عنوان الدرس : الحركات الاستقلالية بالمشرق العربي
المادة : دروس التاريخ – الدورة الثانية – الاجتماعيات
الشعب: اداب وعلوم انسانية
المسالك: اداب وعلوم انسانية
تمهيد إشكالي
عرف المشرق العربي تحت الحكم العثماني توغل الدول الاستعمارية قبل الحرب العالمية الأولى، وبعدها أصبح منقسما إلى عدة دويلات تسيطر عليها كل من فرنسا وبريطانيا، وخاضت شعوبها صراعات متواصلة ضد الاستعمار، مكنتها من نيل استقلالها.
- فما هي الوضعية السياسية العامة للمشرق العربي خلال القرن 20م؟
- وما هي التحولات السياسية والاقتصادية بالجزيرة العربية؟
تشخيص الوضعية السياسية العامة للمشرق العربي خلال القرن 20م
التحولات السياسية التي عرفها المشرق العربي فيما بين الحربين
برز الوعي بضرورة التحرر من الاستبداد التركي وتطورت فكرة القومية العربية نتيجة للتحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي عرفها المشرق العربي في أواخر القرن19م وبداية القرن20م، ولما اندلعت الحرب العالمية الأولى، سارعت فرنسا وبريطانيا لفرض سيطرتهما على المشرق العربي، خاصة عندما برز التحالف العثماني الألماني، وأعلنت بريطانيا حمايتها على مصر والكويت سنة 1914م، وحرضت العرب على القيام بالثورة ضد الأتراك، وتمكنت من استمالة شريف مكة “الحسين بن علي” أمير الحجاز، بعد مراسلات متعددة بينه وبين المندوب السامي البريطاني في مصر “السير هنري مكماهون” ووعده بالاعتراف به كخليفة لدولة عربية مستقلة عن العثمانيين، فقام “الحسين بن علي” بالثورة سنة 1916م، واستقل عن الباب العالي، وقاد ابناه فيصل وعبد الله الجيش العربي بالشام بمساعدة الضابط الإنجليزي “لورانس” قصد مواجهة العثمانيين، وأصبح هذا الجيش تحت قيادة الجنرال إدموند ألنبي، مام ساعد على انهزام العثمانيين في الحرب وتوقيع “هدنة مودروس” في 30 أكتوبر 1918م، كما أعطت بريطانيا وعدا لليهود بإقامة دولتهم بفلسطين (وعد بلفور) سنة 1917م، ومنحت وعدا ل”عبد العزيز آل سعود” حاكم إقليم نجد بالاعتراف به حاكما مستقلا إذا ساعدها في الحرب ضد العثمانيين.
وبنهاية الحرب العالمية الأولى وانهزام العثمانيين تحولت وعود الاستقلال إلى استعمار إنجليزي لفلسطين والعراق، بالإضافة إلى عدن والإمارات والمشيخات الخليجية ومصر، واستعمار فرنسي لسوريا ولبنان، بعد اتفاق الدولتين (فرنسا وبريطانيا) في مؤتمر “سان ريمو” سنة 1920م، والذي توجته عصبة الأمم في 1922م تحت فكرة الانتداب.
