عنوان الدرس : التوحيد والحرية
المادة : مدخل التزكية (العقيدة) – التربية الإسلامية
الشعب: جميع الشعب (علوم تجريبة وعلوم رياضية وعلوم اقتصادية وعلوم والتكنولوجيات الكهربائية…الخ)
المسالك: جميع المسالك (علوم فيزيائية وعلوم حياة والارض واداب وعلوم انسانية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية ..الخ)
الدرس : التوحيد والحرية
سبق في قول الله عز وجل من سورة يس حديثه عن حال الكفار في نار جهنم ” إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون” وفي ذلك دلالة على أن الجزاء من جنس العمل، فظنهم الخاطئ أن بإمكانهم التحرر من عبودية الله عز وجل ومن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم كان سببا في هذه الصورة من العذاب المشينة من العذاب.
وضعية مشكلة
دخلت فاطمة من عملها فوجدت أمها تحزم أمتعتها وهي عازمة على السفر بأختها المريضة إلى ضريح مولاي إبراهيم طلبا لشفاء مرضها الذي عجز الأطباء عن علاجه. قالت فاطمة: إلى أين يا أمي ؟ قالت الأم : إلى موسم مولاي إبراهيم عسى أن تشفى أختك المسكينة فقد أخبرتني إحدى جاراتي أن ابنها قد شفي تماما ببركة هذا الولي الصالح. أجابت فاطمة غاضبة : ما هذا يا أمي ألم تعلمي أن طلب الشفاء من غير الله نوع من الشرك الذي حرمه الله تعالى؟ وهو القائل ” وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير” وهو القائل أيضا على لسان إبراهيم عليه السلام ” وإذا مرضت فهو يشفين.
مفهوم التوحيد والحرية والعلاقة بينهما
قال ربعي بن عامر مخاطبا رستم قائد جيش الفرس:
نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنياوالآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام (۞ َ ولََقد َكَّرْمنَا بَنِي ءَادَمَ وَحََْلملنَاهْم في الَْبر والْبَحر َ وَرَزقْنَاهم من الطَّيبَات َ وفَضْلنَاُهْم على كثيير ممّن خلَْقنَا تَْفضيلا) (70 سورة الإسراء)
مفهوم التوحيد والحرية
التوحيد لغة : هو مصدر وحَّد يوحد توحيدًا؛ أي: جعل الشيء واحدًا، ومنه قولهم: وحَّد البلدة؛ أي: جعلها واحدة تحت حاكم واحد. واصطلاحًا :هو إفراد الله تعالى في ألوهيته، وربوبيته، وأسمائه وصفاته
الحُرِّيَة لغة :الخلُوص من الشَّوائب أَو الرقّ أَو اللُّؤْم مصدر حرَّ. واصطلاحا :حالة يكون عليها الكائن الحيّ الذي لا يخضع لقهر أو قيد أو غلبة ويتصرّف طبقًا لإرادته وطبيعته خلاف عبوديّة
علاقة التوحيد بالحرية
الدعوة إلى التوحيد تمثل بحق ثورة مدوية على أنواع الاستبداد المسيطرة على عقول الناس ، وتحررا شاملا للروح الإنسانية من براثن الاستعباد ، وانقلابا كاملا على أصناف الرق والعبودية التي انغمست فيها الإنسانية ، إن الدينونة لله بالتوحيد ” تحرر البشر من الدينونة لغيره ، وتخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، وبذلك تحقق للإنسان كرامته وحريته الحقيقية ، هذه الحرية وتلك اللتان يستحيل ضمانهما في ظل أي نظام آخر غير النظام الإسلامي يدين فيه الناس بعضهم لبعض بالعبودية ، في صورة من صورها الكثيرة. إن دعوة التوحيد في المفهوم الإسلامي تعني الدعوة إلى محاربة كل صنوف الاستعباد التي يمكن أن تنزل بالإنسان ، فهي تعني الثورة على خضوع الإنسان للإنسان وتعني الثورة على خضوع الإنسان للخرافات والأساطير وتعني الثورة على خضوع الإنسان لملذات الدنيا وشهواتها.
مظاهر الحرية في ظلال التوحيد
تحرير العقل البشري من الشرك والأوهام
يحرر التوحيد العقل البشري من الشرك ومن الخضوع لغير الله تعالى فالبشرية في كثير من مراحلها قد أغرقت في الخرافات والخضوع للأساطير وأصبحت أسيرة للأوهام ولما تمليه عليها عقول الكهنة والسحرة وباتت مسلوبة الإرادة والعقل أمام تسلطهم حتى أوهم هؤلاء الإنسان أنه لا يمكن الوصول إلى ربه إلا عبر طريقهم والخضوع لأشخاصهم. فجاء التوحيد وإخلاص العبودية لله لتحرير عقول الناس من هذه الأوهام وتخليصهم من الاستعباد بكل أنواعه.
كما دعا الإسلام إلى تحرير العقل البشري في أدائه للعبادات و في معاملاته بأنواعها وفي المعارف
تحرير الإنسان من الخضوع لغير الله
الإنسان في ظل عقيدة التوحيد يحرر نفسه من الخضوع لغير الله كيفما كان نوعه، فهو لا يعبد إلا الله ولا يخضع إلا لله ولا يتوجه بالخوف والرجاء والاستعانة والاستغاثة وطلب الرزق والصحة وغيرها إلا من الله عز وجل . فالأنسان الموحد متحرر من فالأنسان الموحد متحرر من كل صنوف التبعية والخضوع لغير الله سواء كان هذا المخضوع له صالحا أو فاسدا أو كاهنا أو ساحرا حيا أو ميتا.
حرير الإنسان من الخضوع للشهوات والملذات
عندما أراد الغرب أن يجسد الحرية الشخصية أطلق العنان للشهوات والغرائز لأبعد حدود؛ حتى تحولت إلى قيد جديد يأسر الفكر والسلوك والأخلاق، أما الإنسان في ظل عقيدة التوحيد فإنه يتحرر من قيود النفس والشهوات التي تقود الإنسان إلى الهلاك والضياع كما تسبب في تشتت الأسر وانحلال المجتمعات، فالخضوع للشهوات والانقياد لها ليس حرية بقدر ما هو عبودية في أبشع صورها والتي تنافي ومقصد الله من خلق الإنسان.