عنوان الدرس : الإيقاع الشعري
المادة : الدرس اللغوي – اللغة العربية
الشعب: علوم التجربية وعلوم رياضية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية والكهربائية وعلوم الاقتصاد والتدبير
المسالك: علوم فيزيائية وعلوم الحياة والارض وعلوم زراعية وبقية المسالك العلمية والتقنية
تمثيل الظاهرة
1) قال شوقي: دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني
2) قال بلند الحيدري في قصيدة النرفانا:
يا أرض الموتى
موتي
غوري في الموت لحد النتن
لحد الجزع
وابتلعي
أمواتك… ميتاً… ميتاً
واقتلعي الصمت
اقتلعي الموت من الرمه
صيري العتمه
في الحزن محاجرنا البيضاء
يا أرض موتي
أيتها الهجرة في تيه ليالينا السوداء
صيري
غوري
ابتلعي
اقتلعي
لا تدعي للشره الموقور سوى البغضاء
وغير الصبار
وغير الصحراء
وغير النار المتدلية الأثداء
أيتها الهجرة
يا مزق الأشرعة القذره
يا قلقي المتيبس في شفتي المره
غوري
اقتلعي
لا تبقي ولا تذري
للدود المستيقظ في الظن
الحالم بالنتن
إلا الموت
يا أرض الموتى
موتي
لنصير بموتك كل الموت
موت الموت
تحليل ومفاهيم
مفهوم البنية الإيقاعية يكتسب معنى شمولياً ينطوي على مستويات إيقاعية خفية يمكن الكشف عنها، «منها ماله طابع صوتي يتصل ببنية الإيقاع الخارجي صاعداً أو هابطاً منها، شاداً الصلة الجدلية بين البنيتين… مثل إيقاع الحرف ومجموعاتها الصوتية فيما يسمى بالرجوع الصوتي أو الترجيع وإيقاع حركات المد الداخلية المتصلة بنظام التقفية في النص. ومنها ماله غير الطابع الصوتي، والمتصل ببنية اللغة في مستوييها الداخلي(اللغة الشعرية، الصورة، الرموز… الخ)، والخارجي كالتراكيب اللغوية ومتتاليات الجمل والصيغ بمجموعاتها المختلفة…
وهذا الائتلاف بين كل هذه العناصر يجعل الإيقاع الداخلي ذا أهمية كبيرة، تكمن في كونه جزأً متميزاً في العنصر الموسيقي في القصيدة الحديثة. جزأً يتولد في حركة موظفة دلالياً. إن الإيقاع هنا هو حركة تنمو وتولد الدلالة.
وفي استقراء فني لمنتج الشعر العربي الحديث، في مدى قدرته على وعي الكيفية التي يمكنها استثمار مكونات هذه البنية الإيقاعية الجديدة، بما يساعدها على تقديم قصيدة عالية المستوى، يمكن الاعتقاد بأن الشاعر الحديث قد نجح إلى حد كبير في فهم اللغة والموسيقى ومدى ارتباطهما معاً، فاستغل الرؤى والظلال والإيحاأت والنبرة والصوت والهمس، فجاء البناء الموسيقي في القصيدة مركباً من نغمات تعلو وتخفت وتصطدم وتفترق وترق وتقسو وتهدأ وتنفعل، مولدة من هذه الحركة الدائمة موسيقى داخلية قد لا نجدها في كثير من شعرنا القديم. كما نجح في إدراك الكيفية التي يقوم عليها الجرس الخاص لكل حرف من الحروف المستعملة في البيت، ثم كيفية توالي هذه الحروف في كل كلمة من الكلمات المستعملة ثم الجرس المؤتلف الذي تصدره الكلمات في اجتماعها في البيت كله مما يوفر في كل هذا وذاك قدراً كبيراً من التنظيم الدلالي والشكلي.
