معين الدور المناسب للحكومة وضوابط هذا الدور، والعلاقة المفترضة بين الشعب وممثلي السلط المختلفة…) القدرة على التفاوض والتنازل والتسامح وقبول الاختلاف ورفض العنف والاقصاء والتهميش واحترام الخصم السياسي والحرص على المصلحة العامة وثوابت الوطن بما يضمن الاستقرار والازدهار والأمن بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، والخضوع لمقتضيات اللعبة الديموقراطية، والاطلاع على القوانين والمواثيق المنظمة للعمل السياسي، والالتزام بالواقعية والشفافية والموضوعية والمرونة …

سياق النص

النص لعبد القادر العلمي، ناشط حقوقي مغربي من مواليد شفشاون سنة 1950، تقلد عدة مسؤوليات في الجامعة المغربية والمجلس الدستوري والعصبة المغربية لحقوق الإنسان. من أعماله : ”حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق”، ”هاجس التغيير الديموقراطي”. والنص الذي بين أيدينا من كتيب صغير له بعنوان : ”في الثقافة السياسية الجديدة” يعالج اكتساح الثقافة السياسية بمفاهيمها المتطورة لاهتمام الناس في العالم الثالث بسبب تصدع الأنظمة الشمولية وتطور وسائل الاتصال والتواصل.

ملاحظة النص

الداعي إلى وصف الثقافة السياسية في العنوان بالجديدة ما طرأ على تداول الأفكار السياسية من تطور وتوسع بسب انحسار الحظر المفروض على هذا التداول في أنظمة كانت إلى عهد قريب تعتبر الكثير من ملفوظات السياسة طابوها ونشاطا مشبوها يكتنفه الكثير من الخوف والمخاطرة، وتختزل وظائف الفعل السياسي في الولاء الأعمى لرموز الدولة وممثلي السلطة المعدودين فوق النقد والمعارضة.

يتمحور النص انطلاقا من ملاحظة عمودية لتمفصلاته الدلالية البارزة حول مفردات الثقافة السياسية الجديدة البارزة في العالم العربي في ظل المتغيرات السياسية العالمية المخترقة لانشغالات الرأي العام، والمستدعية لمشاركة الناس في صياغة المشهد السياسي المحلي والعالمي بغض النظر عن انتماأتهم ومواقفهم.

فهم النص

يطرح النص حزمة من التصورات المرتبطة بالثقافة والسياسة نجملها فيما يلي:

  • تعريف الكاتب الثقافة إجمالا بأنها تراكم فكري وفني وحضاري لأمة من الأمم يشمل المعارف والخبرات وأشكال التفكير والإبداع والقيم الدينية والأخلاقية والتقاليد وأنماط السلوك والقواعد والتنظيمات وأشكال ممارسة السلطة…
  • حصره العوامل التي تؤدي إلى اختلاف الثقافات السياسية في اختلاف طبيعة المجتمعات ومستويات تطورها واختلاف الأنظمة السياسية السائدة فيها ومرجعيات التيارات السياسية ورؤاها داخل المجتمع الواحد، واختلاف المقاربات والأهداف لدى الفاعلين السياسيين.
  • تحديده الجديد في الثقافة السياسية الراهنة في المجتمعات العربية في الطابع الحداثي التحرري الذي سمح بتدفق المفاهيم الجديدة إلى الثقافة السياسية العربية المحافظة واكتساحها لها مؤسسة بيئة سياسية أكثر تحررا وأوسع انتشارا وأكثر ارتباطا وتقاربا مع الثقافة السياسية في العالم المتقدم.
  • تأكيده على تطور الثقافة السياسية في المغرب والعالم العربي أواخر القرن الماضي تطورا ملحوظا بسبب اختراق حمى قضايا سياسية ظلت محمية بأقسى العقوبات، وانكشاف طوباوية شعارات سياسية حالمة أو مزيفة، مما استدعى إعادة النظر في كثير من القناعات وتصحيح مسار عدد من التيارات السياسية .
  • إشارته إلى تنامي وعي الشعوب بالديموقراطية وحقوق الإنسان من جراء الانتشار الواسع والتطور الهائل لوسائل الاتصال المتعددة ووسائط التثقيف العمومي والتداول اليومي لأحداث العالم وارتفاع نسبة التمدرس، غير أن عوائق جمة حالت دون تحقيق الاختيارات الديموقراطية كالإقصاء وتقييد الحريات ومضايقة الفكر والإبداع،والفساد الإداري والنفاق السياسي.
  • إصراره في النهاية على تشجيع الاهتمام بالسياسة عبر التصدي للجمود الفكري والسياسي وترسيخ قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان وتأصيل الحداثة السياسية وتخليق العمل السياسي لإنجاح المشروع الديموقراطي وتسريع وتيرة التطور.

