المستوى: السنة الثانية إعدادي
المادة :التربية الإسلامية
كتاب: فضاء التربية الإسلامية المدخل: مدخل الحكمةعنوان الدرس : حديث (من يأخذ عني هؤلاء الكلمات …)
تقديم
لازم أبو هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم ملازمة تامة، وصاحَبَهُ في حِله وترحاله، ولذا نقل كثيرا من الأحاديث النبوية الجليلة الهامة، التي تحتوي على توجيهات ووصايا عظيمة. و الحديث الذي نحن بصدد بيانها اشتمل على خمس وصايا جامعة نافعة، سنقف مع كل وصية منها وقفة خاصة.
الحديث النبوي
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهنّ أو يعلمهنّ من يعمل بهنّ؟)، قال أبو هريرة: فقلت أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فعدّ خمسًا، قال: (اتّق المحارم تكُن أعبدَ النّاس، وارضَ بما قسَم الله لك تكُن أغنى النّاس، وأَحسن إلى جارك تكُن مؤمنًا، وأحِبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك تكن مُسلمًا، ولا تُكثر الضّحك فإنّ كثرةَ الضّحك تُمِيتُ القلب) رواه أحمد، والتّرمذي، وحسّنه الألباني |
القاموس اللغوي
- اتقَ: تجنب
- يأخذ عني: يتلقى مني
- هؤلاء الكلمات: وصايا النبي صلى الله عليه وسلم الواردة في الحديث
- ارضَ بما قسَم الله: لقنع بعطاء الله تعالى
- تُميتُ القلب: تفقده القدرة على التمييز بين الخير والشر والحلال والحرام.
شرح الحديث النبوي الشريف
الوصية الأولى: اتقاء المحارم
(اتق المحارم تكن أعبد الناس): المحارم تشمل جميع المحرمات من فعل المنهيات وترك المأمورات التي جاء ذكرها في كتاب الله تعالى وفي سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، كالشرك وقتل النفس والسرقة والزنا والنميمة والكذب والخيانة وقول الزور وأكل الربا وعقوق الوالدين وقطع الرحم وشرب الخمر والسحر وغيرها، ولعل التعبير بالاتقاء اعتناء لجانب الاحتماء على قاعدة الحكماء في معالجة الداء بالدواء. فإذا اجتنب المرء جميع ما نهى الله عنه ارتقى إلى أعلى مراتب العبودية، لكونه جاهد نفسه على ترك الحرام
الوصية الثانية: الرضا بما قسم الله
(وارضَ بما قَسَم الله لك تكن أغنى النّاس): فالسّعيد الحقّ هو من رضي بما قسم الله له، وصبر لقضاء الله خيره وشره. والرّضا هو الذي يحمي المسلم من تقلّبات الزمن، وهو الغنى الحقيقي؛ لأن كثيرًا من النّاس لديهم حظّ من الدّنيا، لكنّهم فقراء النّفس ومساكين القلب فقد أعمى الطّمع قلوبهم عن مصدر السّعادة والغنى الحقيقيّ ، والغنى الحقيقيّ الذي هو غنى القلب والرّضا وسكينة النّفس والحاصل أن من قنع بما قُسِمَ له، ولم يطمع فيما في أيدي النّاس، اسْتغنى عنهم، فالقناعة غِنى وعزٌّ بالله، ومن لم يقنع لم يشبع أبدًا، ففي القناعة العزّ والغنى والحرّية، وفي فقدها الذّل والتعاسة
الوصية الثالثة: الإحسان إلى الجار
(وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا): جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان إلى الجار من علامات الإيمان، ويكون الإحسان إلى الجار بأمور كثيرة، منها: رد السلام عليه، وإجابة دعوته، وكف الأذى عنه، وتحمل أذاه، وتفقده وقضاء حوائجه، وستره وصيانة عرضه، والنصح له. والجيران ثلاثة: جار قريب مسلم، فله حق الجوار والقرابة والإسلام، وجار مسلم غريب له حق الجوار والإسلام، وجار كافر له حق الجوار، وإن كان قريبا فله حق القرابة أيضا، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِى بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» متّفقٌ عليه.
الوصية الرابعة: أحب للناس ما تحب لنفسك
(وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما): من كمال الإسلام وسموّه أن تُحبّ للنّاس حصولَ ما تُحبّه لنفسِك، وحُبّ الخير للنّاس خلقٌ إسلاميّ أصيلٌ ينبغي أن يتحلّى به كلّ مُسلمٍ، ولم ينصّ على أن يُبغض لأخيه ما يُبغض لنفسه؛ لأنّ حبّ الشيء مستلزِمٌ لبُغض نقِيضه.
الوصية الخامسة: لا تكثر الضحك
(ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تُميت القلب): فالضّحك من خصائص الإنسان؛ و الضّحك يأتي بعد نوع من الفهم والمعرفة لقول يسمعه، أو موقفٍ يراه فيضحك منه. لكن كثرة الضّحك تورثُ ظلمةً في القلب وموتًا له. والإسلام لا يُتصوّر منه أن يُصادِر ميل الإنسان الفطريّ إلى الضّحك والانبساط، بل هو على العكس يرحّب بكل ما يجعل الحياة باسمةً طيّبةً، ولذا فإن المنهي عنه في هذا الحديث ليس مجرد الضّحك، بل كثرته، فليس الضّحك منهيٌّ عنه لذاته، ولكن لما يُمكن أن يؤدّي إليه من نتائج وأخلاق لا يرضاها الإسلام، وكلُّ شيءٍ خرج عن حدّه انقلب إلى ضده.
فوائد الحديث والقيم المستفادة
- فضل المبادرة الخير والمسابقة إلى الطاعات كما فعل أبو هريرة رضي الله عنه
- اتقاء المحارم يكون باجتنابها والابتعاد عن الوقوع فيها
- إذا اجتنب المرء ما نهى الله عنه ارتقى إلى أعلى مراتب العبودية
- السعيد الحق هو من رضي بما قسم الله له، وصبر لقضاء الله خيره وشره
- جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان إلى الجار من علامات الإيمان
- من الإحسان إلى الجار وكف الأذى عنه عدم إذايته وإحسان معاملته
- من كمال الإسلام أن تحب للناس حصول ما تحبه لنفسك وما باب أولى أن تكره لهم ما تكرهه لنفسك
- الضحك ليس منهيا عنه لذاته، ولكن لما يمكن أن يؤدي إليه من نتائج وأخلاق لا يرضاها الله ورسوله
- هذه الوصايا النبوية ليست مقتصرة على أبي هريرة وحده بل هي موجهة لجميع المسلمين.
أثر العمل بهذه الوصايا على الفرد والمجتمع
- محبة الله ورسوله
- تحقيق العبودية لله عزل وجل
- البعد عن سخط الله عز وجل
- نيل محبة الناس وودهم
- نيل الرفعة والمنزلة بين الناس
- دخول الجنة
- رقي المجتمع والتعاون بين أفراده