Ads Ads Ads Ads

سقوط الإمبراطورية العثمانية وتوغل الاستعمار بالمشرق العربي – دروس التاريخ – الدورة الأولى – الثانية باك

عنوان الدرس : سقوط الإمبراطورية العثمانية وتوغل الاستعمار بالمشرق العربي

المادة : دروس التاريخ – الدورة الأولى – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

فقدت الدولة العثمانية منذ القرن 18م المقومات التي بنيت على أساسها إمبراطوريتها الواسعة، ولم تفلح رغم سياسة الإصلاحات التي نهجتها خلال القرن  19م في إيقاف التغلغل الاستعماري الأوربي والحركات الانفصالية المحلية.

  • فما هي أسباب انهيار الإمبراطورية العثمانية؟
  • وما هي نتائج انهيارها على وضعية المشرق العربي؟

أسباب انهيار الإمبراطورية العثمانية

الأسباب الداخلية المؤدية إلى سقوط الإمبراطورية العثمانية

تجلت في تدهور الأوضاع الاقتصادية والفساد الإداري وانعدام الأمن واستغلال الأتراك للعرب، مما أدى إلى قيام ثورات داخلية تزعمها القوميون العرب الذين عقدوا المؤتمر العربي في 1913م، وطالبوا بالاستقلال عن تركيا، ولم تستطع الإمبراطورية العثمانية الدفاع عن ليبيا ضد التوغل الإيطالي، فمنحتها الاستقلال سنة 1912م لتسقط تحت السيطرة الإيطالية.

الأسباب الخارجية المؤدية إلى سقوط الإمبراطورية العثمانية

  • الآليات العسكرية: تمثلت في التحالف الأوربي لتقويض الإمبراطورية سواء من خلال المواجهة العسكرية (الهزائم المتتالية)، أو من خلال إجبارها على توقيع معاهدات صلح تنص على اقتطاعات ترابية.
  • الآليات الاقتصادية: أحدثت الدول الأوربية صندوق الدين العثماني بهدف إثقال كاهل الدولة بالديون، ناهيك عن إبرام معاهدات تجارية غير متكافئة تهدف إغراق الأسواق العثمانية.
  • الآليات السياسية: تمثلت في استمالة الدول الأوربية للحركات المعارضة للنظام العثماني إلى جانبهم، علاوة على تشجيعهم للحمايات القنصلية وتوصلهم لاتفاقيات ثنائية لاقتسام ممتلكات الدولة.
  • الآليات الدينية والثقافية: أرسل الأوربيون حملات تبشيرية بدعوى حماية المسيحيين وأسسوا عدة مدارس ومستشفيات وجمعيات خيرية.

يضاف إلى ذلك تغير موازين القوى لصالح الغرب في جميع المستويات، مما ساعد على ضرب السيادة العثمانية في العمق، مما تسبب في ضعفها فتحولت إلى ما يعرف بالرجل المريض.

دور ظرفية الحرب العالمية الأولى في سقوط الدولة العثمانية

ساهمت ظرفية الحرب العالمية الأولى في انهيار الإمبراطورية العثمانية، من خلال:

  • رغبة الشعوب غير التركية في الانفصال التام عن تركيا بسبب سياسة تتريك الشعوب التي نهجها “حزب تركيا الفتاة ،” وقد تزامن ذلك مع بوادر اندلاع حرب عالمية أولى.
  • الوعود البريطانية للعرب بالاستقلال: عند اندلاع الحرب العالمية الأولى قدمت إنجلترا في شخص مندوبها السامي في مصر “السير هنري مكماهون” وعودا لشريف مكة حسين بن علي بتأسيس دولة عربية يعين على رأسها مقابل أن يستغل نفوذه الديني لتشجيع العرب على الثورة ضد الأتراك، وهكذا اندلعت الثورة العربية سنة 1916م من الحجاز وانتهت بتصفية الإدارة التركية من البلاد العربية في المشرق، لكن انجلترا لم تف بوعودها إزاء العرب، وبدأت في تنفيذ مراميها الاستعمارية وتوقيع اتفاقيات استعمارية مع دول الحلفاء تهدف إلى تقسيم المشرق العربي فيما بينهم، منها: اتفاق “سايكس بيكو” و”وعد بلفور”، وفي سنة 1920م فرضت “معاهدة سيفر” على الدولة العثمانية وأعلنت بنودها عن نهاية الدولة العثمانية.