تحليل النص

1) يتسم معجم النص بتداخل حقلين دلالين متشابكين: ثقافي وسياسي، عبر ألفاظ تنتشر على طول الممتد النصي بنسب متفاوتة يمكن قياس كتلتها عبر الجدول الآتي:

الحقل السياسيالسياسة، تدبير الشأن العام، الأنظمة السياسية، الحاكمين، المحكومين، مؤسسات الدولة، هيئات المجتمع السياسي، الرأي العام، خيارت السلطة العمومية ـ اتخاذ القرارت، الشأن السياسي، التيارات السياسية، المجال السياسي، الأفكار السياسية، الثقافة السياسية، النخب السياسية، تعارضها، دول العالم الثالث، الديموقراطية، حقوق الإنسان، الأنظمة الشمولية، النضال السلمي، مشروع نهضوي، الإقصاء، تقييد الحريات العامة، التضييق على القدرات الفكرية، تخليق العمل السياسي، المشاركة في الحياة السياسية.
الحقل الثقافيالمشروع الديموقراطي الحداثي الثقافة، التراث الفكري، الفني، الحضاري، الخبرات، المعارف، أشكال الإبداع، التعبير، قيم دينية وأخلاقية، تقاليد، سلوكيات، التيارات، المفاهيم، التطورات، الأهداف، الأفكار، لغة، الفكر العربي، فلاسفة التنوير، المعتقدات، رؤية نقدية، بدائل فكرية، الاجتهاد، تنامي الوعي، حقوق الإنسان، الديموقراطية، القدرات الفكرية والإبداعية.

والملاحظ أن مصطلحات السياسة وألفاظها أكثر انتشارا في النص لارتباط موضوعه بها، غير أن ثمة تقاطعا كبيرا بين ماهو سياسي وما هو ثقافي على مستوى اللفظ عن طريق الجمع بين الحقلين في تركيب لفظي واحد عبر الوصف والإضافة، ناهيك عن احتواء الثقافي للسياسي باعتبار السياسة مكونا من مكونات الثقافة المتعددة ؛ لذلك يصعب الفصل بين الحقلين على مستوى المفاهيم والمصطلحات.

2) استخدم الكاتب ضمير الغائب في النص للإحالة على الشعوب التي اخترقتها الثقافة السياسية الجديدة، واستخدام هذا الضمير تبرره رغبة الكاتب في إضفاء طابع التجرد والحياد والموضوعية والتعميم على مقاربته، غير أنه يصرح بالمعني بالضمير في ثنايا الفقرات بشكل عام دون إشارة إلى مسمى محدد.

3) اتبع الكاتب مسارا حجاجيا واضح المعالم يقوم على هيكل استدلالي ثلاثي الأبعاد:

  • عرض الأطروحة: مفهوم الثقافة والثقافة السياسية وحضورها المتعدد بتعدد سياقات تداول السياسة في الأنظمة العربية.
  • نقيض الأطروحة: ما ينبغي أن تراهن عليه الثقافة السياسية في العالم العربي من تجاوز للفكر السياسي المتهالك أو الشمولي أوالمبنى على شعارات طوباوية؛ وتكريس لبدائل فكريةء سياسية حداثية وواقعية ومستجيبة لتلطلعات الشعوب نحو الديموقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان وتحقيق التنمية الشاملة.
  • التركيب: وحدها الثقافة السياسية الحديثة قادرة على إعادة الثقة إلى المواطن، وجره إلى المشاركة في الحياة السياسية، وإنجاح مشاريع التنمية.

4) في النص مجموعة من الروابط الحجاجية معظمها منطقية ترتكز على أدوات العطف وبعض أدوات التوكيد وألفاظه ومؤشرات لفظية دالة على الزمن، مما يعني أن النص منشغل بترتيب الاستدلالات وجرد المفاهيم في إطار منطقي تعاقبي في الغالب، يرصد تطور الثقافة السياسية في العالم العربي بين الأمس واليوم، وما ينبغي أن تؤول إليه مستقبلا.