إن الوصول إلى أعلى مستوى ممكن من استثمار القيم الإيقاعية والدلالية التي تنطوي عليها بنية الإيقاع الداخلي في القصيدة يستلزم دراية بأسرار اللغة الصوتية وقيمها الجمالية، ووقوفاً تاماً على التناسب بين الدلالات الصوتية والانفعالات التي تتراسل معها، وما يتبع ذلك من تلميح وتركيز وسرعة وبطء وتكرار وتوكيد وتنويع في النغم، لا يمكن أن يوفق فيها إلا ذو رهف في الحس وثقافة فنية ولغوية واسعة كما يستلزم أيضاً استجلاء إيحاأت الأصوات في الكلمة ووعي بوظيفة الكلمة داخل التركيب، وبوظيفة التركيب في صياغة التشكيل الفني بالصورة أو الرمز أو الأسطورة، وما عسى أن يقتضيه ذلك من تركيز أو حذف أو تكرار أو اقتباس، وجميعها وسائل تهب العمل الشعري إيقاعه البنائي الخاص.
ومن المظاهر الأخرى لبنية الإيقاع الداخلي في القصيدة الحديثة ذلك الاهتمام الذي يوليه بعض النقاد والبلاغيين للمحسنات اللفظية من جناس وطباق يؤدي التوافق والتقاطع والانسجام والتنافر فيهما إلى توليد تشكيلات إيقاعية غير منظورة.
وبالإمكان أيضاً توليد إيقاعات داخلية معينة عن طريق بعض أنماط التقنية الفنية التي تنهض عليها القصائد لاسيما ما يدعى بالتضمين النثري، أي الانتقال من الشعر إلى النثر داخل بنية القصيدة، إذ تقوم هذه الحركة بنقل ماينتج عن الموسيقى من إحساس انفعالي إلى حالة الهدوء النسبي، تتحقق باستيعاب القصيدة لمقطع نثري أو أسطر نثرية إذ أن للغة الشعرية والموسيقى وظائفها الانفعالية، ومن أجل أن ينوع الشاعر الحديث من إيقاعاته الداخلية فإنه يلجأ أحياناً إلى تكوين تجمعات صوتية متماثلة أو متجانسة، وهذه التجمعات إنما هي تكرار لبعض الأحرف التي تتوزع في كلمات البيت، أو مجيء حروف تجانس أحرفاً في الكلمات تجري وفق نسق خاص .
إن لجوء الشاعر إلى هذه الأساليب والأنماط ومحاولته الدائبة للاستفادة من كل هذه الممكنات المتاحة، التي يمكن لها أن تخلق أجواء إيقاعية جديدة تتولد من النسيج الداخلي للقصيدة الحديثة ليس إلا تعويضاً في لا وعي الشاعر عن الموسيقى الخارجية التي تشكلها وتسهم في إغنائها تلك القافية المفتقدة التي ضيعها النسيج الجديد للقصيدة الجديدة، وتحولت المهمة الإيقاعية بذلك من مهمة إطارية إلى وظيفة تكوينية.
وعلى الرغم من أن بنية الإيقاع الداخلي في القصيدة الحديثة كانت مادة حية للكثير من الدراسات النقدية وطال فيها النظر النقدي كما اختلفت فيها وجهات النظر النقدية، إلا أن محاولة ضبط نظمها وتحديد قواعدها العامة ما زالت بعيدة بعض الشيء عن تحقق إنجازات واضحة ومتميزة، وذلك لأن الإيقاع الداخلي خلو من المعيارية لكونه يعتمد على قوانين النفس الفردية، لا الجماعية، بمعنى أنه شخصي ومتغير. وطالما أن القصيدة الحديثة هي للقراءة التأملية الصامتة وليس للإنشاد، فإن هذه القراءة الصامتة تضعف التركيب الوزني ويظل فيها نوع من الرنين الغامض وعندئذ نتوجه بأنظارنا إلى ما فيها من مجاز ورموز وأسطورة، أي إلى التصوير المنظور لا إلى التصوير المسموع. ويحاول الشاعر الحديث في سبيل تشكيل إيقاعه الداخلي الإفادة من أصغر الجزئيات وأدقها من أجل توظيفها واستثمار مكوناتها.