التطور العام في المشرق العربي عقب سقوط الإمبراطورية العثمانية

مفهوم الانتداب وخريطته السياسية بالمشرق العربي

الانتداب هو إشراف إحدى الدول القوية على إدارة بعض المناطق التي أصبحت تخضع لوصاية عصبة الأمم، وذلك بهدف جعلها قادرة على حكم نفسها بنفسها وهو ما حدث تماما بالمناطق الخاضعة للإمبراطورية العثمانية، حيث عقدت الدول الأوربية سنة 1920م مؤتمر “سان ريمو” لوضع الترتيبات النهائية لتقاسم احتلال الشرق العربي في إطار نظام الانتداب، فأصبحت العراق والأردن وفلسطين تحت نفوذ بريطانيا، وسوريا مع لبنان تحت نفوذ فرنسا، كما أسس مصطفى كمال جمهورية تركيا الحديثة بعد إنهاء الخلافة العثمانية سنة 1924م.

توطيد النفوذ الاستعماري بالمشرق العربي في ظل نظام الانتداب

عملت انجلترا على خلق كيانات سياسية تابعة لها بالمناطق التي سيطرت عليها بالمشرق العربي، ونهجت فرنسا أسلوب الحكم المباشر، وعينت كل دولة منهما وزراء محليين من الأعيان مع الإبقاء على السلطة الفعلية بأيدي المندوب السامي، وفي نفس الوقت عملت الدولتان على قمع المقاوميين الوطنيين، كما أقامت سلطات الانتداب البريطاني والفرنسي نظاما اقتصاديا استغلت فيه ثروات المنطقة وربطتها بالنظام الرأسمالي، فكانت السياسة المالية والفلاحية تخدم مصالح المعمرين وأجبرت الفلاحين على الهجرة، أما السياسة الصناعية فقد أثرت على الصناعة التقليدية، وتميزت أوضاع العمال بالتدهور وظل الميزان التجاري للدول المنتدبة في حالة عجز دائم.

خاتمة

في ظل تزايد الاستغلال الاقتصادي وتأزم الأوضاع الاجتماعية، كان رد فعل العرب هو القيام بتأسيس الحركات الوطنية المناهضة للاستعمار.

شرح العبارات

  • سايكس بيكو: سايكس هو وزير خارجية بريطانيا، وبيكو هو وزير خارجية فرنسا.
  • الانتداب: شكل استعماري اعتمد على ازدواجية الإدارة بين إدارة أجنبية ذات سلطة فعلية وإدارة وطنية ذات سلطة شكلية، واتخذ كمبرر تولي الدولة الكبيرة تسيير شؤون الدولة الصغيرة.
  • حكم مباشر: شكل استعماري قام على انفراد الإدارة الأجنبية بالسلطة بعد إقصائها للإدارة الوطنية.

المغرب: الاستغلال الاستعماري في عهد الحماية – دروس التاريخ – الدورة الأولى – الثانية باك

عنوان الدرس : المغرب: الاستغلال الاستعماري في عهد الحماية

المادة : دروس التاريخ – الدورة الأولى – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

اتجهت سلطات الحماية بعد فرض نظام الحماية على المغرب نحو نهج سياسة الاستغلال الاقتصادي المكثف للأراضي المغربية، فكان لذلك انعكاس سلبي على وضعية الاقتصاد والمجتمع المغربيين.

  • فما هي آليات ومظاهر الاستغلال الاستعماري في عهد الحماية؟
  • وما هي انعكاساته على الاقتصاد والمجتمع المغربيين؟

آليات ومظاهر الاستغلال الاستعماري للمغرب في عهد الحماية

تعددت آليات الاستغلال الاستعماري للمغرب

لجأت سلطات الحماية لآليات مختلفة لتيسير استغلالها لخيرات المغرب، ومن أهم هذه الآليات:

  • إقامة بنية تحتية: حيث شيدت سلطات الحماية شبكة من المواصلات الداخلية والخارجية (الموانئ، الطرق، السكك الحديدية، السدود، المصالح الإدارية …) لتمتين سيطرتها العسكرية، ولربط المناطق الفلاحية والمنجمية بالموانئ، وتسهيل تصريف المنتجات المصنعة.
  • تشجيع الاستثمارات الأوربية: حيث أنشئت الإقامة العامة مصلحة التجارة والصناعة، وأسست وكالة المغرب بباريس، وحددت مهمتهما في التعريف بمختلف امتيازات الاستثمار بالمغرب لرجال الأعمال الفرنسيين (الإعفاء الضريبي)، فكانت النتيجة تزايد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المتوافدة على المملكة، سواء منها الاستثمارات الخاصة التي استثمرتها الشركات والأبناك الرأسمالية، أو الاستثمارات العمومية التي دفعتها الحكومة الفرنسية للإقامة العامة.
  • تشجيع الاستيطان الاستعماري: حيث انتقل العديد من المعمرين من الجزائر وفرنسا نحو المغرب، واستقروا في مناطق حيوية، وقدمت لهم فرنسا تسهيلات كبيرة.

تنوعت مظاهر الاستغلال الاستعماري للمغرب

في الميدان الفلاحي

اكتسى الاستعمار الفلاحي شكلين أساسيين هما:

  • الاستعمار الرسمي: حيث قامت الإقامة العامة بمصادرة أملاك الدولة والجماعات وتوزيعها على المستوطنين الأوربيين بأثمان منخفضة، مع تسهيلات في الأداء.
  • الاستعمار الخاص: استحوذ المعمرون على أراضي الفلاحين المغاربة بوسائل متعددة، كنزع الملكية وإجبارهم على البيع تحت الضغط والتهديد أو بوسائل الإغراء والتعهدات الكاذبة أو بتطبيق نظام المحافظة العقارية ثم سحب كل أرض لم تحفظ من أصحابها، كما سلبت سلطات الحماية أراضي القبائل التي شاركت في المقاومة ضد الاحتلال إلى غير ذلك من الوسائل.

هذا وقد حظيت الفلاحة الاستعمارية بمختلف أشكال الدعم المالي والعلمي والتقني، حيث تميزت الأراضي المستولى عليها بتوفرها على مصادر مهمة من المياه، وعلى خطوط مهمة من المواصلات، هذا ما يفسر تزايد أراضي الاستعمار الخاص أو الرسمي بسرعة كبيرة، بحيث بلغت سنة 1935 م ما قدره 840000 هكتار.

في الميدان الصناعي والمنجمي

شرعت سلطات الحماية عن طريق عدة شركات في استغلال الثروات المعدنية للمغرب، ومن أهم هذه الشركات نجد المكتب الشريف للفوسفاط، وشركة مناجم بوعرفة، وأمنيوم شمال إفريقيا وغيرها، وكانت أرباح الشركات جد مرتفعة بالمقابل كانت أجور العمال المغاربة جد منخفضة، كما أن الاستثمارات الاستعمارية في ميدان الصناعة لم تكن تستهدف وضع قاعدة صناعية قوية، ومن أهم الصناعات التي أقيمت بالمغرب، نجد الصناعات الغذائية والنسيجية والكيماوية والمعدنية، وتمركز أغلبها بالمدن الساحلية، واحتكرت مدينة الدار البيضاء وحدها سنة 1954م حوالي %75 من تلك الاستثمارات و%60 من اليد العاملة.

في الميدان التجاري

كانت المبادلات التجارية تتسم بعدم التكافؤ نظرا لضعف قيمة صادرات المغرب من المواد الفلاحية والمنجمية، وارتفاع قيمة وارداته من المواد المصنعة، مما أدى إلى عجز الميزان التجاري، وكانت معظم المبادلات تتم في المنطقة السلطانية مع فرنسا وفي المنطقة الخليفية مع اسبانيا مما جعل المغرب يخضع للتبعية التجارية.

آثار الاستغلال الاستعماري على الاقتصاد والمجتمع المغربيين

انعكاسات الاستغلال الاستعماري على وضعية الفلاحة والفلاح بالمغرب

كان للهيمنة الاستعمارية على الأراضي الفلاحية المغربية انعكاسات سلبية على الوضعية الاجتماعية والمعيشية للفلاحين المغاربة، وذلك بسبب تركز الأراضي الخصبة في أيادي المستوطنين والقواد الكبار الموالين لسلطات الاحتلال والشركات الأجنبية، بينما اكتفى صغار الفلاحين المغاربة الذين كانوا يشكلون ثلث الساكنة القروية سنة 1952م باستغلال مساحات ضيقة وفقيرة ذات إمكانات زراعية ضعيفة، ناهيك عن خضوعهم لضرائب مجحفة والعمل بدون مقابل، كما كان الفلاحون المغاربة مجبرين على تقديم منتجاتهم بأثمان حددت من طرف سلطات الاحتلال بأثمان منخفضة، بل وكان من المفروض عليهم تقديم كميات أكبر من إمكانياتهم، وازدادت وضعيتهم تأزما في الفترات الجافة، ولقد تسببت تلك التحولات في تفاقم الهجرة القروية، فكان لذلك انعكاس سلبي على وضعية المدينة المغربية.