5) يخلو النص من الاهتمام ببلاغة اللفظ والمعنى، لأنه معني في الأصل ببناء التصورات ورصد الواقع السياسي وتقديم البديل الممكن مما يستلزم لغة مباشرة وألفاظا تنتمي إلى المتداول العام، وتمتاح من المعجم الثقافي والسياسي دونما حاجة إلى أدوات التأثير اللفظية أو المعنوية طالما أن السياق إخباري حجاجي يروم الإقناع بأدوات منطقية تستمد قوتها الاستدلالية من واقعية الأمثلة وانسجام المتواليات الفكرية.

تركيب وتقويم

يقارب النص مفهوم الثقافة والثقافة السياسية الجديدة انطلاقا من معطيين اثنين: معطى أكاديمي مؤسس على تحديدات السوسيولوجيا والأنتروبولوجيا وعلوم السياسة، ومعطى ميداني يستقصي تمظهرات الثقافة السياسية الجديدة المتبلورة في واقع معولم أتاح تطوير تداول المفاهيم السياسية وتوسيعه، مما أدى إلى بروز تصورات جديدة اخترقت التفكير السياسي التقليدي وأجبرته على إعادة النظر في قناعاته المتصدعة، وتصحيح مساراته الحالمة أو المحنطة . وهو ما حصل أيضا في العالم العربي بفعل تطور الإعلام ووسائل الاتصال ووسائط التواصل العمومي واسعة الانتشار وتعميم التمدرس، وما تمرره هذه القنوات من قيم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان وثقافة الحوار والسلم والتشارك.

وقد تبنى الكاتب في عرضه لواقع الثقافة السياسة الجديدة أسلوبا علميا متكئا على استثمار جهاز اصطلاحي سياسي وثقافي يحبل بتصورات رصينة، وتتفاعل معه بنية تركيبة مربوطة ربطا منطقيا محكما بمؤشرات العطف والتوكيد والتفسير والاستنتاج، وبنية دلالية منسجمة ذات كفاية حجاجية وافية تستمد قيمتها المنطقية من تعدد مرجعيات الاستدلال ( الدراسات الأكاديمية – تحليل المعطيات الميدانية – العمليات المنطقية المختلفة من استقراء واستنباط ) مما يضمن انتقال رسالة النص إلى المتلقي انتقالا سلسا مشفوعا بالقبول والتبني.

تحليل نص وظائف التربية الحديثة ثانية باك – دروس النصوص – اللغة العربية

عنوان الدرس : التربية والتكوين – تحليل نص ‘وظائف التربية الحديثة’ لعلي أسعد وطفة

المادة : دروس النصوص – اللغة العربية

الشعب: علوم التجربية وعلوم رياضية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية والكهربائية وعلوم الاقتصاد والتدبير

المسالك: علوم فيزيائية وعلوم الحياة والارض وعلوم زراعية وبقية المسالك العلمية والتقنية

مدخل مفاهيمي

مفهوم الديموقراطية

مفهوم الديموقراطية مفهوم عريض ورائج في زمن العولمة، وواسع الانتشار والتداول يطال جميع مجالات الحياة، ولا يخلو من التباس لانفلاته من قبضة التحديد المفهومي الصارم طالما أن في العالم ديموقراطيات متعددة كل منها يكيف ممارسة الديموقراطية تبعا لمنطلقاته وواقعه ، ناهيك عن كون الكتل السياسية والتيارات الفكرية والإديولوجية يمينا ويسارا ووسطا ، وحتى الراديكالية والشمولية ، كلها تتراشق بهذا المفهوم وجودا عندها وعدما عند غيرها، لكن الثابت في مفهوم الديمقراطية أنها إشراك فئات الشعب في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي إشراكا مشروطا بمقتضيات الدستور الديمقراطي الذي يضمن الحريات العامة ويكفل حقوق الأفراد والجماعات ويمأسس الصراع من أجل التداول السلمي للسلطة والتوزيع العادل للثروة، ويخضع فيه الكل للمراقبة والمحاسبة، وتحترم فيه إجراأت الشفافية والنزاهة والمساواة.

أصبحت الديمقراطية مطلب كل الشعوب وممارسة تؤطر كل الميادين وحقا من الحقوق وواجبا ومسؤولية يتحمل عبئهما الشعب أفردا ومؤسسات.