ففي قصيدة «النرفانا»، ذات المقاطع الأربعة للشاعر بلند الحيدري يتنامى إيقاع داخلي خاص عبر مجموعة من الظواهر التي تفرزها القصيدة بعالمها وأجوائها وفضائها الدلالي: إن أصوات المد بأشكالها المختلفة تكاد تسيطر سيطرة شبه كاملة على الواقع اللغوي للقصيدة، فأصوات المد الطويلة المرفوعة «يا ـ أموا ـ يا ـ أيتها ـ ليا ـ لينا ـ السوداء ـ البغضاء ـ الصبا ـ الصحرا ـ النا ـ الأثدا ـ يتها ـ الحا ـ يا». وأصوات المد الطويلة المضمومة: «المو ـ مو ـ غو ـ المو ـ غو ـ المو ـ تو ـ غو ـ دو ـ المو ـ المو ـ مو ـ مو ـ المو ـ مو ـ المو» إذ تتكثف في المقطع الأخير لتكون صوته المميز. وأصوات المد الطويلة المكسورة في «تي ـ ري ـ ت ـ ن ـ ع ـ عي ـ عي ـ ري ـ ري ـ عي ـ عي ـ عي ـ قي ـ تي ـ رى ـ عي ـ قي ـ عي ـ ن ـ ن ـ تي ـ ت». تعمل كلها على تشكيل خطوط صوتية متجانسة تؤلف المحور الأساس والعام للإيقاع الداخلي. كما أن التكرار وترجيعاته الصوتية يسهم إسهاماً كبيراً وفاعلاً في هذا الشأن، فتكرار النداء «يا أرض الموتى ـ يا أرض الموتى ـ أيتها الهجرة ـ يتها الهجرة ـ يا مزق ـ يا قلقي ـ يا أرض الموتى». وتكرار الأفعال المتجانسة في أدائها الفعلي عبر مقاطع القصيدة الأربعة: «موتي ـ غوري ـ ابتلعي ـ اقتلعي ـ اقتلعي ـ صيري ـ» في المقطع الأول و»صيري ـ غوري ـ ابتلعي ـ اقتلعي/ـ لا تدعي» في المقطع الثاني و»غوري ـ اقتلعي/ لا يبقي ـ لا تدعي» في المقطع الثالث، و»موتي» في المقطع الرابع. وتكرار مفردة «الموت». بشكلها المعروف بأل التعريف مرتين في المقطع الأول ومرة في الثالث ومرتين في الرابع، كما تتكرر المفردة نفسها بأشكال أخرى مختلفة في المقطع الأول «الموتى ـ موتي ـ أمواتك ـ ميتاً ـ ميتاً»، وفي الثاني «الموتى» وفي الرابع «الموت ـ موتي ـ موتك ـ موت». وتكرار أداة الاستثناء في المقطع الثاني «سوى ـ غير ـ غير ـ غير»، تعمل كلها مجتمعة على إطلاق ترجيعات وارتدادات صوتية مختلفة ومتنوعة في أرجاء النص إن الفضاء الدلالي الذي تقدمه البنية العامة للنص، سواء على صعيد العنوان «النرفانا» أم الشبكة المؤلفة للنص أو الظلال والإيحاأت التي تكمن داخل نسيج هذه الشبكة اللغوية، يؤسس رمزاً أساسياً تتحرك حوله حيوات النص وينبع أساساً من فكرة «الفناء». هذه الفكرة تلقي بظلالها على مقاطع القصيدة لتخلق جواً عاماً من الانسحاب والانطفاء والسلب، مما يزيد من وقع المفردات الشعرية التي تنحو هذا المنحى ويعمق حضورها في النص من أجل توليد مزيد من الانسجام في نسق الأصوات المتآلفة من ميدان الفكرة ـ الرمز.
