عنوان الدرس : تحليل نص سيغموند فرويد : البنية النفسية الثلاثية للشخصية
المادة : تحليل النصوص – الفلسفة
الشعب: جميع الشعب (علوم تجريبة وعلوم رياضية وعلوم اقتصادية وعلوم والتكنولوجيات الكهربائية…الخ)
المسالك: جميع المسالك (علوم فيزيائية وعلوم حياة والارض واداب وعلوم انسانية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية ..الخ)
- مجزوءة الوضع البشري
- المحور الأول: الشخص والهوية
- سيغموند فرويد البنية النفسية الثلاثية للشخصية
البنية النفسية الثلاثية للشخصية«إنّ الأنا مضطرّ لاّن يخدم ثلاثة من السّادة الأشدّاء، وهو يبذل أقصى جهده للتوفيق بين مطالبهم، وهي في الغالب مطالب متعارضة والتوفيق بينها مهمّة عسيرة إن لم تكن أقرب إلى أن تكون مستحيلة، فليس من الغريب إذن أن يفشل الأنا في أغلب الحالات في مهمّة التوفيق هذه، وهؤلاء المستبدّون الثلاثة هم: العالم الخارجي، والأنا الأعلى، والهو، ونحن عندما نتابع المجهودات التي يقوم بها الأنا بقصد الاستجابة لهذين النوعين من المطالب في وقت واحد، أي بطاعة أوامرهما في نفس الوقت، فإنّنا لن نأسف إذا ما كنّا قد شخّصنا هذا الأنا وقدّمناه كحالة خاصّة، فهو يحسّ بأنّه معرّض لثلاثة ضغوط ومهدّد من طرف ثلاثة أنواع من الأخطار يكون ردّ فعله عليها عندما تشتدّ معاناته منها هو توليد نوع من القلق، فهو من حيث إنّه نفسه نشأ نتيجة التجارب الإدراكية يتّجه إلى أن يتمثّل متطلّبات العالم الخارجي لكنّه يودّ أن يكون بنفس الوقت خادما للهو، ومتصالحا معه ومع حاجاته المستمرّة للإشباع …، إنّ الأنا في مجهوده من أجل التوسّط بين الهو والواقع، مضطرّ دوما إلى أن يموّه على أوامر اللاشعور بتبريرات متعدّدة، وإلى التخفيف من صراع الهو مع الواقع عن طريق نوع من التمويه الدبلوماسي والرّياء والتظاهر بأنّه يأخذ الواقع بعين الاعتبار ويراعيه حتّى ولو ظلّ الهو جموحا ومتصلّبا في مطالبه الملّحة على الإشباع، ومن زاوية أخرى فالأنا هو محطّ رصد من طرف الأنا الأعلى الذي يفرض عليه باستمرار المعايير التي يتعيّن عليه إتباعها في سلوكه دون أن تهمّه العوائق والصعوبات الآتية من الهو ومن العالم الخارجي، وإذا ما عصى الأنا أوامر الأنا الأعلى وتعليماته فإنّ هذا الأخير يعاقبه بأن يسلّط عليه مشاعر التوتّر والقلق التي يشكلّها لديه الإحساس بالدونية أو بالذنب، وهكذا يصارع الأنا وهو محاصر بين ضغط الأنا الأعلى ومطالب الهو وقوّة الواقع من أجل أن ينجز مهمّته في إحداث نوع من التوافق والانسجام بين هذه القوى والتأثيرات المتفاعلة داخله والمؤثّرة عليه من الخارج».(ترجمة فريق التأليف) |
تأطير النص
يندرج النص في إطار الاهتمامات المختلفة لنظرية التحليل النفسي مع عالم النفس النمساوي فرويد الذي حاول دراسة شخصية الإنسان بصورة مغايرة تعتمد طابع اكثر دقة وعملية، فكيف تعامل فرويد مع هذا الموضوع؟
صاحب النص