واقع الديمقراطية بين النظرية والتطبيق

ثمة فجوة كبيرة بين مبادئ الديمقراطية كما تقرها الهيئات و المراصد الدولية أو يبينها منظرو العلوم السياسية والاجتماعية، وبين تطبيقاتها على أرض الواقع، لاصطدام هذه المبادئ بمتغيرات كل نظام على حدة، وبجملة المصالح التي تكرس هيمنة قوة على قوة تابعة لها، قوة توظف اللعبة الديمقراطية لتمريرسلوك غيرديمقراطي.

بعض الديمقراطيات في المجتمعات العربية، وبعض الدول النامية ديمقراطيات غير متأصلة وتنعت غالبا بديمقراطية الواجهة، لكنها مكشوفة لكونها تنبثق عن أنماط التفكير والتدبيرالمتخلفة التي تصادر الحريات وتستبد فيها بالسلطة والثروة عقول متحجرة ومؤسسات القمع والترهيب.

إشكالات التربية والتكوين ورهاناتها في زمن المد الديموقراطي

ترين في عالم العولمة مشاريع إصلا ح المنظومات التربوية والتكوينية وتكييفها مع مستجدات الراهن الإقتصادي والسياسي والثقافي، وهكذا يتم تبني مقاربات جديدة أكثرتطورا من الناحية النظرية والتقنية، وبرامج مرتبطة بالتنمية البشرية، ومناهج تستجيب لشروط براغماتية في الغالب.

والمغرب، كبلد مصر على الاندماج في المتغيرات الكونية، حريص على دعم الديمقراطية وخوض رهان التنمية المستدامة، أعاد تشكيل أدوار المدرسة الوطنية وتحد يثها لإدماج المتعلم في الحياة الفعلية بما ينمي لديه من كفايات وقدرات ومهارات وتجارب تسعفه في حل الوصنعيات المختلفة التي تواجهه.

بناء على ذلك أضحت التربية اليوم منفتحة على المحيط بكل أبعاده، وموظفة لتأهيل الفرد وإعداده للمشاركة في تدبير الشأن العام بما تقتضيه مبادئ الديقراطية وقيم المواطنة الصالحة، وهي بذلك تصر على إشراك الأسرة ومؤسسات المجتمع المدني في كل عملياتها ومشاريعها تقريرا وتطبيقيا حتى يسهل ترسيخ مقومات الخصوصية الوطنية وقبول قواعد العيش المشترك والاسهام في الإقلاع الاقتصادي، ومن ثم تصببح التربية شأنا مجتمعيا لادورا من أدوار المدرسة.

ملاحظة النص

1) ينفتح عنوان النص على مايمكن أن تضطلع به التربية الحديثة من أدوار تنهض بالمجتمعات العربية نحو مسايرة التطورات الحاصلة في الراهن السياسي والاقثصادي والاجتماعي والمعرفي، تطورات أصبحت معها التربية التقليدية بأشكالها ومناهجها ووظائفها ومنظوراتها مرفوضة متجاوزة.

2) يطرح الكاتب فرضية عامة في بداية النص تعكس موقفه من التربية في علاقتها بالتنمية، وهو موقف كل الباحثين في مجالات الحضارة والثقافة والتربية والاجتماع وكل الدراسات الاستراتيجية الأخرى، لأن فرضية كون التربية أساس كل نهضة تتجاوز منطق الافتراض إلى منطق التسليم وآلبداهة والارتباط بالمعقول العام، لذلك نتوقع أن ينصرف الحجاج في النص إلى مابعد هذا الافتراض الصحيح.

فهم النص

يتمفصل النص إلى مساحات دلالية نختزلها في الآتي:

  • التربية مصدر كل نهضة قديمة أوحديثة، وعلاقتها بالتنمية علاقة تلازم واقتضاء؛ لأنها تُعِدُّ منطلق التنمية وغايتها وأداتها الأساسية، وهوالإنسان، إنها إعداد للرأسمال البشري وصناعة للأدمغة والكفاأت وتفجير للطاقات والقدرات وتعبئة للموارد واستنفار لأنواع الذكاء وبناء للأطر المؤهلة لقيادة التنمية.
  • قضايا النهضة والحداثة ظلت قضايا النخبة ومناط التفكير الأكاديمي المجرد، ولم تتحول إلى حقيقة تربوية مرتبطة بواقع التنمية ومستلزمات المرحلة، ولذلك فشلت في تحقيق مشاريعها.
  • الفعل الحضاري تربوي بالدرجة الأولى لأن التربية تعمل على تشكيل الوعي الإنساني الخلاق وإعادة تشكليه، أي إنها تتحكم في أدوات صناعة التاريخ والحضارة؛ لذلك يقترح الكاتب أن تكون المشاريع النهضوية والحداثية في صلب اهتمام التربية الحديثة الديموقرطية.
  • منطلقات التربية الحديثة وأهدافها، حسب النص، مختزلة في مبادئ التغيير والإبداع والحوار والديموقراطية والتعاون والتكامل والعقلانية والتفكير النقدي الحر والتدبير العلمي الممنهج. وهي تربية يرى الكاتب أن عليها أن تستهدف أولا تدشين قطيعة نهائية مع الأساليب التربوية العتيقة القائمة على التلقين والتسلط والانغلاق والتجزيء .
  • للمرحلة الراهنة متطلبات تربوية ملحة، قاعدتها الأساسية تحرير العقل من قيود التقليد وأمراض التلقين، وبناء الأسس المنهجية للتفكير الحر القائم على مبدأ الاختلاف الذي من شأنه أن يهدم كل الحواجز التي تمنع العقل من الانطلاق والإبداع وقبول الآخر.

تحليل النص

1) في النص جهاز مفاهيمي يتداخل فيه التربوي والسياسي مع حقول دلالية أخرى تحيل إلى الحضارة والمجتمع، ويمكن بيان انتشار هذه الحقول على جسد النص من خلال الجدول الآتي:

حقل الحضارة والمجتمعالمشاريع النهضوية والحداثية – العقلية الشعبية – التحديات التاريخية – العقل الحضاري – وقود الحضارة ولهيبها – التاريخ – النهوض بالمجتمع – التحولات الجوهرية – إنتاج الثقافة – تشكيل الوعي.
الحقل السياسيالوعي الجماهيري – النخب السياسية – الديموقراطية – التغيير – الحوار – الاختلاف – قبول الآخر – العقلية الشعبية.
الحقل التربويالتربية – إنتاج الثقافة – بناء العقل – ثورة المعلومات والمعرفة – حقيقة تربوية – التربية مشكلة للوعي – تربية جديدة منفتحة على معطيات التكنولوجية – علمية عقلانية ناقدة – تربية تقليدية – التلقين – الجمود – الذاكرة – التسلط – الانغلاق واللحظات العابرة – التجزؤ – الفعاليات التربوية – الناشئة – الخروج من دائرة التقليد – تحرير العقل – الاستظهار – الحفظ – بناء الأسس المنهجية للتفكير…

والملاحظ أن الحقل الأكثر هيمنة على مدلولات النص هو الحقل التربوي، لأن النص منشغل بمعالجة وظائف التربية ورهاناتها بين الأمس واليوم في ظل المتغيرات السياسية والاجتماعية.

2) يستعمل الكاتب في النص ضميرين مختلفين: المتكلم ويحيل على موقف الكاتب والحداثين الجدد،وماينتظره المراهنون على حداثة ونهضة حقيقيتين عبرإرساء قواعد جديدة للتربية، والغائب المحيل على أصحاب الفكرالتنويري المتعثر والمشاريع النهضوية الفاشلة وحراس التربية التقليدية.

3) اعتمد الكاتب خطة حجاجية واضحة لإقناع مخاطبه من خلال انطلاقه من مسلمة عامة ذات قيمة منطقية حاسمة، وهي كون التربية أساس كل نهضة، وكون الفعل التربوي يعني بناء العقل وتشكيل الوعي وإنتاج المعرفة، ثم خروجه من هذه المقدمة المفهومية إلى نسف الأطروحة النقيض من خلال رصد أسباب فشل مشاريع النهضة العربية التي لم تتجاوز النخبة من منتجيها، ولم تتحول إلى فعل تربوي حقيقي يصنع وعي الجماهير ويدفعهم إلى الابداع والتغير، ليخلص في النهاية إلى أن هذا الرهان تضطلع به التربية الحديثة المبنية على فلسفة تربوية متحررة.