وتوافرت القصيدة على صيغة بلاغية «طباقية» عملت من جانبها على تشكيل إضاءة إيقاعية داخلية معينة داخل سياق هذا التشكيل الإيقاعي، إذ إن «العتمة/ البيضاء»، في نهاية المقطع الأول تشكل طباقاً قائماً على الصراع الخفي التقليدي بينهما، إذ يستدعي سواد العتمة لاحتلال جزء من البياض وإعطائه شكلاً جديداً ودلالة جديدة وإيقاعاً جديداً ينشأ من خلال هذه العلاقة الخفية بين المتضادين.
لابد من التفريق بين (الوزن ) و( الإيقاع ) فالوزن هو : ( كم التفاعيل مجتمعة ) بغض النظر عن قياس كم كل مقطع كتفعيلات الكامل في بيت شوقي { متْفاعلن متْفاعلن متَفاعلن متْفاعلن متَفاعلن متَفاعلْ } ،أما الإيقاع فهو : ( تردد ظاهرة صوتية على مسافات زمنية محددة النسب ).
البحث الوصفي من شأنه أن يبين ما يتألف منه الإيقاع، وليس من شأنه أن يفسر الإيقاع ، فهو إذن كالعروض التقليدي سواء بسواء ،إلا أنه يحاول كشف عناصر أخرى للإيقاع ، لم يشملها العروض التقليدي، الذي ينحصر في الإيقاع الخارجي، أو ما يسمى موسيقى الإطار، والإيقاع بمعنى آخر ظاهرة تقوم على التكرار المنتظم، ويلعب الزمن فيها دوراً مهماً ، فهو اسم جنس والوزن إقليم من أقاليمه . والإيقاع غير الوزن ، فكثيراً ما يتعرض الوزن إلى كثير من التغييرات( الزحافات والعلل)، بينما الإيقاع حركة الأصوات الداخلية التي لا تعتمد على تقطيعات البحر أو التفاعيل العروضية ،وتوفير هذا العنصر أشق بكثير من توفير الوزن ،لأن الإيقاع يختلف باختلاف اللغة والألفاظ المستعملة ذاتها ،في حين لا يتأثر الوزن بالألفاظ الموضوعة فيه تقول ” عين ” وتقول مكانها “بئر ” وأنت في أمن من عثرة الوزن . أما الإيقاع فهو التلوين الصوتي الصادر عن الألفاظ المستعملة ذاتها فهو يصدر عن الموضوع في حين يفرض الوزن على الموضوع . هذا من الداخل ، وهذا من الخارج .
على أن أكثر الأبيات الشعرية امتلاءً بالمعنى وأكثرها حيوية هي التي تتوازى فيها حركات الإيقاع الموحية والحركات العقلية، والإيقاع هو الذى يلون كل قصيدة بلون خاص ، فالأقرب لطبيعة الشعر أن يكون إيقاعياً لا وزنياً ، أما العروض فلا يفرق بين الفتح أو الضم أو الكسر.
و إذا كانت الموسيقى في العروض هى المعرفة الجماعية بزحافاته وعلله وقوافيه ؛ فإن الإيقاع هو المعرفة الخاصة والعزف المنفرد ، أي إنه من قبيل الإبداع وبقدر ما يكون للشاعر إيقاعه الخاص وصوته الفردي يكون إبداعه وأصالته. والإيقاع ينقسم إلى جزئين:
التناغم الشكلي: الذي يتضمن في رأيه إيقاع المفردات بالنظر إلى بنيتها المقطعية ، وتبيان التناغم الذي تحدثه الظواهر الصوتية في بعض مفرداته ،وإيقاع الجمل التي تقوم بنيتها على أساس التصدع ،وتقوم حركتها بتقديم تشكلات مقطعية ؛ وفاعلية نبر وفاعليات صوتية ودلالية .
التناغم الدلالي: الذي يضم إيقاع التواصل ؛ أي انسجام حركة الدلالات فيما بينها ؛ بما يدفع إيقاعاً يحمل خصائص متشابهة ؛ مما يفيد ولادة حركات جديدة، قد تحمل خصائص مغايرة.