انعكاسات الاستغلال الاستعماري على وضعية الحرفيين والعمال المغاربة

تعرض الحرفيون المغاربة لأزمات متتالية، ولم يكن في استطاعة مجموعة كبيرة منهم بتقنياتهم التقليدية وإمكانياتهم المادية القليلة الصمود أمام ارتفاع أسعار المواد الأولية، بسبب احتكار إنتاجها من طرف سلطات الاحتلال، كما لم يعد في استطاعتهم مسايرة غزو السلع المصنعة للأسواق المحلية بأثمان منخفضة، فكانت النتيجة انهيار الصناعة التقليدية والحرف المحلية وتعرض العديد منهم للإفلاس.

كما تعرض العمال المغاربة لاستغلال كبير من طرف الشركات الأجنبية، وكانت أجرة العامل المغربي في الفوسفاط تتراوح ما بين 10 و15 فرنك فرنسي في اليوم، وبحدوث أزمة 1929م الاقتصادية انهارت الأجور من جديد ووصلت إلى 3 فرنكات في اليوم سنة 1936م، ولم تتعدى أجرة اليد العاملة النسوية نصف أجرة الرجل، وكانت تعمل الأغلبية الساحقة من العاملين والعاملات كمياومين أو بالقطعة (العطش).

ولكل تلك العوامل حاول العمال المغاربة المطالبة بتحسين ظروف عملهم ووقف عمليات القمع المسلط عليهم من خلال شن إضراب شامل يوم 22 أبريل 1948م، فكان ذلك مبررا لإدارة الفوسفاط والسلطة لتسليط القمع على العمال المضربين بجلدهم والرمي بهم في السجون، وفي حالة فرار العامل المطلوب فإن أفراد عائلته يتعرضون للحبس لإرغام الفار على تسليم نفسه.

حصيلة الاستغلال الاستعماري في مجالات أخرى

كان للاستغلال الاستعماري انعكاسات أخرى، يمكن إجمالها في العناصر التالية:

  • الامتيازات الأوربية: لقد حصل الأوربيون على امتيازات اقتصادية واجتماعية وسياسية، من بينها احتكارهم لمداخيل الفلاحة والصناعة والتجارة الخارجية، علاوة على استهلاكهم لأربعة أخماس الماء والكهرباء، أن كما نصيبهم في الدخل الفردي يفوق نصيب المغاربة.
  • ارتفاع أسعار المواد الغذائية: لقد ازدادت الوضعية الاجتماعية للمغاربة تأزما مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية كالخبز والزيت والسكر خاصة ما بين 1939 و1949م والتي تزامنت مع بعض السنوات الجافة.
  • إجراأت الحماية في المجال الصحي: ركزت سلطات الحماية في المجال الصحي اهتمامها على احتواء وكبح الأمراض والأوبئة، فنهجت المدارس حملة وقائية في صفوف التلاميذ عن طريق التلقيح، لكن تلك الحملة كانت لها محدودية كبيرة لأنها شملت فقط التلاميذ الذين يخترقون الأحياء الأوربية.

كل هذا أدى إلى ازدياد فقر وبؤس المغاربة، وازدياد الهجرة من الريف نحو المدن، وظهور بروليتارية مغربية تعيش في ضواحي المدن في شروط سكنية وغذائية واجتماعية تعيسة.

خاتمة

إن الاستغلال الاستعماري للمغرب قد مس مختلف القطاعات الاقتصادية، وخدم مصالح الرأسمالية الاستعمارية، وأزم وضعية المغاربة، مما ولد لديهم شعورا وطنيا بضرورة مناهضة نظام الحماية.