4) اعتمد الكاتب في ربط الفقرات والجمل على أدوات التوكيد وأسلوب التكرار، مما يعني أنه يؤسس خطابا إقناعيا حساسا يحتاج إلى دعمه بأدوات الدعم الشكلية والمضمونية ليضمن وصوله إلى مقبول المتلقي ومعقوله.

5) احتفل النص بالجمل الطويلة بهدف تفريغ المفهوم وتفريعه وملاحقة أجزاء الفكرة في تصور يبدو شائكا ، واستهداف التفسير والتوكيد عبر كثافة العطف والاعتراض والإضافة والتكرار.

6) هيمنت على النص الجمل الخبرية ؛ لأنه يعنى بعرض المعلومة وتفصيلها والاستدلال عليها ؛ لذلك جاء النص تقريريا مشبعا بلغة منطقية حجاجية خالية من التصوير والإيحاء ، مشحونة بالمصطلحات التربوية والسياسية والاجتماعية إلا من تعابير مجازية أصبحت من قبيل المتداول المباشر فرضتها طبيعة اللغة الخلاقة من مثل: ” التربية معين كل نهضة ، لهيب الحضارة ووقودها…” وهي تعابير تدعم البعد الحجاجي أكثر منها تفرز تداعيات للمعنى.

تركيب وتقويم

عالج النص قضية معقدة ترهن مصائر الأمم في تقدمها أو تخلفها، أو ما تبنيه من تفاعل واندماج بينها، أو ما تؤسس به كيانها وموقعها السياسي والاقتصادي والثقافي في مشهد حضاري معولم شديد التعقيد والتداخل، وهي قضية التربية، فأبرز وظائفها وعلاقاتها بالتنمية وتشكيل الوعي وتفجير الإبداع وتحقيق التفوق، وما ينبغي على المجتمع بكل فعالياته وحساسياته من تجديد لمنظوراتها وأدواتها ومناهجها ووظائفها تجديدا يضع في الحسبان قيم الحداثة والديموقراطية والتنوير العقلي والتطور العلمي والتكنولوجي بما يخرج المجتمعات العربية من دوائر التجزيء والاجترار والتلقين والسلطوية..

وقد استخدم الكاتب لعرض هذه المحمولات الدلالية أسلوبا تقريريا عرض فيه واقع التربية العربية بين التقليد والتجديد، بين فشل مشاريع الإصلاح النهضوي والرغبة في تجاوز هذا الفشل مستثمرا أساليب الإخبار والتفسير وآليات الحجاج المبنية على العرض المنطقي للإشكالية المدعوم بمعطيات الواقع والتاريخ وبعض مفاهيم التربية والسياسة والاجتماع، وما يستلزمه كل ذلك من مؤشرات تركيبة داعمة كأدوات التوكيد والتفصيل والاستنتاج، شاحنا محمولاته المنطقية بنبرة ذاتية مصبوغة ببعض الانفعال المتمثل في توجيه الخطاب إلى ” نحن ” ينخرط ضمنها الكاتب، “نحن” موسومة بهوسها بالبحث عن مخرج من قيود الاستهلاك السلبي وأوضاع التخلف عن المشاركة في الحدث الحضاري المستجد والمتلاحق.

درس تحليل نص “حوار الثقافات” لمحمد عابد الجابري – دروس النصوص – اللغة العربية – الثانية باك علوم

عنوان الدرس : حوار الثقافات – تحليل نص ‘حوار الثقافات’ لمحمد عابد الجابري

المادة : دروس النصوص – اللغة العربية

الشعب: علوم التجربية وعلوم رياضية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية والكهربائية وعلوم الاقتصاد والتدبير

المسالك: علوم فيزيائية وعلوم الحياة والارض وعلوم زراعية وبقية المسالك العلمية والتقنية

مدخل مفاهيمي

حوار الثقافات مصطلح رائج في عالم ما بعد الحداثة يروم ضبط حزمة من العلاقات التي تؤثث مجالا غير محدود تتفاعل فيه الشعوب أخذا وعطاء، وتوضع ضمنه حدود القبول بالآخر وتفهم خصوصياته بعيدا عن الصراع أو الإقصاء أو المواجهة العنيفة، وترتبط بهذا المفهوم تعبيرات أخرى من قبيل : حوار الحضارات – حوار الأديان – …

تتحدد أهم مرتكزات حوار الثقافات في:

  • وجود معرفة كافية عن الآخر.
  • قيادة النخبة المثقفة المنفتحة على الآخر لهذا الحوار.
  • وجود مرجعية مشتركة بين الكيانات المتحاورة ( القيم الإنسانية الثابتة في الحضارة المعاصرة : العدالة ، المساواة ، حقوق الإنسان، التسامح ، الحرية ، الديموقراطية…).
  • استهداف توفير مناخ الصداقة والسلام والتواصل والمصلحة المشتركة واستئصال العدائية والتعصب والكراهية.
  • تبني الحوار النبيل والمتحضر والعقلاني وضمان حق الاختلاف وتحقيق التفاعل الحضاري لمصلحة الإنسان ، وتجاوز المغالطات وسوء الفهم والأفكار المسبقة والأحكام الجاهزة.

سياق النص

شغلت جدلية الأنا والآخر الكثير من الفلاسفة وعلماء الا جتماع وأقطاب الأد ب والسياسة في العالم، والعالم العربي خاصة في العصر الحديث ،حيت برزت هذه الجدلية كإشكالية حاضرة بقوة في قراءة ماضي الأمة الاسلا مية وحاضرها ومستقبلها، وعزي إلى الأنا كل التقدم والتخلف الذي طال الأمة تبعا لعلاقتها بالآخر إقبالا وإعراضا. والنص إحدى هذه المقاربات التي ناقشت هذه الإشكالية. وهو للدكتور محمد عابد الجابري الباحث المغربي في مجال الفلسفة والفكر الاسلامي، صاحب “نحن والتراث” و “تكوين العقل العربي” و “نقد العقل العربي”…

ملاحظة النص

يتألف عنوان النص من كلمتين أضيفت إحداهما إلى الأخرى لتؤشرا على نوع الحوار الذي يروم النص تتبع أبعاده وشروطه واتجاهاته وضمانات استمراره، إنه رهان صعب من رهانات العولمة يستهدف تقريب الشعوب بعضها من بعض، ومد جسور التواصل والتفاهم والتفاعل بينها لتدشين ثقافة كونية عامة تحضر فيها الثقافات بسماتها المميزة حضور إغناء وإثراء في مجال منسجم يحترم فيه المتعدد الثقافي، وتراعي ضمنه مصالح الكيانات المتعاشية بشكل سلمي على أساس التسامح والانفتاح على الآخر. هذا مايوحي به العنوان على المستوى النظري الذي لايخلو من طوباوية، أما على المستوى الواقعي فقد حاول الكاتب وضع هذا الحوارفي قالبه الحقيقي الذي ليس سوى تجاذب بين مصالح جهات متقدمة (الغرب) وجهات تبحث عن مسالك التقدم (العالم العربي الإسلامي) بشكل غير غير متوازن ولا متكافئ.

فهم النص

يتمفصل النص إلى حزمة من المفاصل الفكرية الآتية:

1) اعتبار الكاتب الحوار في بداية النص شعارا نبيلا ومعقولا، غير أن طبيعته تنجلي في كونه متغيرا ومتقلبا حسب الدوافع والأهداف والمواقع والظروف، وانعكاس هذا النوع من الشعارات على تحديد مفهوم حوار الحضارات بصبغه بالكثير من الغموض والالتباس المقرونين بإرادات مبيتة وقصد مدروس.

2) مناقشة الكاتب مفهوم حوار الحضارات من منطلقين اثنين:

  • الحوار باعتباره عملية عفوية تلقائية ناجمة عن الإحتكاك الطبيعي بين الحضارات بفعل التأثير والتأثر، خاضعة للصيرورة التاريخية التي يحكمها طلب الأفضل استلهاما واحتواء، تماما كما حصل في الحضارة العربية الإسلامية التي احتوت ثقافات الفرس واليونان والهند.
  • الحوار باعتباره عملية إرادية منظمة ومخططالها، وهو في الغالب غير برئ وخاضع لاكراهات المصالح ولمنطق الأقوى بالدرجة الأولى.

3) التباس شعار “حوار الحضارات” في نظر الكاتب لكونه يحمل في طياته نوايا غير معلنة تمثل الخلفية الحقيقية لإطلاق هذا الشعار، وتتجسد في جملة المصالح التي يريد الغرب الحفاظ عليها في بلدان العالم الثالث، وفي حاجة العرب والمسلمين إلى الغرب لمساعدتهم على التقدم.