فالإيقاع هو السبيل الذى يستند إليه الشاعر فى حركة المعنى ، وموسيقى الشعر ليست الوزن السليم ،وإنما الموسيقى الحقة هي موسيقى العواطف والخواطر ،تلك التي تتواءم مع موضوع الشعر، وتتكيف معه. وقد يكون الإيقاع “وحدة النغمة التي تتكرر على نحو ما في الكلام أو في البيت ، أي توالي الحركات والسكنات على نحو منتظم في فقرتين أو أكثر من فقر الكلام ، وتقابله التفعيلة في البحر العربي .. فحركة كل تفعيلة تمثل وحدة الإيقاع في البيت، أما الوزن فهو مجموع التفعيلات التي يتألف منها البيت ، على اعتبار أن البيت هو الوحدة الموسيقية للقصيدة العربية.
إن الإيقاع ليس مجرد الوزن الخليلى أو غيره من الأوزان بل هو لغة ثانية لا تدركها الأذن وحدها بل الحواس ، فالإيقاع هو الوعى الغائب / الحاضر وله علاقة ثنائية بالأجواء الشعرية فهو يستحضرها ويبثها ، إ نه النظام الذى يتناوب بموجبه مؤثر ما ( صوتى أو شكلى ) أو جو ما ( فكرى أو روحى ) ، ( حسى أو سحرى ) وهو كذلك صيغة لعلاقات ( التناغم ، التعارض ، التوازى ، التداخل ) فهو – إذن – نظام أمواج صوتية ومعنوية وشكلية ، ذلك أن للصورة إيقاعها كما للقصيدة – بصفة عامة ايقاعها ” فالقيمة الجوهرية لمفهوم الإيقاع أنه ليس ملزما على نحو أقنومى ، بل هو عنصر دلالى بالغ الاتساع ، بحيث يمنح الشاعر أكبر مساحة ممكنة من الحركة والفعل الشعريين غير متقيد بكيان شكلى معد سلفا.
الإيقاع أوسع من العروض ومشتمل عليه ، وخطأ العروضيين التقليديين من عرب وغيرهم هو عدم ادراكهم لاتساع الإيقاع وخصيصته ، فللشاعر الحرية فى ايجاد إيقاعه الخاص ، وهذا ما يميز المفهوم الحديث فى الشعر عن المفهوم القديم الذى كان يصر على نوع معين من قواعد الوزن، وهو يميز المفهوم القديم والحديث للشاعر.
إن لغة الشعر تنظيم اللغة العادية على المستوى الصوتى والصرفى والنحوى والدلالى . وثمة ربط بين مفهوم ” إعادة التنظيم ” وبين ” الإيقاع ” على أساس أن اعادة تنظيم العناصر الصوتية فى القصيدة يخلق تكرارا منتظما لها فى الزمن ؛ أى أنه يخلق نظاما صوتيا ( الإيقاع ) فهو مكون من العناصر الثلاثة ( الصوتى والصرفى والنحوى ) والتى لا تستحق أن تعتبر عناصر إيقاعية الا إذا توفرت فيها النظامية ومن ثم يمكن اعتبارها أنظمة فرعية للنظام الأكبر ( الإيقاع ) .
و لما كان الإيقاع الشعرى واحدا من مكونات النص الدلالية فقد اتسم هو أيضاً بالسمة التى أفردت شعر الحداثة مما سواه من شعر ؛ فصار إيقاعا غامضا لا يتميز بذاته وإنما يندمج بنائيا فى البنية النصية الكبرى حاملا نصيبه من دلالتها ، ومن ثم أصبحت القصيدة قانون نفسها ؛ ولذلك فهى تخلق قانونها الموسيقى الخاص النابع من حركتها الداخلية ، وعليه صار الإيقاع إشكاليا إلى حد بعيد فى شعر الحداثة ، فهو يتولد عن أرضية لم يعد فيها الوزن المحك الرئيسى لشعرية القصيدة .