المغرب تحت نظام الحماية – دروس التاريخ – الدورة الأولى – الثانية باك اداب وعلوم انسانية

عنوان الدرس : المغرب تحت نظام الحماية

المادة : دروس التاريخ – الدورة الأولى – الاجتماعيات

الشعب: اداب وعلوم انسانية

المسالك: اداب وعلوم انسانية

تمهيد إشكالي

واجهت المغرب في العقد الأول من القرن 20م مجموعة من الأزمات ساهمت فيها عوامل داخلية وأخرى خارجية في عهدي السلطانين المولى عبد العزيز والمولى عبد الحفيظ، انتهت بسقوطه تحت الحماية الفرنسية والأسبانية سنة 1912م.

  • فما هو السياق العام الذي فرضت فيه الحماية على المغرب؟
  • وما هي أجهزة ومؤسسات نظام الحماية؟
  • وما هو رد فعل المغاربة تجاه هذا النظام؟

مفهوم نظام الحماية، وظروف فرضها على المغرب

مفهوم نظام الحماية

الحماية نظام استعماري فرض على المغرب خلال الفترة الممتدة ما بين 1912 و 1956م، بعد أن فرضت عليه فرنسا توقيع معاهدة فاس في 30 مارس 1912م، والتي بموجبها قسمت التراب المغربي إلى ثلاث مجالات استعمارية (منطقة النفوذ الفرنسي بالوسط، منطقة طنجة الدولية، منطقة النفوذ الاسباني في الشمال وفي الجنوب).

الظروف التي فرضت فيها الحماية على المغرب

العوامل الخارجية التي ساهمت في فرض نظام الحماية على المغرب

تمثلت هذه العوامل في اشتداد التنافس الاستعماري الأوربي حول المغرب، وقد حسمت فرنسا هذا التنافس عبر اتفاقيات ثنائية انفردت بموجبها بالمغرب، حيث تنازلت في سنة 1902م لايطاليا عن ليبيا مقابل المغرب، ثم تنازلت لبريطانيا عن مصر سنة 1904م، كما حصلت على امتيازات متعددة في المغرب بموجب مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906م، وفي سنة 1911م تنازلت لألمانيا عن الكونغو، وفي 27 نونبر 1912م اتفقت مع اسبانيا حول تحديد مناطق احتلالها.

العوامل الداخلية التي ساهمت في فرض نظام الحماية على المغرب
  • أزمة اقتصادية ومالية داخلية تمثلت في فشل المخزن المغربي في فرض ضريبة الترتيب سنة 1902م، ولجوئه إلى الاقتراض المكثف من الدول الأوربية وخاصة فرنسا.
  • أزمة سياسية خانقة تجلت في اندلاع تمرد الجيلالي بن إدريس الزرهوني (بوحمارة) ما بين 1902 و1909م، وعزل السلطان المولى عبد العزيز وبيعة المولى عبد الحفيظ سنة 1909م، وقد استغلت القوى الاستعمارية هذا الوضع السياسي المضطرب، حيث احتلت فرنسا وجدة والدار البيضاء سنة 1907م، ثم احتلت اسبانيا العرائش والقصر الكبير سنة 1911م.

بنود عقد الحماية التي فرضت على المغرب بفاس يوم 30مارس 1912م

وقع السلطان المولى عبد الحفيظ والسفير الفرنسي رينو عقد الحماية بمدينة فاس يوم 30 مارس 1912م، وقد اتفق الطرفان على ما يلي:

  • تأسيس نظام جديد تنجز بموجبه فرنسا الإصلاحات النافعة للمغاربة.
  • حراسة فرنسا للتراب المغربي برا وبحرا.
  • تعهد فرنسا بحماية أمن وسلامة ومهام السلطان.
  • إشراك السلطان وولاته في الأقاليم في تنفيذ نظام الحماية.
  • تعيين فرنسا مقيما عاما لها في المغرب وتمتيعه بصلاحيات عامة.
  • رعاية فرنسا لشؤون المغرب وجالياته في الخارج.
  • إشراف فرنسا على طلبات المغرب للقروض.
  • قيام فرنسا بالتفاوض مع اسبانيا.
  • الإبقاء على طنجة كمنطقة دولية.

التقسيم الترابي للمغرب بعد سنة 1912م، وأهم أجهزة نظام الحماية

التقسيم الترابي للمغرب في عهد الحماية

قسم المغرب إلى ثلاث مجالات أساسية:

  • المنطقة الدولية بطنجة.
  • منطقة الحماية الاسبانية بالشمال (جبالة، غمارة، الريف)، وبالجنوب المغربي (الساقية الحمراء، ووادي الذهب).
  • منطقة الحماية الفرنسية بوسط البلاد الذي تم تقسيمها إلى جهات مدنية (وجدة، الرباط، الدار البيضاء)، وجهات عسكرية (فاس، مكناس، مراكش، اكادير).