4) اقتراح الكاتب إقامة حوار بين أهل الفكروالثقاقة في الحضارات المختلفة ليتعرف كل طرف الآخر، ولتزاح المغالطات المقصودة وغير المقصودة، ولتوضع النقاط على الحروف، ويتصدى لمحاولات التدمير الثقافي لأي طرف بردود أفعال علمية معقلنة تشترك فيها عربيا الجامعة العربية والمنظمات المتفرعة عنها ومراكز الدراسات العربية…

5) ارتباط تحقق حوار الحضارات بشرطين أساسين:

  • الإرتكاز على استراتجية توازن المصالح.
  • المطارحات المضادة لما ينتجه الآخر الممرة عبر وسائل الاتصال واسعة الانتشار.

وهذان الشرطان كفيلان برفع الالتباس عن هذا المفهوم باعتبارهما يخلصانه من الهيمنة وأحاديه القطب في إنتاج الثقافة وتسويقها.

تحليل النص

1) نعت الكاتب شعار “حوار الثقافات” بمجموعة من النعوت ، فهو نيبل ومعقول ومتغير ومتقلب وغير بريء وملتبس وضبابي، وعفوي تلقائي، ومقصود مخطط له ، وهي نعوت ترصد سياقات تداول الشعار أو تحقيقه في خضم العولمة، وتتأرجح حسب طبيعة الشعار وملابسات استثماره بين أن تحسب مزايا للحوار أو معيقات له.

2) في النص حضور مكثف لضميرين يعكسان جدلية النحن والآخر التي ينهمك النص في تشكيل رؤية محددة حول واقعها وآفاقها، والتي يمرر عبرها إحساس الأنا بالظلم في حوار غير متكافئ.

3) تتألف سيرورة الحجاج في النص من ثلاثة مراحل يبينها الجدول الآتي:

الأطروحةحوار الثقافات حوار نبيل ومعقول متقلب ومتغير تبعا لسياقات تدلوله.
الأطروحة النقيضملتبس وغير بريء لخضوعه لوصاية الغرب على ثقافة الآخر بما يضمن مصالحه.
التركيبضرورة إخضاعه لتوازن المصالح ومواجهة الهيمنة بالعقل.

4) يبنى الحجاج في النص على استدلالات منطقية وواقعية وتاريخية تبين الخلل الحاصل في حوار الحضارات اليوم ، وتقترح تصحيحا له حتى يصبح حوارا متزنا وواقعيا ومقبولا.

5) استخدم الكاتب أسلوب التوكيد لتثبيت موقفه ، فاستنفر لذلك عددا من المؤشرات التركيبية المستهدفة تدعيم القوة الإنجازية الإقناعية، من ذلك: أدوات التوكيد، التكرار، الترادف، ضمير الفصل، أسلوب النفي والاثبات …

6) جمع النص بين وظائف متعددة منها الإخبار والإقناع والتفسير، وقد حشر لذلك الجمل الخبرية واللغة التقريرية والأمثلة التاريخية والواقعية والبعد الاستدلالي المنطقي لتوجيه رسالة واضحة إلى المتلقي مفادها أن الحوار كما يدار اليوم حوار هش يقوم على مرتكزات خاطئة مما يجعله غير قادر على بلوغ أهدافه النبيلة ، لذلك ينبغي قيادة حوار جدي ومتوازن لا يحس فيه أحد الأطراف بالغبن.

تركيب وتقويم

يحاول محمد عابد الجابري صياغة رؤية موضوعية لواقع الحوار الحضاري يبني خلالها إطارا صحيحا لهذا المفهوم يقوم على مبدأ الاعتراف المتبادل بالوجود، وهي رؤية من شأنها الدفع بهذا الحوار إلى أفقه المنشود، أفق التعايش والتفاهم والتواصل والسلم، ويروم الكاتب من خلال هذه الصياغة لفت انتباه المثقفين والعلماء ورجال الدين إلى المسار الصحيح لهذا الحوار ، معتمدا في ذلك أسلوب الاستنباط القائم على التسليم بجدوى الحوار ومعقوليته في بداية النص منتقلا إلى تقرير حضور الطرفين فيه بنسب متفاوتة تبرز هيمنة أحدهما على الآخر ، منتهيا إلى ضرورة إعادة الاعتبار إلى الطرف الضحية.

Ads
Ads Ads Ads Ads
Ads