سيغموند فرويد ولد في السادس من ماي لسنة 1856 بفرايبرغ بالنمسا من عائلة يهودية، هاجرت عائلته إلى فيينا وهو في سن الخامسة من عمره، وعاش هناك حتى حدود سنة 1938 عندما ضم هتلر النمسا إلى ألمانيا، اضطر فرويد إلى تركها بسبب كونه يهودياً وعاش في لندن حتى وفاته بعد ذلك بقليل، درس فرويد الطب في فينيا أولاً، ليمارس هذه المهنة لسنوات عديدة، ولاحظ الصلة الوثيقة بين بعض الأمراض وأنماط سلوك مرضاه، فسافر إلى باريس سنة 1885 للتخصص هناك في دراسة ظاهرة الهستيريا والعلاج بالتنويم المغناطيسي، ثم انتقل إلى مدينة نانسي ليتتلمذ على أيدي العالمين الفرنسيين “شاركو” والطبيب “بروير” بالأساس في مجال التنويم المغناطيسي، عاد فرويد بعد ذلك إلى فيينا لاستخدام ما درسه في علاج مرضاه، لقد كرس فرويد جزأً من وقته في أواخر حياته لكتابة بعض الأبحاث التي تعدت مجال علم النفس المحض، وكتاب “قلق في الحضارة” هو إحداها، ويطرح في هذا الكتاب الصلة المركبة بين ظهور الحضارة وتقدمها وبين الجهاز النفسي وتأثير التقدم الحضاري فيه، وألَّف فرويد كتبا عديدة دار معظمها حول ظواهر الهستيريا والأحلام والتحليل النفسي، كما عرض نظريته في التحليل النفسي في جامعة كلارك في الولايات المتحدة في عام 1909، وأسس جمعية التحليل النفسي سنة 1910 في فيينا، وعمل منذ 1919 أستاذا في جامعة فيينا، وعانى من مرض عضال منذ 1923 إلى حين وفاته في 1939، ومن بين أبرز مؤلفاته نجد:
- الأنا والهو (1923).
- ذكريات طفولة (1917).
- محاضرات جديدة في التحليل النفسي (1915 – 1917).
- ما وراء مبدأ اللذة (1920).
- قلق في الحضارة (1929).
- الموجز في التحليل النفسي.
- الحلم و تأويله.
- محاولات تطبيقية في التحليل النفسي.
الطرح الإشكـالي
في هذا النص يحاول فرويد طرح إشكال عام كالتالي: ما هي العناصر الأساسية التي تنبني عليها الشخصية؟ وما هي الصيغة العامة التي من خلالها يمكن تحقيق التوازن؟
المفاهيم الأساسية
اعتمد فرويد على مفاهيم أساسية أهمها:
- الأنا.
- الأنا الأعلى.
- الهو.
- اللاشعور.
- الشخص.
الأطروحة
يرى فرويد في تصوره أن شخصية الإنسان هي عبارة عن صراع دائم بين مجموعة من الغرائز (الهو) والمثل الأخلاقية (الأنا الأعلى) وأيضا ضغوط الواقع الاجتماعي، لذلك فالأنا هو نتاج للتوازن والتوفيق بين هذه القوى مثلما هو أداة تحقيق هذا التوازن والتوفيق، لذلك فوحدة الشخص وحدة دينامية عسيرة ولا متناهية التحقق.
الحجاج
الحجج اللغوية
- أسلوب التأكيد: (إن الأنا…).
- أسلوب النفي: (ليست…).
- أسلوب الاستنتاج: (هكذا…).
الحجج المعرفية
- يرى فرويد أن الإنسان دائم الصراع بين عناصر ثلاث ليحقق التوازن ومحاولة التوفيق بينهما.
- التأكيد على أن هذا الصراع في غالب الأحيان ما يكون محاصرا بين ضغط الأنا الأعلى من جهة ومطالب الهو والواقع من جهة ثانية.
قيمة النص
إن قيمة النص تكمن بالدرجة الأولى في كونه يقدم لنا تصورا تفسيريا لمجموعة من العناصر المشكلة لشخصية الفرد، وبالتالي فالرهان لدى فرويد كان هو محاولة وضع تفسير دقيق لكيفية حدوث هذا التوازن.
خلاصة وتركيب
إن أهم ما يمكن أن نحتفظ به من خلال نص سيجموند فرويد هو عنصرين أساسيين:
- لا يمكن أن تكون الشخصية سوية بالشكل المطلوب إلا حينما تحاول التوفيق بين أبعاد الشخصية الثلاث.
- ثم أن هذه العلاقة حسب فرويد هي علاقة صراع بالدرجة الأولى.