الأجهزة الإدارية لنظام للحماية ووظائفها

الأجهزة الإدارية للحماية الفرنسية

وضعت فرنسا تنظيمات إدارية جديدة مكنتها من السيطرة الفعلية على حكم المغرب تاركة للسلطان الشؤون الدينية، وقد توزعت بين إدارة مركزية وإقليمية ومحلية:

  • على المستوى المركزي: كان المقيم العام الفرنسي يدير الشؤون الهامة في المغرب، ويشرع القوانين، ويصادق عليها، ويعتبر ليوطي هو أول وأهم مقيم عام فرنسي بالمغرب.
  • على المستوى الإقليمي والجهوي: قسمت منطقة النفوذ الفرنسي إلى سبعة أقاليم يرأس كل منها موظف سام فرنسي.
  • على المستوى المحلي: قسم كل إقليم إلى دوائر حضرية وقروية يرأس كل منها موظف مغربي يعرف باسم الباشا أو القائد.
الأجهزة الإدارية للحماية الاسبانية
  • على المستوى المركزي: احتكر المندوب السامي الإسباني السلطة الفعلية تاركا سلطة شكلية لخليفة السلطان.
  • على المستوى المحلي: كان القنصل الإسباني يشرف على المدن التي يحكمها الباشوات، كما كان الضابط العسكري الإسباني يشرف على البوادي التي يرأسها القواد.
الإدارة المغربية
  • على المستوى المركزي: يمثلها خليفة السلطان له صلاحيات شكلية كإصدار الظهائر، ويتولى إدارة العدل والأوقاف.
  • على المستوى المحلي: يمثلها الباشوات بالمدن، والقواد والشيوخ والمقدمون بالبوادي، ينوبون عن الخليفة لكنهم كانوا تحت مراقبة ضباط الجيش الاسباني.
الأجهزة الإدارية في منطقة طنجة الدولية

تمثلت الأجهزة الدولية في:

  • السلطة التشريعية: المشكلة من مجلس تشريعي يتكون من 9 أعضاء مغاربة و18 أجنبيا، ولجنة المراقبة ممثلة في قناصل الدول الموقعة على مؤتمر الجزيرة الخضراء، وتكلفت باتخاذ القرارات الاقتصادية ومراقبة احترام النظام الدولي السلطة التنفيذية: المكونة من حاكم المدينة، ونواب المجلس التشريعي، كان يعين الموظفين الكبار وينفذ قرارات السلطة التشريعية، ويحافظ على الأمن العام.
  • السلطة القضائية: وتشكلت من 7 قضاة الدول الموقعة على مؤتمر الجزيرة الخضراء، وكانت تفصل في النزاعات الجنائية والتجارية بالمدينة، بينما تشكلت الأجهزة المخزنية من مندوبية السلطان، المكونة من مندوب السلطان والقاضي وموظفو الاحباس، وكانت تحرص على شؤون المغاربة وتلزمهم باحترام النظام الدولي.