التطور العام للمشرق العربي بعد الحرب العالمية الثانية والاتجاه نحو الاستقلال
قامت في سوريا ولبنان حركات وطنية ضد الانتداب الفرنسي، أهمها الثورة السورية الكبرى بقيادة “سلطان الأطرش”، ونتيجة لاستمرار المقاومة اضطرت فرنسا إلى منح الاستقلال لسوريا ولبنان بشكل تام سنة 1946م، بعد اعترافها به بموجب معاهدة 1936م مع احتفاظها بالقواعد العسكرية في البلدين والإشراف على شؤونهما الخارجية، وفي الأردن عينت بريطانيا الأمير “عبد آلله بن الحسين” على إمارة شرق الأردن طيلة ما بين الحربين، تحت الانتداب البريطاني، لكن الحركة الوطنية الأردنية طالبت بالاستقلال، مما دفع بريطانيا إلى توقيع معاهدة التحالف الأردنية الإنجليزية سنة 1946م، والتي اعترفت باستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، وفي العراق عينت بريطانيا “فيصل بن الحسين” الذي تعهد بضمان مصالحها بالمنطقة، مما أدى إلى قيام حركة معارضة دفعت بريطانيا إلى الاعتراف باستقلال العراق في 1930م مقابل الإبقاء على المصالح الاقتصادية والعسكرية الإنجليزية، ولم تتحرر البلاد بشكل إلا تام بعد قيام ثورة “الضباط الوطنيين” سنة 1958م وإعلان الجمهورية العراقية، وطالب المصريون بعد الحرب العالمية الثانية بجلاء القوات الإنجليزية وتوحيد بلاد النيل (مصر والسودان)، لكن حزب الأمة السوداني طالب باستقلال بلاده، وبقيت منطقة وادي النيل على هذه الوضعية حتى اندلاع ثورة “الضباط الأحرار” سنة 1952م بقيادة “جمال عبد الناصر” وإعلان الجمهورية المصرية، وانسحب الإنجليز سنة 1954م، وأعلنت السودان استقلالها سنة 1955م.
التحولات السياسية والاقتصادية بالجزيرة العربية
التحولات السياسية
كانت معظم سواحل الجزيرة العربية بالجنوب والشرق تحت الحماية الإنجليزية، وبقيت المناطق الداخلية مقسمة إلى إمارات، وتمكن “عبد العزيز آل سعود” من الانتصار على “آل الرشيد” الموالين للأتراك، وسيطر “آل سعود” على الحجاز بعد طرد “الشريف حسين الهاشمي”، وأعلنوا قيام المملكة العربية السعودية سنة 1933م، وتمكنوا من إخضاع القبائل للسلطة المركزية، متبعين مبادئ الوهابية ومستفيدين من توفر البترول، وظل شمال اليمن مستقلا عن العثمانيين، واعترفت به الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى بموجب “اتفاقية لوزان” التي عقدت مع تركيا في 1923م، لكن الإنجليز تدخلوا في حدوده، لعدم اعترافه بنفوذهم على محمية جنوب اليمن، والتي ظهرت بها حركة وطنية أرغمت بريطانيا على الاعتراف باستقلالها تحت اسم “الجمهورية اليمنية الشعبية” سنة 1967م، والتي توحدت مع اليمن الشمالي في 22 ماي سنة 1990م، وعملت بريطانيا على تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي بالإمارات والمشيخات الخليجية خاصة بعد اكتشاف البترول بها، لكن تصاعد الحركات التحررية دفع بريطانيا إلى الاعتراف باستقلالها قصد الحفاظ على مصالحها، حيث اعترفت باستقلال الكويت سنة 1961م، والإمارات العربية والبحرين وسلطنة عمان سنة 1971م.
التحولات الاقتصادية
أهم التحولات الاقتصادية التي عرفتها بلدان الجزيرة العربية والعراق اكتشاف البترول، وتهافت الشركات الأجنبية وخاصة الأمريكية التي اقتسمت مع الشركات الفرنسية والإنجليزية أسهم شركة نفط العراق سنة 1928م (الشركة التركية للبترول سابقا)، مؤسسة بلندن في 1911م، ومنحت الدول العربية النفطية امتيازات هامة للشركات البترولية الأجنبية، وعملت الولايات المتحدة على تركيز شركاتها بالمنطقة خاصة في فترة ما بين الحربين والحرب الباردة، لكن اعتماد دول المشرق العربي على مداخيل البترول لتنمية مشاريعها دفعها إلى تأميم شركات النفط الأجنبية والتخفيف من الاحتكارات الأمريكية لاسترجاع سيادتها على ثرواتها الوطنية، فأنشأت “منظمة الدول المصدرة للبترول”، الشيء الذي مكن العرب من استعمال سلاح حظر تصدير النفط سنة 1973م عقب حرب أكتوبر.
خاتمة
تمكنت بلدان المشرق العربي من الحصول على الاستقلال بعد كفاح مرير مع سلطات الانتداب، لكن الوجود الإسرائيلي بفلسطين يفرض على الدول العربية تسخير طاقتهما البشرية والمادية لمواجهة العدوان.