نماذج المقاومة المسلحة، ودورها في مواجهة نظام الحماية الاستعماري

مظاهر المقاومة المسلحة المغربية للاحتلال الفرنسي

  • معركة فاس: انتفض سكان مدينة فاس ضد التواجد الفرنسي مباشرة بعد توقيع عقد الحماية، وذلك في 20 ابريل 1912م، ثم هبت القبائل المجاورة لتحرير المدينة بقيادة محمد الحجامي، وقد صمد المغاربة طيلة شهري ماي ويونيو 1912م ضد الجيش الفرنسي الذي انتصر بسبب تفوقه العسكري.
  • معركة سيدي بوعثمان: انطلقت المقاومة الجنوبية من الصحراء المغربية بزعامة أحمد الهيبة ابن الشيخ ماء العينين، وأخوه مربيه ربه، وتصدت هذه المقاومة للجيش الفرنسي في شمال مراكش، وبسبب اختلاف موازين القوة انهزم المغاربة في معركة سيدي بوعثمان يوم 06 شتنبر 1912م، وبعدها عاد المجاهدون لمواصلة المقاومة بالجنوب المغربي إلى غاية وفاة مربيه ربه سنة 1934م.
  • معركة الهري: قادها موحا اوحمو الزياني نسبة إلى قبائل زيان بخنيفرة بالأطلس المتوسط، واستطاعوا بفضل شجاعتهم وخططهم الحربية الانتصار الساحق على الفرنسيين، حيث قتل وأسر كبار قادة الجيش الفرنسي في معركة الهري يوم 13 نونبر 1913م.
  • معركة مسكي الرجل: تزعم المجاهد الشريف المحمدي العلوي قبائل تافيلالت بالجنوب الشرقي للمغرب لمقاومة الاحتلال الفرنسي، وقد صمد المقاومون في جبهات المعركة حيث اضطروا إلى ربط أرجلهم ببعضهم بالحبال للثبات في مواقعهم، وأداروا معركة طاحنة ضد الجيش الفرنسي بمنطقة مسكي قرب الريصاني سنة 1919م انتهت باستشهادهم.
  • معركة القوس: ترأس المجاهد با علي المقاومة المسلحة بالجنوب الغربي لمنطقة تافيلالت ضد القوات الفرنسية وعملائها من المغاربة (جيش الكلاوي)، انتهت بانهزام المقاومة في معركة القوس التي امتدت من يوم 31 يوليوز إلى 3 غشت 1920م.
  • معركة بوكافر: قادها المجاهد عسو اوبسلام قبائل ايت عطا بالأطلس الكبير، ورغم استعمال الجيش الفرنسي للطائرات والمدافع والقنابل، فان المقاومين صمدوا في معركة القوس من 12 فبراير إلى 24 مارس 1933م، ولم يستسلموا إلا بعد أن استنفدوا أسلحتهم مقابل شروط قدمها عسو اوبسلام للفرنسيين.

مظاهر المقاومة المسلحة المغربية للاحتلال الاسباني

تزعم محمد بن عبد الكريم الخطابي المقاومة المسلحة الريفية التي حققت نصرا كبيرا في معركة أنوال يوم 21 يوليوز 1921م ضد الاحتلال الاسباني بالشمال المغربي، وبعد هذه المعركة تحالفت اسبانيا مع فرنسا، وشنتا حربا عسكرية استعملت فيها الغازات الكيماوية، فاستسلم محمد بن عبد الكريم الخطابي يوم 27 ماي 1926، كما قاد احمد أخريرو مقاومة قبائل جبالة بالشمال الغربي من المغرب ضد الاحتلال الاسباني إلى أن استشهد يوم 3 نونبر 1926م.

مظاهر صمود المقاومة المسلحة واستماتتها في مواجهة الاحتلالين الفرنسي – الاسباني

تطلب احتلال المغرب عسكريا من طرف سلطات الحماية 22 سنة من العمل العسكري (1912 إلى 1934م)، وذلك بفضل قوة المقاومة المسلحة المغربية وحسن تنظيمها رغم استعمالها لوسائل وأسلحة تقليدية بسيطة، وأسلحة الغنائم العسكرية من المعارك كما هو الشأن في معركة الهري وأنوال، مقارنة مع التفوق العسكري للمحتل المكون من جيش نظامي مجهز بأسلحة متطورة نارية ودبابات وطائرات، إضافة إلى ارتفاع الروح القتالية للقبائل وإلتفافها حول زعماء المقاومة، وهو ما حاولت فرنسا ضربه بخلق التفرقة، حيث لجأت إلى سياسة فرق تسد بين مكونات المجتمع المغربي من امازيغ وعرب بإصدارها للظهير البربري سنة 1930م، إلا أن المغاربة أفشلوه وزاد من شعورهم الوطني المغربي، وبعد نهاية المقاومة المسلحة بسبب التفوق العسكري الفرنسي والإسباني، انطلقت مقاومة جديدة بالمدن عقب إصدار سلطات الحماية للظهير البربري، وتبنت الأسلوب السياسي والدبلوماسي لمواجهة المستعمر، وعرفت بالحركة الوطنية بعد تأسيس “كتلة العمل الوطني” كأول حزب سياسي في ظل الحماية الفرنسية.

خاتمة

تعرض المغرب للاستعمار بعد توقيع معاهدة الحماية، وشهدت البلاد مقاومة مسلحة استمرت إلى غاية 1934م، ووضع الاستعمار أجهزة إدارية لتسهيل عملية الاستغلال بالمغرب.

Ads
Ads Ads Ads Ads
Ads